الثقافية - عبدالمحسن الحقيل
الأدب في فضاء الشبكة العنكبوتية.. هل هو مكمل لحركة الثقافة؟ هل هو أحد روافدها؟ أم أن الطرح هناك لا يعدو كونه عبثاً وتسلية؟
ما إن تدخل منتدى أدبيا حتى تجد الأكاديمي المختص بجوار الأمي المتعلم !! هل هي مزية أم عيب ؟ هل هي طريقة للتلاقح الثقافي بين الفئات والأجيال؟
وما إن تضع رحالك مبسملاً حتى تلحظ شيئاً من التبعية لبعض الأعضاء وشيئاً من النفور من بعض آخر.. فهل هو مشهد صحي ؟
إلى أين تسير بنا هذه المنتديات وما أبرز ملامح وجودها ؟
نصحب اليوم أربعة مراقبين من منتديين كبيرين أحدهما (جسد الثقافة) المنتدى الذي يعده أصحابه أكثر المنتديات عناية بالأدب ومنه الأستاذ عبدالله فهد والأستاذ أيمن السليم، والآخر (شبكة الإقلاع) الذي يفاخر أصحابه بكونه أكبر المنتديات العربية على الإطلاق ومنه الأستاذ سلطان الحربي والأستاذ أحمد السهلي.. نصحبهم لنسأل فيجيبون وعسى أن يشفوا ظمأ السؤال بعذب الإجابات :
1- البداية مع الإنجازات.. ما هي أبرز إنجازاتكم على المستوى الأدبي والثقافي؟
عبد الله فهد (جسد الثقافة):
إنجازات جسد الثقافة لم تتوقف عند حد. استضفنا خلال السنوات السبع الماضية الكثير من الأسماء الأدبية البارزة على المستويين المحلي والعربي. منهم نجيب محفوظ، حنا مينة، الروائي الليبي أحمد إبراهيم الفقيه, وعبد الله الغذامي. أيضا قام المنتدى بإصدار مجموعة قصصية لبعض الأعضاء الموهوبين في مجال كتابة القصة القصيرة, وإقامة مسابقات في القصة القصيرة والشعر والفنون التشكيلية والتصويرية.
سلطان الحربي (شبكة الإقلاع):
الحقيقة نحن كفريق عمل نسير وفق استراتيجية شاملة ترتكز على عدة محاور وتهدف إلى تحقيق الكثير من الأهداف مستخدمين الكثير من الوسائل لتحقيق أهدافنا، فمثلاً قام بعض المشرفين بالاتصال ومراسلة عدد من الأدباء السعوديين من أجل كسب إهداء إنتاجهم الأدبي من روايات ودواوين شعرية لأعضاء المنتدى مثل الأساتذة (فهد المصبح وعبد الواحد الأنصاري وعبد الواحد اليحيائي, وغيرهم) وتم إجراء العديد من المقابلات مع رواد الفكر العربي كالمفكر والناقد علي حرب، وأيضا تم طباعة كتاب المارثون الثقافي الخاص بأعضاء الإقلاع وكذلك طباعة المفكرة القرائية التي كانت الأولى في فكرتها على المستوى العربي وكذلك طباعة فواصل متنوعة للكتب.
أيمن السليم (جسد الثقافة):
حقيق بالإشادة، الإنجاز الأوليَّ حينما أسس الموقع مطلع عام 2001م فكان ولا يزال (جسد الثقافة) منبراً مهماً في المشهد الثقافي، سواءً على الصعيد الأدبي أو الفكري أو الإعلامي، زُرعت بذرته حفاظاً على القيمة الثقافية بعد ذوبانها تدريجياً، وتلاشيها من العوالم الواقعية والافتراضيّة على حدٍ سواء، شعاره: (بزمنٍ انتشرت فيهِ ثقافة الجسد، آثرنا أن نبعثَ (جسد الثقافة) من خلال هذا المنتدى، فمد يدك معنا) فجعل من المشاركة الإيجابية المُختارة في محيطٍ مفترض تجمعاً ثقافياً، أدبيًّا مثالياً في الشبكة العنكبوتية.
بدأت قِصّة الإنجازات منذ ذلك الحين، حينما وجِدَ على سطح الشبكة مُحيط يؤثّل الهمم، ويؤصّل القيم للفكر والأدب. كان هذا الإنجاز داعياً ومحرضاً لأسماءٍ لها ثقلها الأدبي، وتاريخها الإبداعي في الانضمام إلى الركب، فكان لهم القيادة والتوجيه والإرشاد وكان للشباب المتابعة والمجاراة والمسايرة، فمضى الركب بالموقع هكذا بخبرةٍ وهمة. تذكرني البداية دائماً ببدء مجلة الرسالة والزيات واعتذار طه حسين.
