«مكة 1426» العاصمة الثقافية الإسلامية «22»
|
بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 1426هـ، عقدت إدارة التحرير للشؤون الثقافية ندوة عن (عاصمة الثقافة الإسلامية) يوم السبت 2131426هـ الموافق 304 2005م وشارك في هذه الندوة:
1 الدكتور منصور الحازمي.
2 الدكتور ناصر بن سعد الرشيد.
3 الدكتور محمد خير البقاعي.
وأدار الندوة الدكتور عبدالله المعيقل وحضرها الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية، وكانت محاور الندوة عن الاحتفاء بتلك المناسبة وعن الحياة العلمية والأدبية في مكة وصورة مكة في كتابات الرحالة والمستشرقين.
الرّحالة
د. محمد خير الدين البقاعي كنت قبل يومين اقرأ كتاب (الإسلام والغرب) لبرنار لويس، وعندما يتحدث عن الإسلام فإنه يتحدث عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، الإسلام إذا صح في عبارته، الإسلام العربي والإسلام التركي العثماني، والإسلام الهندي والعجيب أن كل هذه الأمور لديه هي إسلام واحد، وفكرة المستشرق برنار لويس لطيفة أن الإسلام هو واحد عند هؤلاء جميعاً. وادخل في حديث من كتاب برنار لويس الى الرحالة لأقول ينبغي أن نميز بين المعلومة وبين مصدر هذه المعلومة وبين توظيف هذه المعلومة. وأنا لا ألوم أي اجنبي وعلى رأسهم بيرتون الذي جاء الى مكة ليتجسس لان هذه وظيفته، وهو وطني في منظور بلده لأنه يأتي ليبحث عن معلومات لبلده. لكن المعلومات التي كتبوها عن مكة معلومات لا نجدها في مكان آخر، مثلاً، ومعلومات حتى يوم الناس هذه ما زالت معلومات لم تستغل كما قلت مثلاً يقول والد بروست وهو طبيب فرنسي أبو مارسيل بروست الأديب المشهور، وهذا الطبيب جاء الى مصر لقضية الكوليرا وانتشار الكوليرا في مكة المكرمة إبان موسم الحج والقضية النظافة والامراض في الحج وفي مكة قضية دخلت فيها الثقافة ودخلت فيها السياسة وبريطانيا كانت تريد أن تجد لها موطأ قدم في الديار المقدسة، عن طريق ان الهدي الذي يقدمه الحجاج في (منى) يسبب انتشار الكوليرا بسبب أنه لا يدفن وينبغي حتى إذا دفن ان يحرق حتى لا يسبب الكوليرا واحراقه يحتاج الى شركات فأرادوا أي البريطانيين ان يدخلوا من هذه الناحية، عن طريق طبيب مصري اسمه صالح صبحي عندما قال: لازم تحرق هذا الهدي حتى لا تنتشر الكوليرا. فجاء هذا الطبيب وجلس في مصر وقال: أنا نصراني ولا يمكن ان ادخل مكة لكن آتوني بترابت من (منى) فجاءوا اليه بتراتب من (منى) وقام الطبيب بتحليل هذا التراب واكتشف ان لتربة (منى) ظاهرة او خصيصة ليست لأي تربة في العالم وهي أنها تتمتع بما يسمى ظاهرة النترجة أي انك اذا دفنت هذه السنة الهدي فإنك في السنة القادمة لا تجد له أثراً أبدا ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان تنطلق الكوليرا من (منى) أو (مكة). على مر الدهور من يوم سجل ذاكرة التاريخ قضية الكوليرا في مكة لم تنتشر الكوليرا في مكة وانما حُملت اليها. وقولنا هذا جاسوس أو غير جاسوس هذا لا يهمنا، الذي يهمنا هو المعلومة، وان تكون مصدر تلك المعلومة موثقة، وصورة مكة لدى هؤلاء كابن جبير عندما نتحدث عن رؤية الهلال في مكة المكرمة، كانوا ينتظرون الهلال ليبدأوا بالعمرة وسموها العمرة الرجبية، وابن جبير يقول: كان الناس في الحرم جالسين ينتظرون ظهور الهلال وكان الجو ملبداً بالغيوم ولا يمكن لأحد ان يرى شيئاً، وفجأة احد الحاضرين كبّر فكبّر الناس وراءه وأصبحوا يشيرون الى شيء لا يرونه بل يتوهمون