ذكريات الثقافة محمد الدبيسي
|
الاسم المحفز على تداعي «ذكريات» من الصفاء.. والنقاء.. والشعر.. والفن الخلاق..!
توطد اسمه في ذاكرة «المدينة المنورة» فغناها عشقاً وقصائد.. وتباهى بها.. وكتبها برسم خطاه في أوديتها.. وشوارعها.. وأزقتها.. «مدٌ» من عمره الجميل.. ارتبط بالمدينة.. ليكون مظهراً من مظاهر حفاوة الإنسان.. بالمكان..!
أسس «ركن الخالدين» في مبنى نادي المدينة المنورة الأدبي.. براً ووفاءً بأدبائها.. وفنانيها..
وهو الخالد في ذاكرة أبنائها.. «والثقافة» وهي تنقب في ذكريات «المثقفين» وتسترد شيئاً من إرثهم الخالد.. وتعيد شيئاً من «أشيائهم» لأذهان قرائها..! إنما توجز قراءة خطوط لا تندثر.. ووجود لا يفنى..! فما خطته أقلامهم.. يستودع ذاكرة لا تفنى..!
وبين يديكم.. مخطوطتان «بقلمه» عن «معشوقته» المدينة المنورة.. إحداهما: نص شعري بعنوان «الحسناء الموعودة» كان ارسلها لثقافة الجزيرة ونشرتها على صفحاتها قبل سنوات..
والأخرى: مقطوعة نثرية عن المدينة وثقافتها وإنجازات ناديها الأدبي، فجزاه الله خير ما يجزي الصادقين من عباده..!
عرفت المدينة المنورة منذ أقدم العصور، بثقافتها العريقة، وتضاريسها الجميلة، وتاريخها الحضاري المجيد.. حتى إن أحد الرحالة تحدث عنها فقال:إنه لا يكاد يوجد بيت من بيوتها يخلو من شاعر او شاعرة والتاريخ الأدبي الحديث يؤكد هذه الظاهرة، حين يتحدث عن الندوات او المنتديات العلمية والأدبية، لمجموعة من كبار العلماء والأدباء يعرفها حتى المخضرمون من أبناء هذه البلاد.
وقد أشار الى كثير منها الأستاذ السيد عثمان حافظ في كتابه «صور وذكريات عن المدينة المنورة» الذي أصدره النادي الأدبي بالمدينة قبل سنين، كما تحدث الكثيرون عن أسرة الوادي المبارك وريادتها الفكرية والثقافية.
وجاء النادي الأدبي بطيبة الطيبة عام 1395هـ تتويجاً لهذه التفاعلات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها وتعيشها بلادنا الغالية، وتحقيقاً لرغبة الفقيد الكبير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد طيب الله ثراه ويطول بنا الحديث لو استرسلنا في الاشارة الى ما قام به النادي خلال ربع القرن الذي احتفل به قبل بضعة شهور.. ولكننا سنقف عند أهم المعالم والسمات بكل ما أستطيع من أيجاز:
كان للنادي صالة مسرحية ونشاط مسرحي وموسيقى واهتمام بالفنون التشكيلية الى جانب مهامه الأدبية بالطبع قبل أن يؤسس فرع للجمعية العربية الثقافية بالمدينة. واستضاف عدداً كبيراً من المسؤولين
في لقاء مفتوح. ونظم مسابقة سنوية لتحفيظ القرآن الكريم عمرها الآن 24 عاماً وشارك في معظم المناسبات والاسابيع الوطنية والعالمية، كما شارك في 27 معرضاً داخل المملكة وخارجها وأنشأ في رحابه «متحف التراث الحضاري» للتعريف بماضي هذه البلاد العزيزة، وشارك بفعالية في مكافحة الطغيان المقيت لصدام حسين ببرنامج «سلاح الكلمة الشاعرة في مواجهة طاغوت العراق»، كما شارك في فعاليات عام التراث الإسلامي سنة 1410هـ والذكرى المئوية للمملكة عام 1419هـ ومن بعده عام اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية، وتبنى جائزة أمين مدني لبحوث ودراسات الجزيرة العربية. وأصدر النادي 161 كتاباً حتى الآن وأقام 526 محاضرة وندوة وأمسية شعرية، واستقبل عشرات المدارس للتعرف عليه ومئات البراعم لصقل مواهبهم الأدبية وطرح العشرات من المسابقات السنوية في الشعر والقصة والبحوث الأدبية والتاريخية.
عدا «مكتبة الطفل» و«مكتبة الأندية الأدبية» و«ركن الخالدين» ومكتبته العامة التي تستقبل المئات من الباحثين والدارسين وطلاب العلم طوال العام.
وأخيراً وليس آخراص تكريمه لعشرات الرواد والرائدات في الحفل الذي أقيم في عامه الخامس والعشرين تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة حفظه الله ورعاه ودعم صاحبي السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد حفظهما الله ورعاهما، ولا يزال النادي وسيظل بإذن الله يواصل مسيرته الظافرة بفضل الله ثم بدعم قادة هذه البلاد وزعمائها الافذاذ.
هكذا.. كان «محمد هاشم رشيد» يقف مع الكتاب.. في مكتبة «النادي».. كان يقرأ واقفاً..
ولأن «المكتبة» كانت تحتل «البدروم» في مبنى النادي..! كان يتفقدها.. بعد كل «مطر» خشية أن تبتل ب«الماء».. فلم تغرق الكتب..!