من الإنجازات أيضاً تلك اللقاءات الكثيرة التي قام بها الموقع مع الوجوه البارزة في الساحة الأدبية والثقافية كالشاعر البحريني قاسم حداد، والناقد عبد الله الغذامي، والشاعر العراقي عدنان الصائغ، والدكتور أحمد مبارك البغدادي، والمبدع يوسف المحيميد، والناقد محمد العباس، وعلي الحازمي، والدكتور خالص جلبي، وأسماء لها باع وإبداع في المجالين الثقافي والأدبي، كما سلط الضوء على التجارب الإبداعية لكثير من الأسماء الناشرة في منتديات جسد الثقافة التي لا تزال متوهجة حتى الآن. ولم يكتف المنتدى في احتضان هذه الأسماء الرائدة، بل إن الحضور الإعلامي من رجالات الصحافة في الموقع رأب الفجوة بين المجتمع والصوت الثقافي والأدبي وردمه، كما أنَّ للموقع ارتباطاً كبيراً بالنوادي الأدبية في كل مدن المملكة، إذ إن أعضاء كثر في المنتدى ينتمون أيضاً لعضوية هذه النوادي الأدبية بل وإدارتها.
أحمد السهلي (شبكة الإقلاع):
ربّما لعدم جدّيتي في الأمر منذ البداية لم يكن اهتمامي منصبّاً على أن أخرج بشيءٍ يُقرأ على شكل كتاب أو مجموعة نصوص، وهناك غيري الكثير ممن لم يأخذ الأمر على محمل الجِد واعتبار أن الإنترنت مكان للتنفيس فقط ولا أنكر أن من بين الأعضاء الآن من بإمكانه الخروج بشيءٍ يستحق القراءة، شيءٍ يستحق أن يُطبع، والمؤسِف أن من بين هؤلاء الكثير ممن لا يهتم لهذا.
هناك من يعتقد أن ما يكتبه لا يستحق أن يخرج على هذا الشكل أو أنّه غير قابل للقراءة أو التعاطي سوى لمرّة واحدة فقط. أتمنّى أن أرى شيئاً وليداً لأحد كُتاب الإقلاع، ولا أخفيك أنني أتوقع حدوث هذا الشيء بأيّ لحظة في الأيام القادمة.
2- هل خرّج منتداكم شعراء أو قاصين أو روائيين دونوا أسماءهم على الكتب، أم اكتفيتم بالحضور في حدود الشبكة؟
عبد الله فهد:
لم ينحصر حضور الجسد في الشبكة العنكبوتية فقط، فكثير من الأسماء التي أثرت المشهد المحلي في السنوات الأخيرة هم أعضاء يكتبون في جسد الثقافة، ونسبة كبيرة منهم عملت في إدارة الأقسام الأدبية والفنية، فأفادوا واستفادوا من فضاء الحرية الذي يتيحه الموقع بعيدا عن بروتوكولات وسائل الإعلام التقليدية.
لو ألقيت نظرة على الملاحق الثقافية لوجدت أن كثيرا ممن يساهمون فيها كانت بداياتهم في جسد الثقافة وإن كانت مشاركتهم فيه بأسماء مستعارة.
سلطان الحربي:
نعم، كان للمنتدى دور في تنمية وتطوير مواهب الكثير من الأعضاء وإعطائهم الثقة ليصدروا إنتاجهم الأدبي من خلال الكتب.
أيمن السليم:
ربما لا يرغب بعض الأدباء بذكر أسماءهم لكن أكتفي بالقول: إنَّ أشهر من كتب الرواية السعودية هو عضو في المنتدى، ومن أشهر الشعراء العرب هو عضو في المنتدى أيضاً، ومن أشهر الإعلاميين السعوديين هو عضو في المنتدى، وهذا بالطبع مدعاة للزهو والمفاخرة.
