برعاية الأمير أحمد بن عبدالله الدبيان يقيم في الدرعية أول معارضه الشخصية
|
إعداد: محمد المنيف
تبقى محافظة الدرعية رمزا تاريخيا ومصدر إلهام ثقافي يجذب المفكرين والمبدعين في مختلف روافد الثقافة، ومنها الفنون التشكيلية، حيث وجد فيها الكثير من الفنانين العرب والعالميين منابع إثراء للوجدان لتبعث في وسائل تعبيرهم الحياة والحيوية، فسخروها لتسجيل انطباعاتهم ومشاهداتهم لواقع يزخر بأبعاد تاريخية وأنماط معمارية وعبق بطولات.
لقد نقل أولئك الفنانون من أوروبا وأمريكا ومن وطننا العربي روعة الدرعية ومنهم على سبيل المثال الفنان (فيليب بوشارت) الذي سجل الدرعية بسرياليته ونشرها في كتابه (رحلة من السريالية إلى الاستشراق) معلقا على إحدى لوحاته (مبنى قديم بالدرعية) قائلا (لقد أصبحت الدرعية من الأماكن التي يسهل الوصول إليها والتي يتوق الجميع إلى زيارتها. وفي هذا المكان يحدثك التاريخ، وفي هذا المكان تجد الهدوء.. إنه بحق المكان المناسب لأن يستجمع الفنان أفكاره تحت سماء يوم من أيام الشتاء الدافئة). تلك اللوحات لهذا الفنان ولغيره تستحق المشاهدة لنقلها رسائل تتضمن دعوة للحضور والتعرف عن قرب على هذه المحافظة التي تحتفظ بتاريخ وطن بأكمله.. هذا الجمال في هذه البيئة وفيما يعيد فينا الاعتزاز بأول عاصمة للدولة، حيث يجب أن تكون محركا ومحرضا للإبداع عند التشكيليين في الرياض لزيارتها وإقامة معارض فيها.
***
المعرض الخطوة الأولى
تلك النظرة وتلك العلاقة الروحية بين المبدعين والدرعية وعلى مختلف مراحل إبداعهم كانت من أهم ما دفع الفنان الشاب فهد الدبيان ليقيم أول معارضه الشخصية في الدرعية، يدفعه التفاؤل بنجاح الخطوات القادمة، بناء على ما تحقق له من رعاية واهتمام بمعرضه من قبل صاحب السمو الأمير المهندس أحمد بن عبدالله محافظ الدرعية وبحضور نخبة من متذوقي الفنون من أصحاب السمو والمسؤولين والفنانين والإعلاميين.. ويُقام حاليا في المركز الشامل بالدرعية وتستمر فيه فترة الرجال إلى نهاية يوم الثلاثاء، لتبدأ زيارة السيدات مساء يوم الأربعاء 19-11- 1426هـ على شرف صاحبة السمو الملكي الأميرة مشاعل بنت عبدالإله بن عبدالعزيز.
يشتمل المعرض على مجموعة متميزة من أعمال النحت، وهي نتاج مرحلة متواصلة من عطاء الدبيان، تحول فيها من مرحلة التعرف على أدواته إلى مرحلة التنفيذ المتقن المحقق للفكرة التي يميل في تنفيذها إلى الرمزية، مسخرا خامة الحجر الرخام لإبداع عدد من الأعمال التي تحمل إيحاءات ومضامين مرنة يمكن لكل مشاهد أن يراها بمختلف زوايا الجمال بما تتضمنه من تأويلات وإيحاءات عائدة من أبعاد وجدانية مكتنزة ومختزلة بإحساس جمالي راقي التلقي. الفنان الدبيان من جيل الشباب الحريص على إثبات ذاته عبر تجاربه قبل البحث في دهاليز الإعلام لنشر خبر أو صورة، معللا ذلك بشعوره بأن لديه جديدا لم يظهر حتى الآن.. تقنيته تأتي مكتسبة من خلال متابعته لتجارب مَنْ سبقوه، مع حرصه على ألا يكون نسخة منهم؛ فهو يمعن النظر في ظاهر وباطن ما يراه من أعمالهم.. يغوص في أعماق فلسفتها.. ثم يعود إلى محترفه ليمزج هذا كله بما يشعر به من مختزل ذاتي تشكل بكثير من الرؤى الجمالية والرؤية الخاصة لتحقيق إنجازه، مع ما كان لحضوره السابق مع زملائه أعضاء مجموعة الدوادمي من فتح سبل معرفة واقع هذا النمط من أنماط أو وسائل التعبير في الفنون التشكيلية، فأصبح أكثر قربا من المتلقي.. مكتسبا كيفية التعامل مع الجمهور.. مقتربا من ملامسة موقعه في المنافسة من بين النحاتين محليا وخليجيا وعربيا بخطى واثقة نحو تحقيقها.
