جائزة باشراحيل بين المحلية والعالمية
|
*أ.د سهام الفريح*:
لقد تحدثنا كثيراً عمّا يقوم به بعض رجال المال، وخاصة في منطقة الخليج والجزيرة العربية من رصد جوائز تقديرية وتشجيعية للمبدعين والمتميزين في المجالات المختلفة، وبيّنا ما لهذه الجوائز من أثر في إذكاء الحركة الثقافية والفكرية في الوطن العربي، وتمنينا أن يمتد أثرها إلى خارج الوطن العربي بهدف أن تحمل اسم العربي المسلم في الخارج بعد أن نالها قدر كبير من التشويه، وإن حدث مثل هذا العمل فهو لا يخدم صاحب هذه الجائزة وحده إعلامياً - وهذا حق من حقوقه- وإنما تخدمنا كعرب مسلمين على المستوى الدولي. وقد تحقق قدر من هذا الهدف عندما اختارت جائزة (الشيخ محمد صالح باشراحيل يرحمه الله) في دورتها الأولى واحداً من العلماء الغربيين لينال جائزتها التقديرية، وهو العالم والمفكر كارل إرنست أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة North Carolina في الولايات المتحدة الأمريكية عن كتابه الذي صدر منذ أكثر من ثلاثة أعوام (اتباع محمد) وكان حديثه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يفوق التصور من أن يصدر عن كاتب لا هو عربي ولا هو مسلم، وليس هذا فحسب بل إنه أعد هذا الكتاب ونشره في فترة وفي بيئة لا تجد في الإسلام إلا الإرهاب، ولأنه اجتهد في البحث والتقصي حول شخصية رسولنا العظيم خاصة، وحول دين الإسلام عامة لم يكتف بما يقع بين يديه من مصادر ودراسات حول هذا الشأن بل ارتحل - وهو يعد لهذا الكتاب - إلى عدد من الدول العربية والإسلامية لمعرفة المزيد عن هذا الدين وعن أهله حتى استغرقت فترة إعداده أكثر من خمسة عشر عاماً.
إن اختيار هذا العالم لينال جائزة (الشيخ محمد صالح باشراحيل) التكريمية يدل دلالة واضحة على عمق الرؤية في تحقيق الهدف الذي أشرنا إليه في مطلع حديثنا.
أما عن الدورة الثانية لهذه الجائزة فقد التفتت التفاتة أخرى ولتحقيق هدف آخر انطلق من بعد آخر له قيمته الفكرية أيضاً، وذلك عندما اختارت عدداً من فائزيها من أبناء الخليج والمملكة العربية السعودية انطلاقاً من المبدأ القائل (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) وهو أن على الإنسان أن يعرف قدر نفسه، فإذا عرف قدراته ومكانته واقتنع بها دون استعلاء أو تكلف فليس بمقدوره ألا ينزل بها (أي بمكانته) إلى ما هو أقل من شأنه.
فإذا كنا نحن أبناء المنطقة لسنين مضت وفي بدايات نهضتنا تشرئب أعناقنا - تقديراً وإجلالاً - لأسماء ورموز من المفكرين والمبدعين العرب الذين سبقونا في النهوض الفكري والعلمي والفني حتى تركوا بصماتهم في وجداننا، وشكلوا الكثير من قناعاتنا في بعض القضايا الفكرية والعلمية، ولا نزال نحمل لأسماء ورموز آخرين نفس التقدير والإجلال، إلا أنه اليوم وبعد أن نهضت شعوب هذه المنطقة منذ مطلع القرن الماضي بعد انتشار التعليم وإنشاء الجامعات ومراكز البحث المختلفة والمراكز الداعمة للنشاط الفني والثقافي حتى نال المبدع والمتلقي نصيبه من هذا النشاط في مجتمعاتنا فبرز منا مبدعون ومفكرون أضاءت أسماؤهم سماء الثقافة والفن والعلم في الوطن العربي، واستطاع البعض الآخر من أبنائنا أن ينافس باقتدار أبناء الدول المتقدمة في مجالات علمية مختلفة.
جائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل في دورتها الحالية عرفت قدر أبناء هذه المنطقة فاختارت بعض الشخصيات إضافة إلى بعض الأسماء العربية، ولأن القائمين على هذه الجائزة قدروا المرأة حق قدرها وبخاصة المرأة في الخليج والجزيرة العربية وقدروا مشاركتها الفاعلة في الحركة الفكرية والعلمية فمنحت الجائزة لسيدتين: الأولى من المملكة العربية السعودية، وهي الدكتورة فاطمة الوهيبي نالتها مناصفة مع الدكتور مجدي توفيق (مصر) في مجال النقد، والثانية حمدة خميس وهي بحرينية المولد إماراتية الجنسية وقد نالتها في مجال الشعر، إضافة إلى الأستاذ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي والشاعر الأستاذ إبراهيم الدامغ والناقد الأستاذ علي العبادي وهم من المملكة العربية السعودية الذين فازوا - مع آخرين - بجائزة باشراحيل التكريمية، ونتطلع إلى ما ستحتويه الدورة الثالثة من تغيرات وتطورات.
*عضو الهيئة الاستشارية للجائزة - أستاذة اللغة والأدب
- جامعة الكويت - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|