أحمد السهلي:
إن حدث هذا فيما سبق فسأكون سعيداً جدّاً، أتمنّى أن تكون الفئة التي أراها مناسبة للقيام بهذا الشيء قد بدأت فعلاً في أخذ الأمر على محمل الجِد. وقد لا أكون مدركاً بكلّ ما كان قبلي، فالمنتدى من أوائل المنتديات العربية على الشبكة، وقد مر به الكثير من المبدعين الذين يكتبون في الغالب بأسماء مستعارة بعضهم توقف عن الكتابة والنشر لأسباب مجهولة. وبالتأكيد لن أبخس الموقع حقّه فهو منذ مدة طويلة قادر على هذا الشيء في كلّ الأحوال أن نعرف كاتباً كان أو ما زال ينتسب كأحد الأعضاء بالموقع ليس بالأمر المُستغرب. إضافة إلى أن هناك مشاركات وأمسيات شعرية لبعض الأعضاء كالأخ ناصر الفراعنة، لا أتوقع أن تخلو الساحة الثقافية أو الأدبية من أحد أعضاء الشبكة لدينا.
3- ما هي الآليات التي يتم وفقها اختيار المشرفين على أقسامكم الأدبية ؟ هل هي كفاءتهم أم وجودهم المستمر ؟
عبد الله فهد:
اختيار المشرفين في الجسد يعتمد في المقام الأول على كفاءة المشرف، وقربه من القسم الذي يتولى الإشراف عليه. كما أن عامل الوجود المستمر مهم جدا خصوصاً في الأقسام المزدحمة.
سلطان الحربي:
لا يمكن عزل الوجود عن المقدرة في تقييم النصوص الأدبية. فمنتدى الأدب بساحة الإقلاع لا يبحث عن الكم بقدر ما يبحث عن الكيف من خلال النصوص الجيدة وتشجيع أصحاب الأقلام الشابة من خلال تقديم النقد الهادف والبناء والتشجيع المستمر، لان هناك من يقيم تلك النصوص لغوياً وإملائياً وقبل ذلك كفكرة متميزة وهذا الأمر يتطلب مشرفين لديهم كفاءة ووجود مستمر.
أيمن السليم:
في البداية سأضيف كليمة هنا، هناك فرق بين آلية الاختيار وشرط الاختيار، فالكفاءة والوجود من شروط الاختيار، والترشيح والتصنيف والتصويت من آليات الاختيار. ثماني سنوات مر خلالها شخوص ووجوه على الإشراف في كل الأقسام الأدبية، كما مرّ عليه إدارات مختلفة كان لكلِّ إدارة منهجية خاصة في اختيار المشرفين. بالنسبة للإدارة الحالية فالشروط السابق ذكرها في سؤالك فاعلة لإتمام عملية الاختيار إضافة إلى ما يمكن أن يقدم هذا المشرف لقسمه في مسالك الدارجين ومدارج السالكين، نعم هناك من هو موجود بشكلٍ مستمر ولديه الكفاءة لكن لا يجد ما يقدمه لقسمه من جديد نحفل به صاعداً في معارج التطور الدائم لمواكبة بقيِّة الأقسام، لذا ففي هذه الحالة ينحى الاختيار منحىً آخر بكلّ تأكيد يجعل من هدف رقي المشرف بقسمه غايةً في الاختيار، والشروط وسيلة لهذا الاختيار، أمَّا الآلية فكل مشرف أراد التنحي عن الإشراف يرشّح عدة أسماء تعقبه في إدارة المكان، بعد ذلك تفرز هذه الأسماء للإدارة ويصوَّت بخصوصها، ومن ثمَّ تتم عملية الاختيار مع مراعاة شروطها.
أحمد السهلي:
لا يمكن أخذ الأمر بهذه الطريقة كفاءة العضو ليست وحدها سبباً كافياً لاختياره أو حتى ترشيحه وكذا الوجود، الأمر مزيج بين هذا وذاك إضافة إلى أمور أخرى يجب توافرها في العضو، أحدهم ذات يوم قال لعضوٍ تم تعينه للتو مشرفاً (أنت شخص يُحِب الجميع ويُحبّه الجميع) أرى هنا أن هذا المطلب مهِمٌ جداً لوجود المشرف وكل ما سيأتي بعده قد يكون مرهوناً بِه فحب المُلقي يكون سبباً كافياً للأخذ بما يقول . وبالطبع لا يمكن إغفال ضرورة وجود المشرف بشكل مكثف ومتابعته للموضوعات والردود المطروحة ومحاولة الإلمام بإمكانات كل عضو ليتسنى له فيما بعد معرفة مدى التغير الحاصل في أسلوب الأعضاء ومدى استفادتهم من النقد الموجه لحثهم على التطوّر في المجال الذي يحبون أيضاً، ولا يكتمل جميع ما سبق دون قدرة العضو وتمكّنه من القراءة الجيّدة وتحليله للنصّ وإن كنت أرى هذا الشرط مهماً للدرجة التي قد تحدد فيما بعد تطوّر المُشرف في أدواته من عدمها، فالقراءة الجيّدة المركّزة لكل نص أرى أنّها أصعب من كتابته. كما ينبغي على المشرف أن يلاحظ الفروق الفردية وما يملكه كلّ عضو.
