تلميحة الفنان التشكيلي الأول محمد المنيف
|
سألني أحد الأصدقاء قائلاً من الفنان التشكيلي الأول؟ لحظتها تذكرت اللافتات الإعلانية التي كانت ترافق أي حفل غنائي يقام في إحدى الدول العربية الشقيقة ومنها لبنان لفنان خليجي عامة أو سعودي على وجه الخصوص تكتب فيها عبارة «الحفل الساهر للفنان السعودي الأول» وكنت وقتها أرى أن من أشير إليه في تلك اللافتة لا يمثل حقيقة الفن السعودي لوجود فنانين أفضل منه واكتشفت أن الأمر لا يتعدى جذب السياح السعوديين للحفل وهنا أعود للسؤال وللصديق ولكل من علق في ذاكرته أو خطر على باله التساؤل عن من هو الأول في أيٍّ من الفنون أو الابداعات حتى الأدبية منها، فالحكم فيها نسبي يتغير من وقت إلى آخر عند المبدعين فيه عوداً إلى الظروف التي انتج فيها العمل ففي غالب الأحيان يبرز عمل لأحدهم ويتردد على ألسنة المتابعين وتمتلئ به صفحات الفن أو الثقافة إشادة بتميزه ثم نفاجأ بعد فترة زمنية يصدر فيها أو ينتج المبدع نفسه عملاً يجد أيضاً مساحات كبيرة في وسائل الإعلام ولكن بالنقد وابداء الملاحظات والاشارة إلى ضعفه وقصور بنائه الفني اضافة إلى أن العمل ، أياً كان نوعه، من الأعمال الابداعية لا يمكن أن يتفق على نجاحه كل النقاد أو المحللين أو أن يراه مبدعه أنه عمل مكتمل باعتبار أن الحكم فيه أو عليه يخضع لمعايير تتفاوت من شخص إلى آخر حتى ولو اتفق فيها على الأصول أو الأسس الأولية أو ما يمكن أن يطلق عليها الثوابت.. إذاً فالمبدع لا يمكن أن يصنف أو أن يمنح الأولوية أو المركز الأوحد على نظرائه بقدر ما يحكم على عمل ما من أعماله في مسيرته التي ينجح في بعضها ويخفق في الأخرى، فإذا كان قد حقق مركزاً متقدماً بهذا العمل فلغيره أيضاً الفرصة لأخذ المركز منه في قادم الأيام.. أما ما يمكن أن نميز به المبدعين فهي صفة ان فلان أكثرهم تفاعلاً مع ابداعه أو الأكثر تواصلاً مع جمهوره أو أغزرهم انتاجاً أو الأسبق في التواجد وخصوصاً إذا كانت مسيرته طويلة مليئة بالحركة والديناميكية أو الأكثر معاصرة بمستوى الأعمال التي يساهم بها في مجاله أو أن نقول إنه رائد من رواد البدايات مع أن بإمكان المبدع أن يكون رائداً في أسلوبه ويؤثر به على جيل جديد ينهج نهجه وهذا موضوع آخر.
نعود للقول إن الحكم بالأولوية في مجالات الابداع لا يمكن تحديدها في شخص أو في نتاج يبقي صاحبه الأول دائماً في الساحة بقدر ما يصبح الابداع محكوماً بقدرة المبدع للحفاظ على تميزه والاستمرار في تقديم الأفضل وبشكل متتابع لا يترك فيه فرصة للتراجع أو للسماح لغيره بالمنافسة وهذا أمر يصعب تحقيقه في ساحة العطاء الفكري بكل ما يعنيه مهما اختلفت فيه وسائل التعبير كونه كائناً متحركاً نحو الجديد غير قابل للتكرار أو النظر إلى الخلف.
ولو عدنا للساحة الابداعية على المستوى العالمي أو العربي ممن لهم سابق تجربة أولوية في عطائهم الثقافي ومنه الابداع التشكيلي، لوجدنا أن الصفة البارزة لتقييم المبدع هي في حجم عطائه ومستوى انعكاسه الايجابي على المتلقي ومدى انتشاره وحضوره الفاعل والمؤثر.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|