قصة قصيرة رحيل لم يكتمل
|
النهايات دائما حزينة.. هكذا كان يشعر.. يتنفس.. نسمات هوائه الدافئة تقبل وجهه.. وتعانق يباس ايامه.. يتمدد في الافق.. ينثال بهدوء حيث يريد.. يقفز من خلال الغيمات هنا.. وهناك.
ابتسامته.. ووجه المندي ببقايا وضوئه.. وتلك النظرة الصامتة.. وغيمة تمطر تباريح .. منسية.. لا زال يحملها في صدره.. وبقايا صورة، لم تكتمل، ككل شيء عرفه ذات يوم، هي كل ما تبقى له منه ذلك الانسان الذي كان، تمر سنوات.. مرت سنوات.. الذاكرة لا تخون.. لا زال يحمله في صدره يبتعد كثيرا ولكن.. العروق.. راكزة في العمق.. تتنفس الحنين.. تشتاقه، تيبست اشياء كثيرة في حلقه .. اسماء.. امكنة.. جروح هو فقط لا زال متربعا في ثوبه الابيض، ولحيته المتلبسة بشيء من بياض وابتسامته.. ووجه المندي وغيمة تمطر.. تباريح في مكانه حيث كان.. هو فقط ذلك الانسان.
«عش كثير تشوف كثير».. هكذا كان يقول، دائما، كل شيء ممكن.. نحن فقط من نقرر ماهو غير الممكن. شربت الارض عرقه.. امتصت شبابه.. ولكن النتوءات لم تنخر احلامه.. وبأحلامه كان يعيش.. يتنفس .. وينام حين ينام ليرتق بقايا الاحلام.. يعيد تشكيلها.. يرسم لها رؤى جديدة.. يضيف شيئا جديدا، ابدا لم يحرق احلامه.. وبعد ان رحل .. هل حقا رحل..؟ لم يذبل فلا زالت الغيوم.. واوراق النعناع ترسم احلامه.. من جديد، ولا زال ذلك الشجن الذي يحمله.. يسري بهدوء .. وحزن.. في كل ما حوله ذات يوم.. اوراق شجيرات .. وبوح المساء.. تشتاقه.. تشتاق دفئه، الحديث عن الراحلين صعب.. يهرب من ذاكرته، يشتت بقايا جسده في ارض الله، يبكي كل شيء ويكتشف انه انما كان يبكيه.. يستعيده في مرفأ حزين.. يعيد تشكيل الغيوم.. ليرسمه للمرة الالف، منذ ان فقده في ذات مساء فقد تعابير روحه، فقد بريق عينيه، فقد الدفء في صوته، منذ ان فقده ذات مساء تبيست تعابير وجهه، تجمدت، اختلفت الحياة، فقدت بريقها ايامه، استحالت ايامه روزنامة صغيرة يقلبها كل صباح عندما يجلس الى مكتبه لتعيد الى ذاكرته بقايا حنين موجع، لذلك الراحل الذي كان.
السماء تمطر، تغسل بقايا ذاكرته، يرقب المشهد من نافذة مكتبه، يزداد تحديقا لقطرات تنكسر على ضفاف احلامه، يشعر بلهفة اللقاء يخرج لاستقبال الحياة، تعانقه تحدثه عنه، يحدثها عنه، يرتعش شجنا، ويختلط ملح السماء بملح الارض، انتم كالطيور الزغب غدا تنتشرون في ملكوت الله هكذا يعلن عندما يحس بشحوب المكان يقتلنا لم يعلم بأنه سيبقى حبلنا السري الذي يشدنا كلما لفحنا الحنين الى ضحكته، لم يعلم انه حيث كان ترجع الطيور.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|