الصافي سعيد.. في (خريف العرب) يحلل: الحرب الدامية بين العروبة والإسلام.. والثالوث.. البئر والصومعة والجنرال!!
|
* الثقافية سعيد الدحية الزهراني:
عن دار بيسان ببيروت صدر حديثاً للأستاذ الصافي سعيد.. كتاب بعنوان (خريف العرب البئر والصومعة والجنرال الحروب الدامية بين العروبة والإسلام).
ويأتي الكتاب في أكثر من 450 صفحة من القطع المتوسط.. تناول فيها المؤلف أربعة وثلاثين فصلاً.
المؤلف عرض في كتابه مواقف عديدة ومختلفة تمس الشأن السياسي العربي والإسلامي وأورد مقاربات تحليلية متزنة لكثير منها.. من هذا ما ذكره في مقدمة كتاب (خريف العرب) عندما يقول:
في مجال الافتراض لهذه الأمة، لا توجد إلا الكلمات التي تأخذ مكان الوقائع. والاحتفالات التي تأخذ مكان الإنجازات. وبما أن وجود هذه الأمة لم يعد ظاهرا إلا في اللسان (لنقل الثقافة المشتركة)، فإن البلاغة ((Rethoriqueقد حلت محل التبليغ (الخطاب). لقد كان دائماً للغة في الخطاب السياسي العربي، وجود مكثف، بينما المضمون ظل هزيلاً، ومكرراً مثل التعويذات السحرية، لقد كشفت حرب لبنان الأهلية (العربية العربية) عن هزال تلك اللغة الفضفاضة، حتى تحول الكل إلى عدو ضد الكل.. كما أعلن غزو الكويت على هذيان تلك اللغة الهزيلة. أما سقوط بغداد، فقد عبّر بعمق على موت تلك اللغة الهزيلة والمريضة.. لقد زعم كل طرف أنه يمتلك اللغة الصريحة والعميقة، بيد أن الجميع كانوا يتلهون بالتنميق والتزويق على حساب الواقع العنيد والوله بالاستعارة لسد الفجوات بين الكلام والعمل.. أو بين الشكل والمضمون.. على نحو ما حدث للأدب العربي حين دخل في عصر الانحطاط..
ويضيف قائلاً (سأعطي مثالاً آخر يوضح كيف أن اللغة المنمقة هي عادة لغة مبهمة. وكيف أن الإبهام في اللغة يعود إلى تشويش في الرؤية. لقد رفع قادة العرب منذ زمن طويل شعاراً عرف بالأرض مقابل السلام غير أن هؤلاء لا يعرفون البتة كيف يعطون تفسيرا واحدا لمعنى ذلك الشعار. إن الإسرائيليين ما انفكوا يسخرون منهم، فإذا كان العرب لا يملكون قرار الحرب فكيف لهم أن يعطوا أو يمنحوا لغيرهم السلام؟ أما الإسرائيليون الذين يحتلون الأرض، فهم ليسوا بغباء العرب حتى يعطوا الأرض مقابل لا شيء اسمه: السلام. فعندما يصبح السلام عبارة عن لا شيء فإن إسرائيل غير مضطرة البتة إلى مقايضته بأهم شيء وهو: الأرض).
والكتاب يتناول في مجمله الانعطافات الكبرى من بغداد 1258 هـ إلى بغداد 2003 م ثم ينتقل إلى انعطافات القرن التاسع عشر فالقرن العشرين لتاريخ ما يعرف بالدولة العربية الحديثة!.. وذلك عبر قراءة نقدية للحرب الأهلية الدامية بين توأم العروبة والإسلام التي انتهت إلى التدمير الذاتي المتبادل.
تتخلل الكتاب فصول سردية وأخرى تحليلية لتركيبة السلطة ونشأتها في العالم العربي (من المغرب إلى عمان) عبر قراءة بانورامية موثقة من خلال ثلاثية البئر (النفط) والصومعة (الإسلام) والجنرال (الانقلابات).
وينتهي الكتاب الذي يبدأ من الثورة العربية الكبرى إلى سقوط بغداد 2003 م إلى خلاصة مفادها: أن الصدام الدامي بين العروبة والإسلام قد أفرغ الفضاء الجيوسياسي العربي والإسلامي من محتواه إذ أنهى ما كان يسمى بالإمبراطورية العربية (حلم الدولة القومية الموعود) كما أنهى ما كان يسمى باسترداد دار الخلافة الإسلامية (حلم الخلافة المفقود).. وفي المحصلة الأخيرة نرى كيف باتت العروبة شبحاً مطارداً ومنتحراً فيما بات الإسلام عابراً وتائها وانتحارياً.
يشار إلى أن دار (بيسان) للطباعة والنشر.. تعد إحدى الدور المهمة والتي أسهمت بشكل ملحوظ في دعم النشاط الثقافي والمعرفي.. مستمدة نهجها وتوجهات صاحبها الأستاذ المثقف عيسى أحوش..
(خريف العرب) علامة تضاف إلى السجل المشرف ل(بيسان) وصاحبها الأستاذ عيسى أحوش والكتاب بحد ذاته إضافة نوعية وحساسة من خلال تعرضه وملامسته المباشرة لكثير من النقاط الوعرة وطرحها بآلية متزنة وواعية..!!
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|