العمير.. من زاوية مغايرة إبراهيم عبدالله مفتاح
|
ربما يجنح بي الحديث عن أستاذنا علي العمير إلى شيء من الحديث عن النفس، وبما أن حديثي في معظمه يتكئ على شيء من الذكريات فإنني آمل من القارئ الكريم ان يمنحني بعضاً من رحابة صدره.
عرفت أستاذنا علي العمير في البداية من خلال قراءاتي لبعض كتاباته و(مناقراته الصحفية)، وكنت أمنيّ نفسي بالتعرف عليه ومعرفته شخصياً وقد حدث ذلك صدفة ودون تخطيط مسبق.. كان ذلك في عام 1399هـ عندما ذهبت الى الرياض لأعمل مع أخي الأستاذ علوي طه الصافي، عندما كان رئيساً لتحرير (مجلة الفيصل) الثقافية. كان أخي علوي يتعمد أن يزج بي في الوسط الثقافي والصحفي وكانت أولى محاولاته تلك ان قال لي: هذه الليلة أريدك أن تقوم معي بزيارة الأستاذ علي العمير.. هزتني المفاجأة لكنني فرحت بها وذهبت مع الأستاذ علوي إلى فندق لا أتذكر اسمه الآن لأجد الأستاذ العمير في صورة من البساطة نقضت كثيراً مما في ذهني عن الرجل.. وجدت نفسي أمام شخص يرتدي جنوبيته (الجيزانية) ابتداء من لهجته وانتهاء بملبسه (الفلينة والفوطة).
رحب بي بشكل خاص بصفتي ضيفاً على مدينة الرياض وعلى مهنة الصحافة التي كنت خائفاً من الدخول في غمارها، وبدأ الحديث الطويل المستشعب بين أستاذنا وبين الأستاذ علوي الصافي وأمام تدفق الرجل المتشح بالبساطة والعفوية انتابتني هيبة وبدأ يتردد في داخلي سؤال مستقبلي كيف لي أن أصل إلى هذا المستوى من التدفق المعلوماتي والإلمام المهني الذي يليق بصاحبة الجلالة (الصحافة). ولم يكن أمامي حينذاك إلا الصمت الممزوج بشيء من الهيبة وشيء من الدهشة وشيء من التأدب أمام تلك القامة الأدبية الشامخة، وبعد ساعات من الليل غير قليلة عدت الى منزلي
وفي داخلي خوف وشجاعة واقدام وإحجام وأفكار لأهدلي بها تطرق بوابات مستقبل حياتي في محيط قد لا أجيد العوم في أمواجه المتلاطمة.
مضت سنوات اعتقد ان عود خبرتي قد اشتد فيها لتأتي بعد ذلك مناسبة لاحتفاء بصدور العدد المئوي لمجلة الفيصل وكنت قد تركت العمل في سكرتاريتها لظروف صحية خاصة وكنت أحد المدعوين، وفي هذه المناسبة كانت لفيف من رجال العلم والقلم يحضرون تلك
المناسبة، أذكر من بينهم علامة الجزيرة الراحل الشيخ حمد الجاسر والمربي الفاضل أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري والدكتور محمد بن سعد الشويعر والشاعر محمد هاشم رشيد رحمه الله والدكتور محمد عيد الخطراوي وغيرهم كثير ممن جمعتهم احدى الأمسيات في قاعة الاحتفالات في فندق (الانتركونتنينتال) في (السودة) بأبها.. كان أستاذنا علي العمير واحداً من أولئك الكبار عندما تأخرت آلات التصوير التلفزيوني ومكبرات الصوت ليأتي شخص مرسل من قبل الأستاذ علوي الصافي ليخبر الحاضرين بأن يشغل بعضهم الوقت بالحديث ليكسر سأم الانتظار. عندها اعتلى المنصة الدكتور عبدالله ابوداهس ليتحدث عن العلاقة التاريخية بين كل من منطقة جازان ومنطقة عسير وعندما غادر الدكتور ابو داهس المنصة وجدتها فرصة لاعتلاء تلك المنصة لأتحدث عن جزيرتي (فرسان) وليس هذا هو المهم ولكن المهم أنني بمجرد نزولي من سلّم المنصة وجدت الأستاذ علي العمير يتلقاني بالأحضان ويقول لي: لقد كدت يا إبراهيم تسقطني هذه الليلة من على مقعدي.. وعندما سألته: لماذا؟ قال لي: ما أعرفه عنك أنك إنسان لا تجيد غير الصمت.
عندها عدت بذاكرتي الى الوراء وتذكرت تلك الليلة ليلة لقائي الأول به في أحد فنادق الرياض.. وعندما عدت الى فرسان وجدت بعض مؤلفاته تنتظرني في صندوق بريدي كهدية منه.
هذا علي العمير الذي أعرفه تناولته من زاوية مغايرة لما سيكتبه عنه الآخرون إن صدق ظني وأخيراًَ أكرر اعتذاري للقارئ الكريم ان خرجت عن السياق وكسرت قاعدة الحديث عن هذا الرجل الذي يعتبر مرحلة مضيئة من مراحل الأدب والصحافة والكلمة الجريئة في هذا الوطن.. أكرر اعتذاري.
جازان جزيرة فرسان.. ص.ب 11
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|