عمارة يعقوبيان تزداد شهرة بالمعارك والاتهامات الابن يسطو على ميراث أبيه
|
* القاهرة عتمان أنور:
يبدو أنّ رواية عمارة يعقوبيان، للأديب علاء الأسواني، أصبحت تكتسب شهرتها من المعارك والخلافات التي تدور حولها، فما تكاد الرواية تخرج من مأزق حتى تقع في مأزق آخر، وفي الوقت الذي كف فيه النقاد عن تناول الراوية بالنقد الأدبي، أصبحت محل اتهام من قِبل العديدين .. فبعد اتهام سكان العمارة الأصلية - الواقعة في وسط القاهرة الأديب بالإساءة الى صورتهم في الرواية، وأقاموا الدعاوى القضائية ضده، تأتي أحدث الاتهامات الموجّهة للرواية وصاحبها، وهي أنّه سرقها من والده عباس الأسواني الذي كان يكتب القصة والرواية أيضاً، وزعم البعض أنّه - علاء - وجدها في خزانة أبيه بعد رحيله وورثها مع ما ورثه، ثم أزال عنها الغبار وقام بنشرها.
الاتهام الجديد الذي يردده البعض في الوسط الأدبي، يراه علاء الأسواني شائعة مغرضة هدفها النّيل منه، ومبعثها الغيرة من الرواية التي نالت شهرة واسعة.
غير أنّه وبغض النظر عن حقيقة ما حدث، فإنّ الاتهام بوراثة الرواية يفتح الباب أمام قضية وراثة الأدب وهل من حق الابن أن يرث والده أدبياً ! وما علاقة الأبناء بإبداع آبائهم، وهل يقرأونه ويتواصلون معه ؟!
***
معايير أخلاقية
يرى الأديب والناقد الدكتور طه وادي أنّ كلّ كاتب رهينٌ بما كتب، ولا يمكن أن يرث الابن أباه في التراث الفكري، وطوال العصور الماضية لم يجرؤ ابن أن استولى على تراث الأب ونسبه له، فهذا لم يحدث في التاريخ، وإذا حدث هذا يُعَد مؤشراً للفساد وانعدام المعايير الأخلاقية، فلا بد أن يكون الشخص حارساً على تراث أبيه.
ويضيف وادي أنّ الإبداع طريق يجتازه كلُّ من توفّرت لديهم الموهبة والإحساس بالقلم، والموهبة لا تورث كما أنّها لا تخلق من عدم في نفس الوقت، فلا بد من وجود البيئة التي تساعد أصحاب هذه المواهب، وهناك أسماء عدّة لأبناء نشأوا في حضن آبائهم الأدباء وتأثروا بهم ووجدوا طريقاً لإظهار موهبتهم، منهم بهاء جاهين نجل الراحل صلاح جاهين وأمين حداد نجل الراحل فؤاد حداد ومنار حسن فتح الباب ونهى يحيى حقي ونسمة يوسف إدريس وغيرهم، لكن توفّرت فيهم الموهبة في الأساس، غير أنّ هناك أبناء لأدباء آخرين لم تتوفّر لديهم الموهبة، فابتعدوا عن طريق الأدب والإبداع مثل أبناء يوسف القعيد وسعيد الكفراوي وغيرهم. ويؤكد الشاعر ماجد يوسف أنه لم يعرف عن عباس الاسواني، والد علاء، أن قدّم عملاً باسم عمارة يعقوبيان، وأنّ ما قدّمه هو المقامات الاسوانية، والاتهامات الموجّهة في هذا الصدد تخلط بين الحقيقة والخيال، فالكاتب أو الروائي يعطي فرصة كبيرة للبناء الروائي للخروج من الواقع، ويحتفظ بالصورة والشخوص ويعيد بناءها، فهذه الرواية من نسج الخيال، والروائي له الحق في ذلك ولو استقى من الواقع، أمّا عن الاستعانة بالأفكار فإنّ المؤلف أو الكاتب قد يتأثر بأسلوب ما ويتعلمه، ويعيد فرزه فرزاً جديداً ليخرج العمل في شكل جديد.
ويرى الناقد الأدبي الدكتور عبد المنعم تليمة أنّ الجانب الفكري يُعد إبداعاً خاصاً بالفرد، والإبداع الفكري يُعد معبراً عن خصوصية أكثر للأولاد، بمعنى أنّ الأبناء نتاج مشترك ولكن الثمرة الفكرية لا تنسب إلاّ لفرد واحد هو صاحبها، ولا يحق للابن التعديل أو الإضافة للعمل الفكري، فالإبداع الفكري لا يورث. ويضيف تليمة أنّ هذه الأزمة ظنية ولست في منطقة اليقين، فقد شكّك البعض من قبل في رواية السقا مات ليوسف السباعي وقالوا إنّها بعيدة عن أسلوبه وطريقة تفكيره، ولكن كانت هذه اتهامات غير مبررة وغير صحيحة، وهى معارك لا أساس لها من الصحة.
***
أبناء المبدعين
وعلى صعيد الأبناء يرى بهاء صلاح جاهين أنّ الأدب لا يورث، وعلى مستوى مسيرتي الخاصة فإنّ كتابتي للشعر لها علاقة مباشرة بالبيئة التي نشأت فيها، فقد وجدت فيها قيمة الفن والفنان ومن خلال المناقشات الأدبية ما بين الأدباء والفنانين الذين كانوا يأتون لبيت صلاح جاهين، مما كان له أكبر الأثر في اختصار الوقت لعملية التعليم من خلال خبرات مكتسبة، ولكن كان لدي الاستعداد الفطري للشعر.
وترى الأديبه منار حسن فتح الباب أنه ليست من الضرورة أن ابن الشاعر والأديب لا بد أن يكون كذلك، فكثير من المبدعين أصبحوا شعراء دون ان يكون الأب شاعراً، ولكن من المؤكد أنّ البيئة الأدبية مؤثرة على الأديب أكثر من مسألة الدم الأدبي، فمن خلال تشجيع الأب وكذلك وجود مكتبة بها الكثير من أمهات الكتب، ينشأ الطفل محباً للأدب، ولكن البيئة الفنية وحدها لا تمنح كلّ شيء فهي تمنح الجو العام وتهيئ المبدع نفسياً لتحقيق ذاته ليكون المنتج الأدبي في النهاية ذا مستوى عال من الجودة والتميُّز ومما يؤكد القاعدة بأنّ من الضرورة أن يصبح الابن موهوباً في الأدب مثل ابيه، هناك أبناء للعديد من المبدعين بينهم وبين الإبداع الأدبي فوارق شاسعة .. فيوجد أحمد يوسف القعيد خريج الكلية البحرية الذي يؤكد أنّه لم يقرأ مطلقاً لأبيه ولا يشغله الأدب، فكل هواياته تتركز في السباحة والاسكواش، وكان بطل مصر للسباحة عام 87، كذلك ألعاب الجري والقفز بالمظلات، أيضاً أبناء الأديب سعيد الكفراوي عمرو وحوريس وأبناء الأديب محمد البساطي ياسر وهشام، وهم لا يجدون في إبداعات آبائهم شيئاً يجذبهم إليها، إلى الدرجة التي وصف فيها محمد البساطي حالة أولاده أنّ باب النجار مخلّع.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|