في لحظة ودون أن تكون قد هيأت نفسك دون أن يخبرك حدسك أو يخبرك صديق أو تهمس في أذنك قوقعه صغيرة، هكذا وأنت جالس، أو واقف، صامت أو تتحدث، تتناول غداءك أو تقرأ رسالة أو تتذكّر وجهاً أحببته أو حتى كرهته .. هكذا دون إضاءة أو إشارة هكذا وفي يوم عادي جداً تفقد (غالياً)!
يطل عليك الموت بوجهه البشع يخبرك أنه موجود وأنه الأقوى وأنه حين يحضر لا يحضر غيره وحين ينطق لا ينطق غيره، يخبرك كم أنت صغير وكم أنت ضعيف وكم أنت (عارٍ) أمامه.
قبيحة هي (الدنيا) عندما تبرز لك أنيابها ومليئة بالزيف والكذب .. كل ما فيها (يكذب) حين تنظر إليها مجرداً .. حين تقف معها وحيداً..
وصادقة تكون تلك اللحظة .. تخبرك أيها (العابر) أنك مجرّد عابر وإنها مجرّد سبيل .. قد ترحل منها اليوم أو ترحل منها غداً .. لا فرق، أنت راحل لا محالة راحل دون رفقة:
- كلهم غرباء
كلهم غرباء تلك اللحظة، (لحظة الحقيقة) لحظة السكون .. حين تختفي الأصوات ويختفي الضجيج، تختفي الوجوه البشعة، وتختفي الجميلة، لا أحد حولنا عندما تصمت الأرواح وحده الخوف يحاصرنا، يعزلنا، يقتلنا..
كم هي قبيحة هذه الحياة وكم هي باهتة عندما تفقد غالياً:
لم تكن محض أخشاب
تلك الجنازة
نثارات ريش ترفُ،
مراكب طافية،
تلك حكمة جدي
تحس وداعتها
وحشة الميتين
سيأتي العيد غداً سيطرق الأبواب، سيضحك لنا أو علينا، لا يهم، إنه عيدي المختلف، عيدي الذي لا يشبه العيد..
قد أكون فيه أو لا أكون (لا أعلم) .. فروحي تتأرجح بين اليأس واليأس .. تنهزم تارة وتارة تنهزم !
لا يهم..
إنه العيد الذي سيأتي غداً وفي العيد (فرح) وإن أبى الفرح.
فكل عام وأنتم أحياء..
كل عام وانتم هنا أيها (الأصدقاء).
- من ديوان الدكتور محمد حبيبي (أطفئ فانوس قلبي).