رسائل..! قراءة استنطاقية لعناوين البحوث والرسائل الجامعية خالد أحمد اليوسف
|
يأتيك اتصال من أحدهم او إحداهن لمعرفة مصادر ومراجع البحث المقرر من اللجنة المشرفة قبل تعيين استاذ مشرف على هذا الطالب او الطالبة، وتبدأ الحوار معه من خلال معرفتك بأمور كثيرة تتعلق بهذا الفن او الجمال الفكري:
* ما هو موضوعك؟
حقيقة لا أدري ولكن خيرت بين عدة موضوعات آمل منك مساعدتي في أيها أسهل وأسرع توفراً للمصادر!
* لكن ما شأني في هذا الاختيار؟ أليس البحث من عملك؟ ونجاحه نجاح لك؟ أنت ما هي ميولك؟ اين تجد نفسك فيما بين هذه الموضوعات؟
ابدا انا لا أميل للأدب ولكن المهم ان احصل على شهادة الماجستير بأي طريقة كانت!!
هذا بعض او مثال لحوارات طويلة ومتنوعة أتلقاها بين وقت وآخر لصفتي الببليوجرافية في الأدب السعودي، التي جاءت لتعيدني الى الوراء كثيرا اوائل هذا القرن 1400هـ، حيث كنا نفرح ونبتهج عندما نسمع ان فلانا من الباحثين قد حصل على شهادة الماجستير او الدكتوراه عن بحثه المعنون بكذا او كذا في الأدب السعودي ثم لم يمض وقت طويل إلا وقد طبع كمرجع مهم من مراجع الحركة الأدبية السعودية ويعتمد عليه كثيرا لانه اسس ووضع لبنة في هذا البناء الكبير، واقوى مثال لهذا رسائل الدكاتره محمد الشامخ وحسن الهويمل وسحمي الهاجري وحسن الحازمي وغيرهم، ثم تتالت هذه الرسائل في كل الموضوعات الادبية من جامعاتنا ومن الجامعات العربية بل والغربية، واليوم بعد مضي عقدين من الزمن ما هي الحال التي وصلت اليها رسائلنا؟
بداية يعلم المتابعون للدراسات الأدبية والنقدية الخاصة بالأدب السعودي ان ادبنا قد حظي بكم هائل منها على مدى العقود الثلاثة الماضية، في الداخل والخارج.. كتب وبحوث ومقالات طويلة وقصيرة، وهذه الحال منتشرة في كل الاوساط الأدبية: المؤتمرات والندوات واللقاءات ووسائل النشر والكتب والدوريات العربية واجزم انها تتجاوز الألف دراسة في كل الفنون الادبية، ولم تصل الى هذا الرقم الا بعد وصول الابداع عامة الى كل الوطن العربي، حيث فرض نفسه بقوته وتجاوزه كماً وكيفاً، مما لفت الانظار اليه في كل المحافل الأدبية والاكاديمية لهذا حينما نستطلع القوائم الببلوجرافية الخاصة بالبحوث الاكاديمية فقط خاصة بهذه المقالة والمتاح معرفته منها نجد ان المناقش والمطروح للاطلاع عليه اقل مما ينشر عنه في الصحف والدوريات او مما يعرف في الاوساط الاكاديمية، حيث ان المودع في مكتبة الملك فهد الوطنية لا يتجاوز عُشر ما هو مسجل في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية هذه ناحية، أما الأخرى فإن الرسائل الخاصة بأدبنا والمناقشة من كل جامعة او كلية علمية يتجاوز كذلك ما هو مسجل في المركز، أما العدد التقريبي:
كليات الآداب والتربية التابعة لتعليم البنات 40 رسالة.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 40 رسالة.
جامعة أم القرى 16 رسالة.
جامعة الملك سعود 11 رسالة.
جامعة الملك فيصل 8 رسائل
جامعة الملك عبدالعزيز رسالتان.
بخلاف الرسائل التي نوقشت في عدد من الجامعات العربية والغربية وهي كثيرة.
أما الموضوعات فقد جاءت على هذا النحو:
تاريخ الأدب والأدباء 29 رسالة.
السيرة الذاتية 3 رسائل.
الشعر 61 رسالة.
القصة القصيرة والرواية 35 رسالة.
المقالة رسالة واحدة.
وبنظرة موضوعية للعناوين من غير تحليل نقدي للرسائل وموضوعاتها وطرق الدراسة والتناول والتحليل نجد ان هناك سطحية في البحث وبعدا عن ابسط القواعد المعروفة في الرسائل الاكاديمية التي تتطلب: تصور موضوع البحث وتخيل فصوله كاملة ثم الاقتناع والاقناع في تبني الموضوع ثم الجدة والعمق والابتكار والتركيز والتحليل الموضوعي والتسلسل المنطقي والحداثة الفكرية والخروج بنتائج جديدة، هذا الاستنتاج لا ينطبق على كل الرسائل ولكن هناك ما يكشف نفسه من غير اطلاع او قراءة واقصد بهذا الحديث الضعف الموضوعي لبعض الرسائل من خلال العنوان ومثال هذا:
الشعر السعودي في حرب الخليج.
المدن والمعالم الحضارية السعودية في الشعر السعودي المعاصر.
الشعر السعودي في قضية البوسنة والهرسك.