رؤيته، وذهبوا الى القاضي وشهدوا بأنهم رأوا هلال شهر ذي الحجة، فالقاضي كان عاقلا وحصيفا ورجلا ذا ثقافة حيث قال لهم: والله لو شهد لي أحد أنه رأى الشمس في هذا اليوم لما صدقته على أن يرى هلالا عمره 29 يوما. والرحالة الأجانب لم تكن فكرتهم تختلف عن هذه الفكرة، يقول ناصر الدين دينيه وهو مسلم فرنسي ولم يظهر إسلامه في البداية قال: عندما درس الرحالة مجتمعين هؤلاء الرحالة وعلى رأسهم بيرتون يظنون ان المسلمين أغبياء. وجاء بشواهد تدل على ان المسلمين كانوا يعرفون ان هؤلاء هم جواسيس لكن هذا من المسكوت عنه، (بيرتون) جاء الى مكة وكان معه خادم مسلم كان في مصر وأمه كانت في مكة ويريد أن يزور أمه واختلف الخادم مع (بيرتون) و(بيرتون) استرضاه وقال: تعال حتى آخذك الى أمك في مكة حتى تراها لأنك لا تستطيع السفر. هذا الخادم الذي هو مكي ومسلم هل يمكن ان يخفى عليه ان بيرتون غير مسلم، طبعاً لا، لذلك ناصر الدين دينيه قال: انتم يابوركهارت وبيرتون و... إذا كنتم تظنون انكم تخدعون المسلمين فهذا من أوهامكم، الآن هناك حقيقة رحالون غربيون مسلمون جاءوا الى مكة، الآن هل هم مسلمون، (هلا شققت عن قلبه).. هناك كورتلمون الذي تسمى ب(عبدالله بن البشير)، هذا الرجل شخصية غربية وعجيبة وهو أول من التقط صورة بانورامية لمكة المكرمة، صعد الى جبل ابي قبيس وكان يخبئ الكاميرا في سجادة الصلاة وصعد مع مرافق والتقط أول صورة بانورامية لمكة المكرمة والتقط أول صورة ملونة للحرم المدني. هذا الرجل اسلم واهتدى الى الإسلام وأخذ شهادة من مفتي المالكية في مكة المكرمة الشيخ محمد بن عابد وأخذ منه شهادة تفيد بإسلامه وكتب عن مكة ثقافة عجيبة جداً الى حد أنه اورد أغاني بنوتها الموسيقية من مكة المكرمة. وعندما حاولت ان اجد اثرا لهذه الأغاني الآن في مكة وسألت المكيين عندما ذهبنا الى ندوة الحج لم يكن احد يعرف عن تلك النوتة الموسيقية، كما سجل عبدالله بن البشير الفلكلور، سجل وكتب وقال ان مفتي المالكية الشيخ محمد بن عباد أفاده بأن لديه مخطوطة تثبت ان اللغة العربية هي أفضل لغة في الدنيا. وهؤلاء الرحالون الذين دونوا لنا كل هذه المعلومات. وهذا الذي أوردته غيض من فيض. وكتاب (من رحلات الفرنسيين) يتضمن أشياء عجيبة وغريبة دونها هؤلاء عن مكة المكرمة. هذه المعلومة كما قلت ينبغي باختصار ان نميز بين المعلومة وبين صاحب هذه المعلومة وبين استخدام هذه المعلومة. يذكر ان هناك غازيا برتغاليا كانت لديه فكرة مخيفة جداً، كان يريد أن يدخل الى البحر الأحمر وان يستولي على المدينة المنورة ويستولي على ضريح النبي صلى الله عليه وسلم وان يحمل جثته ويبادلها بالأسرى النصارى الذين كانوا لدى المسلمين وهذا مدون ومعروف. وكل هذه الأمور ينبغي ان تدرس دراسة مفصلة ودراسة علمية لم يقم بها حتى الآن مسلم وللأسف أخاف ان يقوم بها مستشرق بعد قليل وان نجلس ايضا نشتم في هذا المستشرق سنوات قادمة ونحن غير قادرين على القيام بمثل هذه الدراسات لأنها دراسات مكلفة وتحتاج الى مجاورة تحتاج الى تفرغ علمي ونأتي بعشر علماء مسلمين متقنين لهذه الأمور ونضعهم في مكة ويجاورون ويكتبون عن هذه الأمور إذا كان هناك دحض يدحضون وإذا كان هناك قبول يقبلون عند ذلك تكون مكة (عاصمة الثقافة الإسلامية) بل (عاصمة الكون) لأنه عبارة (برنار لويس) ان الإسلام دين كوني والمنافسة بينه وبين المسيحية في هذه النقطة حيث ان كلا الديانتين تعد نفسها ديانة كونية وينبغي على الناس ان يتبعوه.
