صدى لون
العولمة..هذا العالم الجديد!!
محمد الخربوش
|
يتفاعل المبدع عامة مع مجتمعه وبيئته المحيطة في كافة المسارات الحياتية وهو عندما يتناول أدواته وخاماته وعناصره ورموزه يبدأ عملية التفاعل الكامل لكي يقدم أو ينتج طرحاً إبداعياً جديداً يكون قد مر من خلاله بحالة (مخاض) إن جازت التسمية لكي تتم ولادة هذا (النتاج) والمتأمل لهذا الطرح سواء كان طرحاً أدبياً أو فنياً أو لوحة تشكيلية أو قطعة نحتية أو خلافه من معطيات الإبداع الإنساني يلاحظ أن أول مسارات هذا التفاعل هو تأكيد الهوية والالتصاق بالأرض من خلال معطيات وشواهد العمل نفسه التي تؤكد مدى ارتباط المبدع ببيئته بل انك تشتم من خلال الطرح رائحة الارض وعطر المكان بما يؤكد أيضاً أصالة المبدع وولاءه لبيئته ووطنه.. والفنان التشكيلي وهو أحد الممارسين للعملية الإبداعية من خلال اعماله يلاحظ الملتقى على هذه الاعمال ميزة مهمة جداً وهي (الأصالة) والتشبث بالمورث الشعبي الأصيل لوطنه ويتمثل ذلك من خلال العناصر والإشكال والرموز والمفردات والدلالات والمضامين والألوان أيضاً بما يؤكد هوية الفنان وتحديد بيئته أي ان هذه المعطيات اصبحت بصمة عامة للعطاء الابداعي وبصورة اوضح انه بمقدور المتلقي ان يعرف مصدر اللوحة وموطنها من معطياتها المختلفة.
إلا ان الحال في السنوات الاخيرة وفي ظل ما يسمى (بالعولمة) وفي ظل هذا الانتاح الفضائي الواسع وهذه النقلات المتلاحقة تقنياً وفضائياً واعلامياً اختلط الحابل بالنابل كما يقال وانفتحت الثقافات وتلاقحت مع بعضها البعض مما اوجد نوعاً من فقدان الموازين، وتغلل الثقافات الغربية بفضل الهيمنة الاعلامية والتقنية على كافة المجتمعات والثقافات الاخرى واجتياحها وبالتالي ادى هذا الوضع الى ضياع الهويات الاخرى بما فيها الهوية العربية والإسلامية (الأصلية) واندماجها قسراً مع هذا العالم الجديد والذي انعكس بدوره على الاخلال بعنصرين مهمين من عناصر الابداع وهما التفرد والأصالة واللذان يمنحان العمل الابداعي مقومات النجاح وعناصر التشويق ومن هنا جاءت الأعمال بثقافات ومعطيات ومفردات شبة موحدة.
مما أضاع الهويات والثقافات والمفردات التي يتميز بها كل مجتمع عن الآخر واصبحنا نشاهد أعمالاً تشكيلية متشابهة ومتقاربة شكلاً ومضموناً وأسلوباً وأصبحت معطيات الفنان الياباني تتلاقى وتتشابه مع معطيات الفنان في لبنان أو الهند او البرازيل او حتى جزر الواق واق.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