ولباقة المُشرف وأسلوب تعاطيه للنصّ ورؤيته للكاتب إن كان ما أتى بِه موافقاً لإمكاناته أم أنها دون ذلك وعدم القدح أو الإحباط من كل محاولات الكتابة وكأنه لا يُمكنه أن يأتي بأفضل من هذا ولعلّ هذا يكون سبباً في استمرارية الأعضاء في القسم من عدمها.
4 - نلحظ أن الردود على النصوص لديكم دون المستوى المأمول هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي تحفل بشللية مقيتة تزين الرديء وتقبح الجميل.. ما تعليقك ؟
عبد الله فهد:
لا أتفق معك على التعميم في هذه المسألة لأن التفاوت في الردود على النصوص الأدبية موجود في كل المنتديات. وأرى أن عدد الردود ليس هو الحكم على جودة النص، فبعض النصوص تتضمن إثارة ورؤى مختلفة مستفزة لذلك تكثر فيها الردود حتى وإن كانت دون المستوى الأدبي. أما الشللية فليست حكراً على النت. في كل وسائل الإعلام والمحافل الأدبية تظهر المجاملات والشللية . صحيح أن نسبة حضورها في النت أكثر من سواه بسبب القدرة على التواصل مع أكبر عدد من الأصدقاء، لكن ذلك لا يعني أن كل الردود تأتي بسبب الشللية.
سلطان الحربي:
دعني أكون صريحا.. في أي مجال إعلامي هناك سلبيات وإيجابيات والشللية موجودة في كل المجالات الإعلامية والإنترنت ليس استثناء من ذلك، ولكننا نحاول قدر الإمكان الحد من تلك السلبيات من خلال نشر الوعي ويتجسد ذلك من خلال محاولتنا الدائمة والمستمرة مع المشرفين بأهمية الحيادية والبعد عن الشللية، ونحن نسير بخطوات جيدة لتحقيق هذا الهدف أما أن الردود دون المستوى المأمول فهذا أيضاً صحيح فنحن نتعامل مع الكثير من الهواة وليس مع محترفين ولكن من خلال تكرار المشاركات يرتقي وعيهم وقدراتهم الكتابية أيضاً وهذا ما نراهن عليه.
أيمن السليم:
ربما يلحظ الزائر لجسد الثقافة هذه السمة، ولكن حينما يكون من أهله وعضواً فيه فإنه يجد عكس ذلك فرغم أنَّ المداخلات في النصوص فقيرة في كمِّها إلا أنها غنية في كيفها ومضمونها، فيجد في الردِّ الواحد ما يغنيه عن ردودٍ كثيرة تذروها الرياح، فكاتب النصِّ أيَّاً كان جنسه الأدبي يعرف أنَّ كلمات الإجلال والتبجيل التي تزخر بها أغلب المواقع لا توجد في جسد الثقافة بل كل عضوٍٍ يريد أن يسجل بصمته التي تليق به في محفلٍ أدبي بنقدٍ أو مناقشة أو مجادلة تحت إطار النص، لذا أقول إنَّ بعض الكلام قليله كثير، وكثيره قليل، والأول هو ما يتسم به منتدى جسد الثقافة. بالنسبة - للشللية المقيتة - حسب تعبيرك فإن المنتدى بريء منها براءة الذئب من دمِ يوسف، لكن هناك من يرى بذات العدسة للردود، والسؤال لمه؟ الحقيقة أنَّك تعلم والجميع أنَّ لكل مدرسة أدبية أو فكرية روادها ومحبيها داعين لها أحياناً، هذا ما يحدث، فالمنتدى يحمل أمشاجاً من المذاهب الأدبية والفكرية بإبداعٍ وابتداع يشعل الانتماء في أقلام البعض، والعكس عند البعض الآخر وليس من حقنا مصادرة حرية هؤلاء في التعبير عن مواقفهم الفكرية والأدبية - مع أو ضد - فرادى وجماعات، وهذا الاختلاف في التعبير حيال مستجدات القضايا الأدبية والفكرية اختلاف صحّي يرفد بثقافة المجموع، ويسقي بقاع المضاد في المنهج، وتباين يمزج المشارب المتنوعة بطريقةٍ تخدم الأدب، ولكن الأكيد أنَّ هذا الاختلاف صنفٌ من الفرادة تحسب للموقع لا عليه.