الصورة
د. عبدالله المعيقل هل لاحظت ان هناك صورتين لمكة واحدة عند الرحالة المسلمين والأخرى عند الرحالة غير المسلمين.. كيف تجد تلك الصورتين.. هل الرحالة المسلمون تختلط في كتاباتهم نوع من المجاملة، بما أن مكة تمثل لهم الشعور الديني.
الرؤية
د. محمد خير البقاعي طبعاً.. لأن الأجنبي عادة عندما يأتي الى بلد يقف عند أمور لا يقف عندها ابن البلد، يرى أشياء لا يراها أبناء البلد والمسلمون هم ثقافيا يعدون من أهل البلد والحقيقة ان أسلافنا كانوا أكثر جرأة منا، كان لا يسكتهم شيء عن الباطل، ابن جبير مثلا أتى من مسافات بعيدة الى مكة المكرمة طمعا في الحج وطمعا في أداء واجب ديني وصورته عن مكة ربما تكون أقسى من صورة مكة عند الاجنبي وهناك أمور لم يدونها الأجانب ودونها ابن جبير والعكس صحيح.
المصدر
د. عبدالله المعيقل معنى هذا ان كتب الرحلات مصدر مهم عن مكة سواء من الناحية الاجتماعية او الانثربولوجية او الاقتصادية.
المنجم
د. محمد خير البقاعي انا أزعم ان الرحلات كما قلت هي منجم لم تكتشف حتى اليوم سواء أكانت رحلات مسلمين او رحلات غير مسلمين.
المناسك
د. ناصر الرشيد اعتقد ان رحلات الحج التي أشرنا إليها هي في حقيقة الأمر لا تؤرخ مدينة مكة فقط بل تؤرخ كل ارض وطأها الرحالة ولو رأينا مثلا رحلة (المناسك) الذي حققه الشيخ حمد الجاسر لوجدنا هذه الرحلة نفسها هي تاريخ لكل بلد يأتي اليه يصف ما أصابه من هم وفرح وما قاسوا من السموم التي كانوا منها في الطريق ويصف مياه الصهاريج في ينبع.. الرحلة تعني في الحقيقة تاريخ فترات في تلك الحقبة، هناك الحقيقة رحلات كثيرة مع الأسف الشديد نجد أنها مهملة، ويبدو أننا ركزنا على بعض رحلات المستشرقين، لكن هناك رحلات قديمة جداً مثلا في القرن الخامس والسادس والتاسع ولم أر من مؤرخي مكة من أعار اهتماماً كبيراً بتلك الرحلات وان كان من توصيات في هذه الجلسة أوصي بتتبع هذه الرحلات، واذكر كتاباً والحقيقة لم أقرأه قراءة وافيه حتى اعطي صورة عنه ولكنه من عنوان (مثير الوجد الساكن) لابن الجوزي الذي عاش في القرن السادس، وعهدي بهذا الكتاب انه كان مخطوطاً وقد استفدت منه في بعض الفقرات حينما كتبت عن (سوق عكاظ). مثل هذه الكتب الحقيقة أوصي المنتدى في مكة المكرمة أو اللجنة المشرفة على الاحتفال بهذه المناسبة على ان تتبع المخطوات التي كتبت في هذا المجال وتقوم بتحقيقها وهذا جزء من عملها واتمنى ان لا ينتهي عملها بانتهاء تلك المناسبة.