المركز والنشاطات الثقافية
المعرض مقام حاليا في صالة مركز التأهيل الشامل بالدرعية الذي يثري المحافظة بالكثير من النشاطات الثقافية، مقدما قاعاته لمختلف المناسبات الثقافية والتوعوية، ومنها المعارض التي تعنى بالجمهور وتوعيته والارتقاء بالذائقة.. وقد كان لنا إطلالة موجزة عن المركز وجهنا من خلالها سؤالا عن إمكانية إقامة معارض تشكيلية.. فأجاب مدير المركز الأستاذ سامي الربيعان مرحبا في البداية بتشريف المحافظ للمعرض، ومرحبا بالمعرض وبالفنان الدبيان، مشيرا إلى أن المركز وبكل ما فيه من مرافق بما فيها القاعات الثقافية، وبتوجيهات من معالي وزير الشؤون الاجتماعية وسعادة وكيل الوزارة، مفتوحة لكل نشاط فيه خدمة للوطن والمواطن، ومنها الفنون التشكيلية. مضيفا أنه سبق للمركز استقبال معارض متنوعة منها معرض أسبوع المرور الخليجي الأخير ومعرض التوعية بمضار المخدرات بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، إضافة إلى معارض أخرى.
***
الفكرة واستشراف الاهتمام
من خلال لقاءاتي بالفنان فهد الدبيان المتكررة أُعجبت بعمق علاقته بإبداعه وبحثه في تطوير ذاته ومنافسته الشريفة للآخرين وسعيه إلى أن يجعل لإبداعه موقعا مشرفا في مسيرة التشكيل المحلي، رغم أن هناك الكثير ممن لهم تجارب في مجال النحت، ومع هذا استطاع أن يجد طريقه بينهم بهدوء رغم ما قابله من مواقف كادت أن تحبطه.. فوجدت في تواجده في الدرعية على مدى عام لتنفيذ أعمال لتجميل المحافظة ما دفعني لطرح فكرة أن يقيم له معرضا في الدرعية، وكنت متخوفا من أن يتردد أو يرفض الفكرة نتيجة نظرته المتواضعة لأعماله رغم تميزها بشهادة الكثير وبما كتبه عنها النقاد، مع ما أتوقعه له من تسهيل سبل تنفيذ المعرض ونجاحه نتيجة معرفتي التامة بصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله محافظ الدرعية ومهندسها وما يحمله للثقافة والإبداع من تقدير ومتابعة رغم مشاغله الرسمية، فهو مهندس يضم بين أضلعه قلب فنان يرى كل شيء جميل ويسعى إلى الأخذ به. هذه المعرفة المسبقة كشفتها الأيام التي تلت قناعة الفنان الدبيان بالفكرة، مع أن البدايات محفوفة دائما بالصعوبات لكل فنان خاصة إذا لم يكن أمامه من يفتح له سبل تحقيق البداية.. بعدها تلقيت الاتصالات من الفنان وعلى مدار الأيام التي سبقت الافتتاح يحمل فيها مشاعر السعادة، مثمنا وشاكرا ما تلقاه من اهتمام صاحب السمو الأمير المهندس أحمد بن عبدالله وقبوله الدعوة لافتتاح فترة الرجال وقبول سمو حرمه الدعوة لافتتاح فترة السيدات، ما أزاح عنه الهم الكبير وجعله ينظر لهذه الخطوة بكل اعتزاز، إضافة إلى تقديره لما حظي به من تعاون من المسؤولين بمركز التأهيل الشامل ومن الفنان عبدالعزيز الرويضان الذي سانده في استكمال مراحل تنفيذ معرضه وتأمين كل ما يتعلق بمستلزمات العرض، مستفيدا من الخبرات الطويلة للفنان عبدالعزيز الرويضان في مجال المعارض وتجربة النحت التي يعد فيها من الفنانين البارزين محليا.
***
الدرعية ودعم الفنون
إقامة معرض تشكيلي في الدرعية لفت نظر الكثير من المهتمين والمحبين لهذه المحافظة والعارفين أيضا بحرص محافظها صاحب السمو الأمير المهندس أحمد بن عبدالله على كل ما يتعلق بخدمة المجتمع والمواطن ومنهم المبدعون.. من هنا تبادر إلى ذهني فكرة إقامة نشاط تشكيلي يستلهم فيه الفنانون ملامح الجمال ونفحات التاريخ، كل بأسلوبه وأدواته علّ أن يكون هذا النشاط بمثابة ملتقى سنوي يدعى له في كل دورة نخبة من الفنانين ويقام له معرض خاص يحمل اسم الدرعية يمكن أن يتنقل بين مختلف المحافظات ويتم دعمه من رجال الأعمال بالمحافظة وهم كثير.. فمثل هذه الأماكن والمواقع محفورة في ذاكرة الجميع، ومنهل يستقي منه الشعراء والكتاب والمؤرخون.. ومرجع لكل ما يضمن نجاح العمل ويحظى بالمتلقي. ولعل مركز التنمية الاجتماعية بالدرعية وهو المؤهل والمعني بمثل هذه الأنشطة كما نشاهدها في مناطق أخرى ومنها على سبيل المثال مركز التنمية بالقطيف الذي هُيئت فيه السبل للتشكيليين هناك، جعل لهم قاعدة جماهيرية متذوقة للفن على مستوى المملكة.
monif@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|