أحمد السهلي:
الشلليّة بالمنتديات هذه ظاهرة واضحة ولا يُمكِن لأحدٍ ألاّ يلاحظها، وإن كنت أرى أن للمسؤول عن القسم الدور الفاعل هُنا في خلق جوٍ أسريّ بين الأعضاء يُذيب فيه الحواجز ويُقرّب الأحرف لبعضها، ناهيك عن ظاهرة أخرى قد تُفسّرُ على أنّها شللية بينما هي أقرب للمزاجيّة، فهناك حتماً من يقرأ بِصمت دون المشاركة وفجأة يجد نصّاً أثار شهيته للكتابة.
هناك من لا يروق له قراءة أي شيء بل يشده نوع من الأدب دون غيره، في الطرف الآخر هُناك من يرى أنه قد يكون غير مُرحَبٍ بِه في هذا الموضوع باعتبار رؤيته أن الموضوع حق شخصي للكاتب، ناسياً أن ما يُطرح من نصوص فإن للجميع حق إبداء الرأي بغض النظر عن اسم الكاتب.. هُناك من يعتقد أنّه لن يُضيف شيئاً للنص المطروح فلا ضرورة لأن يُشارِك، من هُنا نرى أن الأسباب متعددة والرؤية واحدة بأنها شللية وهذا ما يعيق تقدّم أي قسم، لكننا نسعى إلى خلق بيئة تواصل مناسبة تشعر الجميع أن عليهم الأخذ بيد بعض في جو.
5- أنتم متهمون بانتمائكم لبعض فنون الأدب دون بعض فالقصة والخاطرة لهما نصيب الأسد لديكم. ما رأيك ؟
عبد الله فهد:
هذا اتهام جميل لكن يبدو أن الذي أطلقه حصر زياراته للموقع بقسمي القصة والخاطر، ولم يترك لمتصفحه حرية التجول بين أقسام المنتدى الأخرى. قسم التصوير الضوئي على سبيل المثال في جسد الثقافة يشارك فيه نخبة مميزة من المهتمين بالتصوير في المشهد المحلي، واستطاع أن ينافس المنتديات المتخصصة بهذا الفن ويتفوق على كثير منها. كذلك قسم الفن التشكيلي يقدم دروساً تعليمية للمهتمين بهذا الفن، ويعرض فيه الكثير من التشكيليين أعمالهم الجديدة.
سلطان الحربي:
بطبيعة الحال القصة والخاطرة هما أكثر الفنون الأدبية حظوة بالاهتمام سواء من خلال منتدانا أو باقي المنتديات وحتى من خلال الصفحات الأدبية بالصحف لأسباب كثيرة لعل من أهمها الشعبية الكبيرة التي تحظى بها هذه الفنون عكس الشعر الفصيح مثلا، أما الرواية فمجالها هو النشر من خلال الكتب لصعوبة تصفحها من خلال الإنترنت ولرواجها الكبير في هذه الفترة من خلال تبني الكثير من دور النشر طبعاتها وتوزيعها بعائد مادي مجزٍ لصاحب الرواية ومردود إعلامي كبير. يعني المسألة عرض وطلب وليست رغبة منا في هذه الفنون الأدبية فقط.
أيمن السليم:
بالاحتكام إلى لغة الأرقام نجد أنَّ منتدى الشعر الفصيح ومنتدى القصِّة والرواية يتساويان تقريباً بعدد الردود والموضوعات مما ينفي شبهة الاهتمام - وهنا أقول اهتمام، لا اتهام - بقسم على حساب آخر. هذا ما يجعل الأقلام في تخالفها وتحالفها بأجناس الأدب تجد محلها في جنبات المنتدى دون سوط العنجهية الفارغة، وعصا الإقصاء المقيت، فلم يوصد المنتدى رتاج فنٍّ من فنون الأدب لأجل آخر، ولم يصمّ أذنه عن صوت فنٍّ لأجل آخر. على الرغم من ذلك فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون الانتماء لبعض أبواب الأدب تهمة!.