أم القرى
د. منصور الحازمي جامعة (أم القرى) من المفترض ان يكون لها دراسة لهذه الرحلات المتوالية ويبدو لي ان بعضها قد دُرست.
التدوين
د. عبدالله المعيقل يبدو لي ان مكة المكرمة أكثر المدن الإسلامية كتبت عنها في جانب الرحلات.. أكثر من القاهرة مثلاً.
مركز البحث العلمي
د. ناصر الرشيد نحن في مركز البحث العلمي حينما انشأناه وتشرفت برئاسته فترة طويلة ان جعلنا من أول أولوياتنا ان تُخْرِجَ كتباً تلك التي كتبت عن مكة، وقد طبعنا ثلاثة أو أربعة كتب في هذا الجانب، لكن اعتقد أننا نُصاب بفترة ركود ما بين وقت وآخر.
رحلات
د. منصور الحازمي الموضوع كبير ومن المعروف ان الرحلات كثيرة جداً ومتنوعة ومتعددة وفي عصور مختلفة وفي أزمنة وكنت مهتما بالرحلات الحديثة رحلات المازني وهيكل والريحاني.
الجمال الخضر
د. محمد خير البقاعي في عام 1893هـ كان عدد سكان مكة 100 ألف نسمة، 75% من الهنود هذه معلومة يأتي بها كورتلمون لكنه يدل دلالة واضحة على تنوع الحياة في مكة، يقول كورتلمون: ان الشيخ عابد حكى له قصة طريفة جداً تسمى قصة (الجمال الخضر) ويقول ان تلك الحكاية شائعة بين الناس. وما هي حقيقة الجمال الخضر قال الشيخ عابد: ان الجمال الخضر تأتي في الليل الى مكة تأخذ غير التقات الذين يدفنون الى خارج مكة وتأتي بالتقات من خارج مكة فتدفنهم في مكة ويقال ان احد الموريسكيين وهم المسلمون في الاندلس كان يمشي في شوارع مكة المكرمة وبيده سبحة وفجأة انقض عليه بدويان وقالا يا نابش القبور.. يا مجرم! قال الموريسكي: خير، قال البدويان: ان هذه السبحة لأبينا وأنت نبشت قبره وسرقت هذه السبحة، قال الموريسكي: والله ما نبشت القبر وقصتي تتلخص في كوني مسلماً وأحببت نصرانية ودعوتها الى الإسلام فأسلمت وتزوجتها، فلما تزوجتها ماتت وهي على الإسلام ودفنت في الأندلس، ودفن معها سوار ثمين فبعد ان دفن خطر ببالي ان أذهب واسترد السوار لأنه ثمين... فرحت للقبر ونبشت القبر وإذا بي افاجأ أنها ليست المسلمة التي في القبر وإنما شيخ كبير وفي يده سبحة فأخذت السبحة وجئت به الى مكة.. تُحكى هذه القصة وتُنقل عن الشيخ محمد عابد ابن المرحوم الشيخ حسين مفتي المالكية بمكة المكرمة.. وذكرها كورتلمون وقال الموريسكي: فلما جئت الى مكة وحكيت لهم قصتي استسخفوني وقالوا ما هذا؟ أتحكي أساطير؟ فقال لهم المفتي: لقد قامت الجمال الخضر بعملها..
الإلهام
د. عبدالله المعيقل هل مكة مكان ملهم للمبدعين، بهذه الصورة التي رأيناها، ثقافات مختلفة تأتي وتنصب في ثقافة واحدة.. ونحن نعلم ان كثيرا من الروايات كتبها ابناء مكة، حيث كانت أول رواية فنية ناجحة هي (ثمن التضحية) لحامد دمنهوري وآخرين.