بل ظلت ندَّية..!
ولم يفنَ «القارئ».. بل ظلت روحه.. تسكن المكان..!
«المكان» الذي استودع عمره.. وذكرياته..!
يبقى المكان.. ويبقى الكتاب.. ويبقى الشاعر..!
«شاعر» مات.. ولم يغب..!
وتظل في أعماقنا.. «واقف» أبداً أبا طه..!
م.د.
الحسناء الموعودة!!
وعدوها
وهي في فجر صباحا
بينابيع العطور
تتلاقى حول ايقاع خطاها
بابتسامات الزهور
نبض حبٍ وحنينٍ في رباها
بغدٍ تفهو للقياه العصور
في ثراها
وهو أشواقٌ، وأحلامٌ، ونور
وعدوها
وعدوا أحلى.. صبيه
بالكنوز العسجديه
بالينابيع السخيه
بمواعيد اخضرار.. أبديه
تلتقى الدنيا على أفيائها
وتغني الشمس في أضوائها
وعلى آفاقها يشدو القمر
وهو حبٌ، وابتسامٌ، وخفر
وعدوها..
وعدوها بمقاصير النجوم في مداها الأرحب
وتسابيح الدوالي والكروم
في ثراها الطيب
وصلاة النخل في كل مكان
حيث تَلْتَفُّ الجِنان
أذرعاً.. تمتدُّ في كل اتجاه
وهي نجوى، وابتهال، وصلاه
وعدوها .. وعدوا أحلى حبيبه
وهي في فجر صباها
بالنطاق الأخضر الرفاف، بالسوح القشيبه
تتغنى في حماها
بالعصافير.. بشلالات نور
في مغانيها.. تدور بأباريق الضياء
وهي سحر، وازدهار، وانتشاء
وعدوها.. وعدوا «طيبة» بالعهد البهيج
بالعشيَّات الوِضاء
بالليالي البيض في حضن الأريج
بأساطير اللقاء
وبأحفاد كأسياف القضاء
وعدوها بسنى الفجر المفيق
حول شطآن العقيق
بترانيم السماء في العوالي، وقباء
وبسوح الشهداء
ومشت في موكب التاريخ تهفو للصباح
من رأى من مخلب الليل حمامه
حطّموا منها الجناح
فاشرأبت.. ترقب الفجر بروح مستهامه!
**
من رآها.. والقرون
تتخطاها.. وتمضي
وبجفنيها سنى الصبح الحنون
يتراءى دون ومض؟!
وأطلّت.. ترقب الفارس من خلف الدموع
وهي شوق، وحنين، ونزوع
عرفته.. هو من أولادها
وبنوه الصيد من أحفادها
والجنود السمر من أجنادها
وعلى الرايات.. رايات الفخار
دعوةُ الحق.. تعالت كالنهار
تنشر الخير على كل الديار
هلّلت «طيبةُ» من أعماقها
بأبي الفرسان، وابن الفارس
ومشت والبِشْرُ في أحداقها
فوق أشلاء الظلام الدامس
مزقت عنها دياجير الظلام
ويداها في يَدَيْ «عبدالعزيز»
وغدا الإسلام في ظل الإمام
وهو في حرزٍ من المولى حريز
عرفت طعم الأمان
والعشيات النديه وابتسامات الزمان
في الليالي القمريه
والكنوز العسجديه
والينابيع السخيه
والنطاق الأخضر الرفاف والسوح القشيبه
والثريات على كل الدروب
مثل حبات القلوب
كعقود اللؤلؤ المنضود في جيد الحبيبه
وعدوها..
بصروح العلم ينهل الضياء
من كُواها
رحمة تمحو دياجير الشقاء حيث تاها
منطق الفكر، ودعوى الفلسفه
فإذا العلم ضلال، وسفه
وإذا الإنسان منبوذ، شريد
ضائع، يبحث عن أفقٍ جديد
وهنا الأفق الذي يهدي الحيارى
ويحيل الغيهب الداجي.. نهارا
وعدوها .. وعدوها بانطلاقات الغدِ
في ظلال المسجدِ حيث ينداح وتنداج المدينه
الرحابُ الطُهر.. والسوحُ الأمينه
والأغاريد النديّات بشطآن السكينه
والتهاف الأخضر السمح بأعماق المآذن
سكبت أصداءه.. «أم المدائن»
ورؤىً في ظلِّها يغفو الخيال
مستهاماً.. يتصبّاه الجلال
وهو يجثو في فراديس الجمال
عاد للإسلام في أرجائها
صوتُه عذب الرواءْ
واستظلَّ العلم في أفيائها واستعزَّ العلماءْ
وتغنَّى الشعر.. وتباهى الشعراء
وتلاقى من جديد في حماها
كلُّ ما قد عرفته في صباها
من ينابيع الهدى والمكرمات
وشآبيب الغوادى المغدقات
وغدت في مَفْرِق الشمس مناره
تزدهي الاقداس فيها والحضاره
إنها «طيبة» والكف الخصيبه
والحبيب «الفهد» والأم الحبيبه
حقق الفهد لها ما ترتجيهِ
ومضى يحنو عليها.. كأبيهِ
ورعاها.. فحباها.. بأخيه
فازدهت في فرحة اللُّقيا وغَنَّت من جديد
ويداها في يديْ.. عبدالمجيد
فعلى المختار أزكى الصلوات
رحمة تغمر كل الكائنات
بالرضا والصفح في ماضٍ وآت
محمد هاشم رشيد
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|