محمود درويش... هل استطعنا رؤيته؟!
|
ليست أسئلة متراكمة أو طيفا من الذاكرة. فهي الصورة التي عايشناها مع المراحل المبكرة ل(وعي الأرض)، ولا نعرف كيف رحلت مع تكدس الحدث وربما انكسار المفاهيم... ثم عدنا فجأة بفيض من الذاكرة نحو الصورة التي رسمتنا بعد الهزيمة وكتبتنا من جديد أملا ملتصقا بالأرض، فهذه الصورة عدنا لنقرأها من جديد.. فهل المسألة مجرد (ملف) طرحته (الجزيرة) على صفحاتها؟!
ربما كان علينا قراءة محمود درويش من جديد في طيف التنوع داخل الملف، وفي المفردات التي غابت عنا لمجرد أن روح النصر لم تعد ترافقنا، فرحلت اللغة التي كانت تحيى في التفاصيل اليومية لنا، وحل عوضا عنها سيل التحليلات التي تقدم لنا التراجع مغلفا بسيل التبريرات. ومن جديد فإن المسألة ليست ملفا فقط، بل عودة للروح ولكن ليس على طراز (توفيق الحكيم) إنما على مسار من الحيوية التي عرفناها صغارا يوم لاح لنا (شعراء الأرض المحتلة) كحلم جديد يقدم لنا المفردات التي لم نألفها، ويعيد لنا تكوين (الأرض) التي نسينا جغرافيتها، ثم عدنا من جديد للدخول بها في تذكر لشاعر باق بيننا رغم التغييب القسري.
هذا هو محمود درويش كما استطعت قراءته من جديد على صفحات (الجزيرة) وسط التجاهل الأبدي لإعلام يهوى السياسة ويعجز عن الإبداع... وربما ليس بعيدا كان باقي الشعراء ينظرون لهفة لزمن يرسم الشعر خارج (ديوان العرب) ويضعه في الملامح الجديدة للعقل الذي يريد النهوض من جديد... وإذا ظهر محمود درويش متجددا كعادته فإنه بحكم شكله (الخلافي) أو ملامحه التي تهوى طرح الأسئلة لاستثارة الدفين بنا، فإننا نعود إليه من جديد... ونحاول معانقة الصفحات كي نستعيد (الروح) المتمردة، وأيام الغضب الباقية فينا، والمتوارية خلف كم من الزيف الذي ترسمه ثقافة متأرجحة بهويتها، أو مفردات لا تعرف كيف تصل إلى الصورة الأسمى للنفس الإنسانية، فتخرج ما بها من أبداع وتحدٍ رغم الهزيمة. صورة محمود درويش باقية في (القلب) من الثقافة المتشكلة كل يوم.. ومستمرة بدفق التنوع الذي نريده لإعلامنا الذي تذكر أن يصافح شاعرا نشأت أجيال على صوته... وعلى تمرد قافيته التي كسرت حاجز اللغة فينا، وجعلتها مسارا مستمرا ما بين القلب والعقل.. لم يطربنا محمود درويش يوما... كان يدفعنا للغضب، كما دفعنا ملف (الجزيرة) لاستعادة هذا الغضب الممتع.. الغضب الذي يدفعنا إلى تحرير أنفسنا من الصور النمطية التي رافقت الشعر، فأصبحت القصائد لونا متمواجا في داخلنا.
مازن بلال
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|