قصص المبدعين
د. منصور الحازمي ألقيت محاضرة بعنوان (مكة المكرمة في قصص ابنائها المبدعين) في نادي مكة الأدبي عام 1416هـ الموافق 1996م وتناولت فيها خمس روايات وهي أحمد السباعي في رواية (أبو زامل) الذي سماه فيما بعد (أيامي)، وحامد دمنهوري في روايته (ثمن التضحية)، وفؤاد عنقاوي في رواية (لا ظل تحت الجبل)، وسيف الدين عاشور في روايته (لا تقل وداعاً)، وحمزة أبو قري في رواية (سقيفة الصفا)، وجميع هذه الروايات تستوحي مكة، وهي المدينة التي ألهمت هذا الحشد من الروائيين في فترة مبكرة لأن هؤلاء يعتبرون في الواقع من الرواد في كتابة الرواية، فأنا في ذلك البحث تناولت (مكة) من ثلاث زوايا وهي:
1 مكة .. المكان.
2 مكة .. النماذج البشرية.
3 مكة .. البطولة وإرادة التغيير.
وشاركت فيما بعد في ملتقى (الرواية والمدينة) الذي أقامته وزارة الثقافة المصرية سنة 2003م بورقة عمل عن (مكة المكرمة) في الرواية السعودية وأضفت الى هؤلاء الروائيين الخمسة رجاء عالم في روايتيها (طريق الحرير) و(سيدي وحداني) وعبدالله التعزي في روايته (الحفائر تتنفس) وعملت بحثا عن (البيئة المحلية في قصة السباعي).
ونجد ان مكة تختلف عن المدن الأخرى من حيث التضاريس والجبال والحواري والغموض الذي يكتنف هذه الحواري والأزقة الضيقة.. هذه صورة مكة القديمة وليست الآن.. والمكان له تأثير في الرواية مثلما تناول نجيب محفوظ تلك الأمكنة ونجد أنه متعلق ببعض الأحياء مثل (الجمالية) و(ست زينب) والمكان له تأثير في الواقع كبير جداً على العمل الروائي، وجميع الذين كتبوا عن مكة المكرمة تناولوها في المركز الرئيسي، من حيث كونها عاصمة دينية تضم الحرم الملكي الشريف ومكة مشهورة سواء من حيث الدين او التجارة ونجد انه مثلا كان هناك سوق سويقة كان مشهورا وجميلا في مكة يوحي للكثير بتلك الأشياء من الأقمشة الجميلة والعطورات والفتيات الحسنوات اللاتي يرتدن السوق.. تجمعت هذه الأشياء التي توحي بالإبداع والتي تحفز الإبداع.
الشعر الصوفي
د. ناصر الرشيد ما دام ان الدكتور منصور الحازمي تكلم عن الرواية وان مكة ملهمة للرواية فأنا اتكلم عن جانب آخر من جوانب الإبداع وهو الشعر، وقد عملت في يوم من الأيام بحثا عن (الحنين في الشعر العربي الى مكة)، ومكة مبدعة من ناحيتين، سواء للشعراء من خارج مكة او من داخلها، وكانت مكة ملهمة لمن هو خارج مكة وخصوصاً ما يسمى ب(الشعر الصوفي) الذي ساد في القرن الرابع والخامس، وإذا كانت (نجد) رمز العشق فإن (مكة) رمز للروح الوجداني ولنا ان نتساءل هل كانت مكة موحية أم ملهمة للإبداع. الحقيقة لو بحثنا لم يكن في مكة سواءاً في العصر الجاهلي او الأموي لم يكن فيها شعراء بارزون يشار لهم بالبنان ما عدا عمرو بن ابي ربيعة، ولم يكن فيها شعراء يستحقون الذكر وهذه القضية ناقشها ابن سلام الجمحي وعللوا هذه الظاهرة، لكن تظل مكة رغم قلة شعرائها لانشغالها بالتجارة وما الى ذلك فإن مكة تظل هي مكان للشعر ولاحظت ان الشعر الذي لا يقره المجتمع الملكي فإنه لا ينتشر بين العرب، ولعل خير مثال على ذلك شعر المعلقات التي كانت تعلق في جوف الكعبة.. وكانت مكة ملهمة للشعراء في العصر الحديث سواء من أهلها او من غير أهلها واكتفي بنموذجين في هذا الشأن، الشاعر المسلم محمد اقبال وتجد أن كثيرا من شعره يستلهم مكة في دواوينه الشعرية وهناك الشاعر أحمد بن إبراهيم الغزاوي وكنت قد هممت أن أكتب بحثاً عن (الأماكن في شعر الغزاوي) إنه استلهم أكثر الأماكن من مكة المكرمة.