بل ومن العناوين المثيرة للغرابة هذا العنوان:
وصف الطبيعة في الشعر السعودي منذ توحيد المملكة.. والغرابة تأتي من شيئين ان الشعر السعودي لم يسم ويتصف بهذه الصفة إلا بعد توحيد المملكة فلماذا يجمع بين اسمين في عنوان واحد؟ والاصح: وصف الطبيعة في الشعر السعودي ثم عنوان جانبي او شارح يوضح الفترة التاريخية اذا كانت هي المقصودة وإلا يكون الخطأ واضحا ويجب تصحيحه.
وهناك التكرار والتشابه في الرسائل بين جامعتنا والأمثلة كثيرة ومفجرة لاسئلة أكثر:
محمد حسن عواد: شاعرا
محمد حسن عواد: حياته وأدبه.
النزعة الإسلامية في الشعر السعودي المعاصر.
الاتجاه الإسلامي في الشعر السعودي الحديث: قيمه الفنية في موازين النقد.
الاتجاه الإسلامي في الشعر السعودي في المنطقة الغربية منذ قيام المملكة.
الرمز الإسلامي في الشعر السعودي المعاصر.
ضياء الدين رجب: في ديوانه زحمة العمر: سبحات رثاء.
ضياء الدين رجب: دراسة موضوعية وفنية.
الاتجاه الرومانسي في شعر يوسف ابي سعد.
شعر يوسف ابي سعد: دراسة موضوعية وفنية.
توظيف التراث في الشعر السعودي المعاصر.
اثر الشعر العربي القديم في ديوان الشعر السعودي الجديد.
الشيخ محمد بن عبدالله بن بليهد وآثاره الأدبية.
الشيخ محمد بن عبدالله بن بليهد: حياته، آثاره، دراسة أشعاره.
هذه العناوين وغيرها الكثير التي لا يتسع المجال لذكرها تدل على:
1 اختفاء التنسيق بين الجامعات لمعرفة الموضوعات المبحوثة والمطروحة بين طلاب الدراسات العليا لتلافي تكرارها او النقل من بعض!!
2 بعض التواريخ الموضحة لتاريخ المناقشة تثير سؤالا او تؤكد جوابا يثير الآخرين في مسألة الجدية البحثية ولماذا نكرر الكتابة في موضوع واحد؟، واقصد بهذا التقارب التاريخي بين البحثين او الثلاثة او اكثر وهو تقارب لا فسحة فيه للجديد او التطور او الإضافة!!
3 اهمال البحث والكتابة مما انتهى اليه الآخرون وكأنها قاعدة غير موجودة وهي مهمة لانها تكمل وتضيف وتجدد فيما وصل اليه الباحث الأول من الباحث الثاني.
4 غفلة مراكز البحث العلمي وعماداته وإدارات النشر الجامعي والأدبي من تبني الرسائل المميزة والمتفوقة في طرحها الموضوعي ونشرها وتوزيعها لكي يعرف المهتمون والباحثون الموضوعات المبحوثة اكاديميا وقد استحقت النشر..
5 الباحث من مشرفه.. والشيء الذي اقصده بهاتين الكلمتين ان المشرف المتمكن من عمله ومن أدواته لا بد ان يخرج لنا باحثا قويا متفوقا لأنه لن يرضى بأن يقال هذا البحث والباحث من مخرجاته او اشرافه ومتابعته.
6 في جدول الرسائل المناقشة من الجامعات نجد ان هناك كليتين هما الاكثر في عدد الرسائل وبشكل متقارب.. يثير سؤالاً: لماذا هذا الكم على حساب المضمون والكيف؟؟ نحن لا نريد رسائلنا خاوية وعددا نفاخر به.. بل لم تعد تفرحنا الرسائل كما كانت في السابق بسبب ضعفها! وكثرتها، نريدها رسائل مبهجة بجديدها ونتائجها وكشفها لبواطن ادبنا السعودي حتى لو كانت قليلة.
7 هذه الاستنتاجات لا تلغي فكرة تعدد الآراء ووجهات النظر في البحث او الدراسة لموضوع واحد من أدبنا السعودي!! بل واتفق اننا بحاجة الى اكثر من دراسة لعنصر او منحى او اتجاه في فن من فنون هذا الأدب، ولكن الملاحظ ان الباحثين لم ولن يدركوا هذه الإضافة والمطلب الملح من خلال ثقافتهم وفهمهم للبحث الأدبي! أؤكد ان هذه الملاحظة تنطبق على بعض الدارسين.
هذه بعض نتائج القراءة من العنوان لموضوعات رسائل أدبنا السعودي، أما المآخذ الفعلية والسقطات الفنية العلمية فهي كثيرة على عدد من البحوث والرسائل، لذا افترح رسالة علمية بل اكثر من رسالة تختص بدراسة هذه البحوث والرسائل لتكشف لنا بطريقة علمية نقدية اكاديمية الأخطاء التي وقع فيها الباحثون والدارسون لادبنا السعودي وسيخرج هؤلاء الدارسون بنتائج جديدة اذا ما طبقت المناهج العلمية في مثل هذه البحوث.
وبعد القراءة سوف اتيح للمتابعين معرفة هذه الرسائل قريبا في عمل ببليوجرافي يحصرها كاملة ما تم منها داخل المملكة او خارجها لأنها مهمة في سياق تاريخنا الأدبي وتوثيق لعطاء ونتاج علمي تركز في مضامينه على نتاجنا الأدبي.
kaym3hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|