فؤادٌ في بهيم الضّيم أمسى |
يكفنُ حاضراً ويشيْدُ أمسا |
ويستجدي الجهات ضياء فجر |
يقول لليلهِ المغرور: تعسا |
فينكصُ مُوجعُ النظرات شلواً |
يُصارع في دروب الحلم يأسا |
ويقلب صفحة الرؤيا ويمشي |
على جفنيهِ بين الناس عكسا |
ويصرخ في ظلام الويل فرداً: |
أريد لحندس العميان شمسا |
ويحتلب السراب بكف عجز |
وينحت من أنين البيد كأسا |
ويشرب من زعاف الغبن صبرا |
وينسج من صدى الزفرات ترسا |
ويضحك ملء فيه.. يعود يبكي |
كأنّ بهِ من التّهويل مسّا |
وكيف يُلام من شنقوا مناهُ؟ |
فصار الأنس بين يديه بؤسا |
رأى (بغداد) تُسحق دون ذنْبٍ |
يُصارع مجدها (روما) و(فرنسا) |
وحاضرُها يمد يدي خضوع |
لأوغاد بنوا للعدل رمسا |
رأى (للرافدين) دموع ذُلٍ |
وللآهات في الخلجات أنسا |
رأى طُهر العفاف يُداسُ جهراً |
ويُحمسُ قلب من يحميهِ حمسا |
رأى (عَرَباً) بوجه (أبي رغالٍ) |
غدوا من جبنهم صُمّاً وخُرسا |
رأى.. لا لم يرَ عرباً ولكن |
رأى بعد ائتلاق العزّ رجسا |
(دُمىً) تمشي بأهواءِ الأعادي |
فلم يبقوا لهم ذوقاً وحِسا |
ولستُ الومهُ وأنا وقومي |
نرى.. ونشط إعراضاً.. وننسى |
رأينا ما تذوب له الرواسي |
فلم نرفع من الخسران رأسا |
رأينا الغرب يغرس في ثرانا |
وفي أرواحنا لمِناهُ غرسا |
جثونا نستغيث سُدى النّوايا |
وأشجى نوحنا (جِنّا.. وإنسا) |
رغبنا عن مبادئنا ضلالا |
فلقننا الغزاةُ العمي درسا |
تغشتنا حضارتهم فقمنا |
نؤمّن خلفهم بالجهل خَمْسَا |
فبتنا مغنما سهلاً وباتت |
طوالعنا على الآمال نحسا |
متى سنعود؟ كيف نعود صفا؟ |
وننقذ من شِراك الأسر (قدسا) |
متى نسقي اليهود لظى خُطانا؟ |
ونُلقم غيّهم حزما وبأسا |
متى..؟؟ فيلوح لي أملٌ قريبٌ |
فتنبت لوعي (قلما) و(طرسا) |
واكتب في جبين الحلم شعرا |
واهمس للنجوم الغرّ همسا: |
غدا سترين موكبنا بهيّاً |
يٌقيم على ثراك العذب عُرسا |
غداً سنعيد للإسلام عِزا |
ونطمس صفحة الإذلال طمسا |
ونرفع (راية التوحيد) نورا |
يطيب بها فسيح الكون نفسا |
فيسعد من بليل البؤس أمسى |
ويغسلُ نصرُنا الوضّاء أمسا |