أحمد السهلي:
نحن بِكل الأحوال نسعى لتنقيح وتطوير ملكة العضو إن كانت قصة أو شِعراً أو نثراً واكتشاف إن كان يمتلك أو بإمكانه إظهار توجّه آخر قد يناسبه أكثر.
ليس من السهل أبداً إيجاد شاعِر أو رِوائي على طبق من ذهب، أيضاً لا يمُكن الإجحاف بالشعراء الموجودين حالياً، هناك أسماء كبيرة بإمكاني المراهنة عليها بأنها لو أُعطيت الفُرصة لأحدثت ضجّة في مجال الشِعر.
منذ فترة أقيمت لدينا فعاليات ومواكب تحرّض بخوض هذه الاتجاهات، هناك من استطاع ركوب الموجة والإبداع فيها، وهناك من لم يرغب خوض التجربة، وفي كل الأحوال هي نابعة من قناعة العضو نفسه فيما يمكنه أن يفعل من عدمه.
6 - ما زلتم تصرون على طرح قضايا أصبحت ميتة وقتلت بحثاً ونقداً كالنقاش حول قصيدة النثر.. ما مبرراتكم ؟
عبد الله فهد:
لا أرى مبرراً لاتهامنا بطرح مثل هذا القضايا لأن الأعضاء والمشاركين في الموقع هم من يطرحون القضايا ويشبعونها جدلاً ونقاشاً. إدارة الموقع لا تجبر العضو على الكتابة عن قصيدة النثر، أو أفضلية الرواية على الشعر، ولا تحدد لهم المحاور التي يكتبون عنها ويتحاورون حولها.
طرح مثل هذه القضايا أمر عائد للعضو نفسه، ولأننا نسعى لإيجاد بيئة أكثر حرية، نترك له خيار الكتابة فيما يشاء حتى وإن اختلفنا معه في وجهات النظر.
سلطان الحربي:
بالعكس العالم الافتراضي لعل من أهم مميزاته مناقشته وطرحه للقضايا الساخنة في كل المجالات والأدب ليس استثناء من ذلك.
أيمن السليم:
في العرف (المنتدياتي) - إن صحّت التسمية - حينما تُطرح قضيَّة ما، فإن من يتبنَّى هذا الطرح هو الكاتب وليس المنتدى، المنتدى وطن مفترض يشمل تعددية فكرية وأدبية. هذه نقطة جوهرية يجب أن تُعلم قبل أن أعرّج حول قصيدة النثر، وأشرع بالإجابة.
في قسم الشعر الفصيح هناك أعضاء رواد لقصيدة النثر في الوطن العربي ينشرون قصائد تندرج تحت هذا اللون الأدبي، كما أنَّ هناك فئة مضادة في الرؤية الشعريّة وهم أتباع مدرسة الإحياء - الكلاسيكيون - هذا ما يجعل طرح قصيدة النثر للنقاش أمراً متجدداً وحيوياً في ظل وجود أطراف متناقضة دون أن يكون الجدل إقصائيًّا يرفع معاول الهدم للنسق والإرث التراثي في الشعر أو الشعر ككيان، كما لويس عوض حينما كان يقول عن الشعر: (حطّموا عمود الشعر، لقد مات الشعر العربي، مات بموت أحمد شوقي، مات ميتة الأبد، مات!) هذا الطرح ونوعه هو ما يقتل القضية في رحى النقاش، لكن حينما تجعل قصيدة النثر عنواناً ومحوراً لقضية يتجادل فيها الأعضاء، والمواد الأخرى للأدب واللغة فإن الأطراف في الحوار يسيرون بالأدب على نواميس الضاد يبتغون بديعها ورفيعها، ويزيدون من حميميّة نفعها وألفة قرعها.
أحمد السهلي:
لا أعتقد أن هذه القضية تتداول بنفس الحدة كما في السابق، شعر النثر فرض نفسه على الساحة الشعرية على الرغم من الكثير من الأصوات التي كانت تخرجه من عباءة الشعر وتنادي بإقصائه، كونه دخيلاً على حد تعبيرهم ولأنه لا يلتزم بالشعر العمودي المتعارف عليه، برز في هذا المجال شعراء كبار استطاعوا برهنة أن الشعر الحقيقي لا يمكن حصره وتقييده بنمطٍ معين ما يميز هذا الشعر في الغالب جودة الصور الشعرية التي يحملها التي لم تكن لولا تلك المساحة التي تدفع الشاعر على التحليق في سماء الشعر.