البحث عن الدلالة.. والهوية.. في: (صباحات أخرى تنطفى) للمرزوقي.. ماهو الكنه؟!
|
* الثقافية س.ز:
السنتان الميلاديتان المنصرمة والمقبلة.. لم يمر رحيل الأولى وحلول الثانية على القاص طلق المرزوقي.. مرور الكرام..؟!!
هذه النقطة الفاصلة ما بين هذين الزمنين أعملت أدواتها في حاسة الأستاذ المرزوقي فجاء نزفه على ما سترون أدناه.. لكن ما يجعلنا نتساءل ونستفهم هو ما قام به الأستاذ طلق المرزوقي عندما بعث بهذا النزف كبطاقة لا أدري تهنئة أو تعزية أو ماذا يمكننا أن نسميها إلى عدد من أصدقائه المبدعين.. ترى ما الذي يوحي به هذا الفعل؟.. ما دلالاته ما الذي يمكن أن نسميه؟.. هل يندرج تحت مسمى أدب الرسائل؟.. أتمنى أن نجد ولو ملامح إجابة في ما سيصل من مداخلات وتعليقات.. فإلى نص المرزوقي:
صباحات أخرى تنطفئ
العزيز/ سعيد الدحية..
اللعنة، هذه سنة أخرى تغادرنا فتوقظ فينا هوة العويل، كنت نحيت هزائمي، وانكساراتي جانباً، وكنزت فضاء تلك السنة الواهنة بأحلامي الصغيرة، كنت قد آخيت الرمل والكثيب، واحترفت الغناء البدوي، كنت اعتقدت أني رأيت ما لا يرى.. كان ثمة طير يؤثث شجر السدر بأعواد القش، فتملآني نشوة آسرة، كان ثمة غيمة تجدل خيوط الماء في أفق البيداء الرحب، فتمني قوافل البدو بمزيد من الرحيل المر.
سيدي هذه سنة تمضي تراكم الهزائم في عمرنا القصير، وتسمل أعين الحلم البهي.. لذا سأهرب إلى الحلم أفتش عن طفل كان يشبهني، كان حين يهطل يربك خطو الصبايا الفاتنات، فيصرخن لله درك يا يوسف، كيف أسرجت أجسادنا بالشهوة!! كان يراكم على شفتيه الكلمات ويتمتم: أدخلن في دمي سأعمد أفئدتكن بالفتنة.
لله در ذاك الطفل كيف توارى، كان ممتلئاً بالجنائن، ومترعاً بالزنابق، والبلاد، كان سيوسع الكون غناء ورقصاً لولا أن الأيدولوجيا طوقته بالسياج الصلد.
من يرجعه إلى مراتع أهله الطافحة بالعشب البري.
من يرجعه إلى تلك الوهاد المبللة بضوء الضحى، والتي ما فتئت تجترح جناية الحداء لقوافل الغيم.. كأني أراه الآن ذلك الطفل، وهو يندلق وراء الشياه البيض، يهتك سر البطحاء، فيناديه صوت غامض، اخلع نعليك.. اخلع نعليك.. إنك في الوادي.
صاحبي خذلتني هذه السنة وولت.
فهل ما يزال رداؤك واسعاً، كيما أنصب خيمتي في جنباته، وأستريح؟
أما يزال طريق الحلم لديك معبداً، إن قدمي متوفزة للمسير؟ ستتبع تفاصيل الحزن في تضاريس البلاد.
سيدي هل ترحل معي في الحلم وتشاركني في احتساء ظلال شجيرات الشيخ، والطلح في بيدائنا؟
سيدي هل ترحل معي في الحلم وتشاركني في ارتشاف ثبج البحر، الساكن تحت قوارب الصيد الغافية في الماء، سنؤاخي بين حداء القوافل، وغناء البحارة.
صاحبي إذا لم يستهويك حلم الطفولة، فكن على مرمى بصر مني، علني اتكئ على قامتك فلا أنكسر، فالسنوات تنسل بين أصابعي كقطرات ماء آسنة.
إلى محبين كثر أنت أحدهم
طلق المرزوقي
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|