أثر خفيف قوافل 18 علي العمري
|
تظل المؤسسات الثقافية الرسمية هنا تثير الكثير من الأسئلة في ظل عدم قدرتها على ممارسة دور ثقافي فاعل يستطيع أن يجتذب إليه المثقف والجمهور معاً خاصة في ظل ما تشهده اللحظة الراهنة من تدفق معلوماتي مرئي ومسموع ومقروء يأتي من مصادر متعددة ومتباينة في الرؤى والقصد، فلا جمعيات الثقافة ولا الأندية قادرة على ممارسة أي دور ثقافي وحواري جاد وذلك بالطبع لجملة من الظروف المختلفة ربما كان من أهمها غياب العناصر الثقافية الفاعلة عن العمل داخل هذه المؤسسات وبالمقابل الإقامة شبه الأبدية لعدد من الموظفين الذين يمارسون أعمالهم داخل هذه المؤسسات كمصدر للقمة عيش لا علاقة له إطلاقاً بأي نشاط ثقافي، هذا في حين أن المثقفين والكتاب في عزوفهم أو في استبعادهم من نشاطات هذه المؤسسات لم يستطيعوا إيجاد بدائل أخرى لتفعيل حوارهم وتحقيق نوع من التواصل الثقافي والإنساني فيما بينهم فضلا عن علاقاتهم شبه المعدومة بقرائهم، هكذا يحيا الكاتب والمثقف نوعا من العزلة الجبرية المرضية التي لن تساهم إلا في تدميره ذاتياً سلباً على المحيط الثقافي العام الذي يعاني الجمود والإحباط.
هذا التأمل في بؤس الآني الثقافي أثارته مجلة قوافل في عددها الجديد الصادر عن نادي الرياض الأدبي والذي يُعدُّ مفاجأة بالقياس إلى المتوقع من هذا النادي، فقد ضم الكثير من المواد الجادة والقابلة للقراءة والتأمل، فالدكتور سعد البازعي يقدم دراسة عن سؤال قديم جديد في آن هو سؤال الهوية الذي أصبح ملحاً خاصة بين الأقليات الثقافية والاجتماعية وبين مجتمعات العالم الثالث، الهوية التي تتباين حولها الرؤى بين من يراها حقيقة لا تمسُّ ولا يجوز التشكيك فيها وآخرين يفرغون الهوية من كل حمولاتها ولا يرونها إلا وهماً يجب تفكيكه ويركز البازعي على مفهوم الهوية في العالم العربي مصادرها وتحولاتها والتحديات التي تواجه الشخصية العربية اليوم من العولمة الغربية التي تسعى إلى «نمذجة العالم إلى غرار النمط الغربي» وأيضاً من هوية العالمثالثية التي هي «مزيج للهوية المحلية، أي للموثرات الثقافية الداخلية.. مع المؤثرات الخارجية الغربية». كما يقدم وديع سعادة حواراً لافتاً مع عدد من الشعراء العرب حول مفهوم الوطن والمنفى، وغربة المنفى وغربة المقيم، ويترجم سعود السويداء مقالة لوأكتافيوباث عن الشعر ومحاولته التخلص من سطوة التاريخ عبر علاقة جدل دائم على أن انحطاط التاريخ يؤدي حتماً لانحطاط اللغة، ويظل دور الشاعر البحث عن بعد جديد للغة الشعرية، ويؤكد باث على السطوة الشديدة للتاريخ اليوم التي أدت بالشعر إلى العزلة والسرية ليبحث في صمت عن «تعويذة تحمينا من شعوذة القوة والأرقام».
كما ضم هذا العدد دراسات نقدية أخرى ونصوصا شعرية مترجمة وقصائد نثرية وقصصاً قصيرة ومتابعات. ويظل السؤال قائماً إلى أي حد يستطيع نادي الرياض الأدبي المضي في طرح مختلف كهذا أم أن المسألة لا تتجاوز نزوة متحمسة خاضها يوسف المحيميد بمساعدة عبدالعزيز الصقعبي وتوقفا معاً مع صدور هذا العدد مباشرة.
alialamri2000@yahoo.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|