عوليس
د. محمد خير البقاعي ابدأ من البداية عندما ترك إبراهيم عليه السلام زوجته وابنه إسماعيل في وادِ غير ذي زرع، ونجد أن رمزية انفجار نبع زمزم هو الذي بدأ يحول مكة إلى مكان ملهم. لكن السؤال الذي يخطر على بالي، يقال إن جيمس جويس في روايته (عوليس) وأحداثها تدور في مدينة دلبن، يقول نقاد الرواية، إنه إذا كانت مدينة دبلن تعرضت لهزة أرضية قلبتها رأساً على عقب فإنه من الممكن لمهندس معماري أن يعيد بناء تلك المدينة من خلال رواية (عوليس) وأتساءل هل نستطيع أن نعيد بناء القاهرة لو أصابها حدث من خلال روايات نجيب محفوظ وهل نستطيع أن نرى صورة مكة في روايات الذين كتبوا عنها سواء من داخل الجزيرة أو من خارجها؟
الأزمنة
د. منصور الحازمي جيمس جويس يعتبر أبو الحداثيين ويمكن ان يكتب عن مكة روائي حداثي مثل رجاء عالم.
الذاكرة
د. محمد خير الدين البقاعي هل هناك رواية تعطينا صورة مكة مثلا في العصر العثماني.. هل استطاع روائي ان ينقل لنا صروة مكة في القرن الثامن عشر وتلك الأماكن التي أزيلت..، وأتساءل عن هذه الأماكن التي أزيلت، أين هي من الذاكرة.
التوثيق
منصور الحازمي في الواقع أن الذين كتبوا عن مكة من خلال رواياتهم هؤلاء كأنهم يحاولون ان يوثقوا ويسجلوا عن هذه المدينة التي بدأت تغيب كالمسعى القديم، المدّعى، الحواري القديمة، الجبال، وأنا اعتقد ان هؤلاء الروائيين كانوا يحاولون من خلال كتاباتهم انتشال ذكرياتهم وانتشال شخصية مكة التي عرفوها قبل ان يطرأ عليها أي تغير.
الاهتمام
د. عبدالله المعيقل لاحظت من خلال تدريسي للأدب السعودي ومن خلال استقرائي للشعر في أواخر العصر العثماني وأوائل العهد السعودي أن أكثر الشعراء من المدينة كإبراهيم الأسكوبي وعبدالمجيد برادة وعشقى وآخرين ولم يكن في مكة إلا شاعر او شاعران كعبدالواحد الأشرام الذي عاش فترة قصيرة جداً وعبدالمحسن الصحاف شاعر الشريف..
وتساءلت حينها وقلت لعل الأدباء في مكة اهتموا بالنثر أكثر ونتج عن هذا التوجه فيما بعد إلى فن الرواية.
المدينة المنورة
د. محمد خير الدين البقاعي أرجو ان يحتفى بالمدينة المنورة كعاصمة ثقافية إسلامية في السنة القادمة لتسليط الضوء على تاريخ المدينة لا سيما وأنها أول عاصمة سياسية للدولة الإسلامية وان يتم التركيز على قضايا مهمة في تاريخ المدينة، وتاريخ المدينة بحاجة الى جهد ابنائها سواء من خلال المؤسسات الثقافية كالنادي الأدبي بالمدينة ومجمع الملك فهد للمصحف الشريف وجائزة المدينة المنورة وجائزة الأمير نايف للسنة النبوية التي أعلنت عن قيامها في المدينة.
القدس
حسين المناصرة المسألة الأساسية التي أود أن أطرحها هي مسألة التفريق بين الاطمئنان الذي يجده الإنسان المسلم بشكل عام في الحرم المكي وبين الضياع والغربة في شعاب مكة وحاراتها او في الطريق اليها، هذه ظاهرة واضحة في الرواية بشكل عام.
المسألة التي أود ان أشير إليها الى ان مدينة القدس ووضعها تحت الاحتلال تحتاج الى أن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية وذلك للاحفتاء بها.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|