بعد أن أصبحت الفوارق الثقافية واضحة عبد الحفيظ الشمري
|
الثالوث المهم في الحياة الثقافية (المبدِع، والناقد، والقارئ) يظل مهدَّداً بالتلاشي للأول، وبالمجانية للثاني، وبالغياب للثالث.. فالرحلة المعرفية لهذا الثالوث أصبحت غاية في الصعوبة من حيث التواصل مع أقطاب المعرفة الأخرى.
فبعد زوال الفوارق بين الأجناس الأدبية أصبح الأدب والإبداع منطلقاً للتجريب على أيدي جيل كامل من ممارسي العمل الإبداعي على وجه التحديد؛ حيث ظل الشعر هو الحالة الأولى، أو المحطة الجديدة من محطات التجريب للأقلام الواعدة.. إلا أن هذا التجريب عصفت به أنواء عنيفة حتى تداخلت المفاهيم حوله، ولم يعد يميِّز القارئ بين شعر قوي وآخر رديء؛ لأن التجارب أضحت بلون واحد، وبطريقة واحدة.
فشعراء المرحلة الجديدة من أمثال حسن السبع، ود. ثريا العريض، وعلي الدميني، ومحمد الثبيتي، وعبد الله الصيخان، ومحمد الحربي، وخديجة العمري، حاولوا كثيراً الإمساك بالشعر وبهويته، إلا أن رياح التغيير حاولت دفن هذه التجارب على مرأى ومسمع من عالم الأدب والإبداع.
وبعد أن زالت هذه الفوارق حول الشعر لم تكن الرواية في مأمن من هذا التحول، ليصبح التجريب ظاهرة قوية، إلا أنه جاء مفيداً إلى حدٍّ ما؛ حيث انطلقت الرواية في رسم عالمها رغم هذا الزوال الذي حدث في معالم الإبداع الأصيل، فتجربة الروائي تركي الحمد اتكأت على الخطاب الحكائي، ورجاء عالم قدَّمت الوصف بشكل مدهش، والقصيبي شيَّد من الأحداث سلاسل قوية من خطابات البوح السردي المفيد.
اللافت بعد هذه التحولات في بناء الإبداع هو زيادة علاقة الثالوث (المبدِع، والناقد، والقارئ) بعضهم البعض، فلم يعد التقارب بين الفنون خطراً، أو زوال الفوارق معضلة، إنما أضحت هوية صادقة لمرحلة التجديد غير المشوَّه في بناء الإبداع كل على حدة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|