قصتان قصيرتان محاولة للإفلات! جار الله سالم العميم
|
عندما وقعت أنظاره على ياسمينة عند دخولها الغرفة، كان الباب موصداً عند النصف. كان قبل ان يهم لاغلاق النصف الآخر للباب، تذكرّ أنَّ ياسمينة والغياب استطاعا ان يتعرَّفا على أقفال البلدة!
ابتسم كثيراً بوجه الفقد وهو يردد انشودة الاحتضار تنازلياً. فوجد حتى الخوضع للأمور النسبية ليست إلا مضربا لمثل سخيف. تعالت ضحكاته كفقاعة صابون استوطنت على كف طفلة وهي تركض نحو الشمس. فلم يتوقع هذا التحول في ليلة كان القمر فيها يزاحم نصف الشهر. فأطفأ أنوار الغرفة وهو في سباق مع الزمن، لاغلاق الباب كاملا وفتح نافذة على القدر. كانت نافذة غرفته يحفها من الخلف أنفاس ياسمينة. عندما كانت العصافير تطير الى السنابل لتعود وترى، كيف اكنت ياسمينة تُسقي الصبح بالورود؟!
أخذ يحدق نحو المسار البعيد الى ابعد ما كان الليل في ضوضاء وسكون. حتى ان بدا العالم له وكأنه في زقاق ضيق على مقربة من جسده (لم أكن أعلم ان الإفلات منيّ أصبح سجانا حتى حين علمت ان الإفلات منك صار سجينا). أطال في وقوفه عابراً تضاريس الزمن باحتياج رحب الى عيني ياسمينة، السوداء المائلة الى العسلية، والذي عندما كان يفتعل الشجار لرؤية كيف تسقط دموعها الى اعلى كان لا يتردد باحتضان عينيها والصعود الى دموعها!
أغانٍ شعبية!
توارى خلف عَدِمه والذي لا يعني للبراري أي شيء، استطاع ان يفكَّ هذا العصيان بمحاولة يائسة لتجاهل هذا الحشد الكبير من الأعشاب الميتة، يقف مُلتهباً على الأفق الفسيح بانتظار المطر كما لم يسمع عن شُّح حتى الجدب، يستسلم للاصفرار على ان يتسابق مع زرقة السماء بأغنية، يغنّي بصوت نشاز.
وتضع الجبال صخورها على أعشابها!
يمدُّ خطاه الى التربة المتجمدة من فعل البرودة، يمشي وحيداً جميع اصدقائه الذين حضروا معه الى هذا المكان استقلوا سياراتهم وذهبوا الى غير رجعة، لم يبالِ بأحد عندما نعت احدهم هذه الغرابة بأن يبقى مع الذئاب مُجرَّداً من كل شيء!
كانت الشمس تتهادى الى ما قبل احتضان الغروب بساعات قليلة، لم يفكر اطلاقاً بمصير الأعشاب الميتة والبذور الواهنة عندما يعود الى ادراجه مهزوماً كان بين لحظات وقوفه وشعوره بالخوف ينادي جدّه بصوت عالٍ، كان بعد كل خطوة وخطوة، يقف وينادي ليتحول المكان الى صدى مصدوماً بالموت!
جدُّه الذي كان يأتي به الى هنا عندما كان صغيراً، لتجتمع العائلة كلها على انشطار نار الى نصفين.
نصف للنساء عندما تتراقص الأدخنة مع أغانيهن الشعبية.
والنصف الآخر عندما كانت تُلاحقه الادخنة ويختبئ خلف جدّه.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|