المعارض الشخصية (الإطلالة المتسرعة)!
|
*محمد الخربوش
يحرص الأغلبية من الفنانين التشكيليين والتشكيليات على إقامة معارض شخصية لأعمالهم الفنية، ويأتي هذا الحرص رغبةً من الفنان أو الفنانة في تقديم أنفسهم إلى الساحة وتقديم ما لديهم من أعمال تعطي المشاهد إطلالة على أسلوب ومدرسة ومستوى هذا الفنان، وبالتالي يتمكن الفنان أو الفنانة أيضاً من سماع الآراء المختلفة حول تجربته سواء من زملائه الفنانين أو ممن يمتلكون أدوات النقد من مختصين ومهتمين ومتلقين وخلافهم.
وحقيقة هذا التوجه من التشكيليين والتشكيليات هو حق مشروع لهم لتقديم ما لديهم وبالتالي تقديم أنفسهم وتأكيد أساليبهم وخطهم الفني وتقنياتهم، لكن ما يبعث عن الدهشة بالفعل هو الاستعجال الذي نراه عند الأغلبية ممن يقدمون لنا معارضهم الشخصية الأولى حيث لاحظت أن معظم العروض التي اتيحت لي الفرصة بزيارتها واطلعت عليها يلاحظ عليها الاستعجال، وبالتالي قدمت وهي لا تزال تجارب ومحاولات تمت من قِبل الفنان (العارض) للبحث عن أسلوب ومدرسة وتقنية مناسبة له ولإمكاناته وقدرته الفنية والتقنية أي أن معظم هذه التجارب مازالت محاولات تبدو مرتبكة وغير قادرة على تقديم نفسها للمشاهد خصوصاً إذا علمنا أن معظم ما يُقدم في هذه المعارض الشخصية لا يعدو عن كونه (تكرار طرح) لتجارب آخرين أو محاولة لتقليد آخرين سوء في الأسلوب أو التقنية وبالتالي تأتي هذه الأعمال لتقدم (صورة باهتة) لهذا الفنان خصوصاً أن هذا العرض يعتبر هو الاطلالة الأولى من قِبل هذا الفنان على الساحة، وقد يكون هذا العرض (صدمة) للمشاهد وبالتالي أيضاً قد تظل هذه الصدمة السلبية عالقة في ذهن المتلقي عن أعمال هذا الفنان فترة طويلة من الزمن، وبالتالي يجد الفنان صعوبة في مسح الصورة الهزيلة التي قدم الفنان من خلالها نفسه للمتلقي للوهلة الأولى ما دعاني إلى التطرق إلى هذا النوع من المعارض هو ما لاحظته من استعجال غريب من قِبل البعض من التشكيليين والتشكيليات وان كانت النسبة لدى التشكيليات أكثر وكأن الفنان لا يستطيع تقديم نفسه إلا من خلال معرض شخصي.
لست محبطاً لحماس هؤلاء ولست ضد انتشارهم وحضورهم ومحاولة إثبات وجودهم في الساحة لكنني على يقين بأن الظهور الأول للفنان أو الفنانة مهم جداً لأن هذا الظهور الأول هو في الغالب الصورة التي سوف ترسخ في ذهن المتلقي عن هذا الفنان وعن أسلوبه وتقنياته ومن هنا فإنه من واجب الفنانين أن يكون حضورهم من خلال مشاركتهم المستمرة في المناسبات التشكيلية المختلفة والمعارض التي تُقام هنا وهناك من خلال عمل أو عملين فقط يكون الفنان قد بذل فيها كل الجهد ووضع فيها كل خبرته وثقافته ومقدرته الفنية ليقدم نفسه بصورة جيدة تساعده مستقبلاً على الاستمرار والتواصل.
أما ما نشاهده اليوم من تسارع البعض، وأكرر البعض من الاستعجال في تقديم أنفسهم من خلال معارض شخصية أو ثنائية فهو من وجهة نظر شخصية استعجال في غير محله وإلا فما معنى أن نجد فناناً أو فنانة يعلن عن إقامة معرضه الشخصي الخامس أو العاشر الذي قد يتجاوز رقماً سنوات خبرته.
أتمنى على الإخوة التشكيليين أن يدركوا جيداً أن المعارض الشخصية يفترض فيها أن يقدم الفنان من خلال تجارب جديدة وتقنيات جديدة أيضاً تعطي مؤشراً إيجابياً عن هذا الفنان ومدى التقدم الذي طرأ على أعماله فنياً وتقنياً وفكرياً وبما يؤكد أيضاً مسايرته للعصر وتطوراته ونقلته التقنية والحضارية والآلية المدهشة بما لا يضر بالأصالة والموروث والهوية.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|