حاجة العرب إلى الرواية (1-2) سلطان سعد القحطاني
|
كانت حاجة العرب في الجزيرة العربية ملحة إلى معرفة ما يدور خارج الجزيرة، وكانت صلتهم بالبلاد المجاورة صلة مستمرة وهجراتهم وتجارتهم متصلة بها قبل الإسلام، ولا عبرة بقول البعض، ان العرب كانوا معزولين عمن حولهم من البلاد، لكن العزل كان عزلاً ثقافياً بسبب عدم تعمقهم في الديانات السماوية السابقة للقرآن الكريم، ولم يكن يعرفها إلا القليل من الرهبان، مثل ورقة بن نوفل في مكة، وإن كانت بعض المصادر تؤكد على وجود بعض الكتب في مكة قبل نزول القرآن، كما يذكر الجاحظ، لكنها لم تكن على مستوى ثقافي منتشر، مع أنهم تناقلوا ما يصل إليهم من الأساطير والحكايات مثلما أكد ذلك القرآن الكريم، وأن عندهم الاستعداد الكامل لتقبل القصص والحكايات، فكثر ذكرها في القرآن، كناحية نفسية، وكموعظة مباشرة، ومنها الإيمان بالسحر والجن واقتران الشؤم ببعض الحيوانات، بل ببعض الناس، وإن كان ابن خلدون يذكر في كتابه المقدمة أن العرب ليسوا بأهل كتاب ولا علم، فإنما يعني الكتاب المقدس وعلوم الأساطير وهذا ما جعلهم يعتمدون على أصحاب الديانات الذين دخلوا الإسلام، وما عندهم من علوم في الكتب السماوية يستعينون بها على شرح وتفسير بعض الآيات.
فالطبري يعتمد في تفسيره على ابن جريج، وهو نصراني رومي، فيما يخص النصارى، من آيات، ووهب بن منيه يهودي من اليمن، أسلم، وهو عليم بأخبار اليهود، ولم يقف المفسرون عند هذا الحد، بل قارنوا أقوال الرواة بدلالة اللفظ العربي، ولم يقف الرواة عند الخبر، بل تجدهم يسندون كل شيء إلى القرآن الكريم، ويذكر ذلك من خلال روايته للقصة بكل عناصرها. فإذا مر بذكر المكان توسع فيه وحدده جغرافياً، بالزمن الذي هو فيه، ويعطي صورة كاملة عند ذكر الشخصية، بل يدير الحوار إذا كان هناك حوار في الآيات، مثل الهدهد وسيدنا سليمان عليه السلام، أو النمل، أو الجن، وأحياناً يذكر العناصر الثلاثة كلها، في موقف مثل قصة موسى عليه السلام وبنات نبي الله شعيب، يذكر المكان والشخصية «موسى» والحوار الذي دار بين البنات وأبيهن، وبينه وبين موسى.. إذن فالقرآن الكريم كان حافزاً قوياً لنشر الرواية وتتبع الصحيح منها، ودلالتها على أشخاص معينين.
ولم تقف هذه الكتب التي اعتمد رواتها على الرواية المنقولة عن السلف، بل ظهر تأليف ابداعي، سواء توفرت فيه شروط الرواية، أو مجرد قصة أو تشكيل في النسب، أو رد على مذهب أو فرقة، فزياد بن أبيه يؤلف كتاباً يثبت فيه نسبه، بعد أن أتهم بغمز النسب، ويذكر مثالب العرب، وكان ذلك بطلب من الخليفة معاوية، ومناظرات بين السنة والشيعة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|