| رُدِّي إِلَيَّ بَصِيرَتِي وَصَوَابِي |
| فَلَقَدْ مَلَلْتُ مِنَ الْحَيَاةِ رَغَابِي! |
| لا تَعْجَبِي إِنِّي بَدَيْتُ بِلا رُؤَى |
| حِينَ الرَّبِيعُ غَدَا ظِلالَ ضَبَابِ |
| مَا عَادَ يُطْرِبُنِي الْغِنَاءُ وَلا الْهَوَى |
| فَكِلاهُمَا مُسْتَنْفِرٌ لِعَذَابِي |
| ضَيَّعْتُ أَحَلامَ الشَّبَابِ فَلا مُنًى |
| تَنْثُو عَبِيرَ الطُّهْرِ.. فِي أَجْنَابِي |
| حَتَّى سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَزَيْفِهَا |
| وَأَفَقْتُ عَنْ لَغَطٍ بِهَا.. وَلَعَابِ |
| رُحْمَاكِ يَا نَفْسِي الْكَلِيمةَ إِنَّنِي |
| أَسْرَفْتُ فِي الْإِغْفَاءِ.. وَالتِّجْوَابِ |
| وَالْعَيْبُ أَنِّي لَمْ أَزَلْ فِي غَفْلَةٍ |
| أَلْهُو بَأَوْتَارِ الْهَوَى وَرَبَابِ |
| لَمْ أَعْقِرِ الْكَأْسِ الدَّنِيةَ مَرَةً |
| أَوْ مِلْتُ فِي شَوْقٍ لَهَا وَرَغَابِ |
| لَكِنَّهَا الدُّنْيَا أَعِيشُ لَهَاثَهَا |
| وَأَسِيرُ فِي سَبْقٍ لَهَا.. وَطِلَابِ |
| يَا وَيْلَتِي عِنْدَ الِّلقَاءِ فَإِنَّنِي |
| خَجِلٌ لِمَا قَدَّمْتُ.. فِي أَعْقَابِي! |
| إِنْ تُهْدِنِي رُشْدَ الطَّرِيقِ فَإِنَّنِي |
| وَلِهٌ لِعَوْدِ بَصِيرَتِي.. وَغِيَابِي |
| أَوَّ آهُ يَا نَفْسِي الْكَئِيبَةَ وَالدُّنَا |
| عَشِيَّتَ رُؤَاكِ بِزَيْفِهَا.. الْخَلاَبِ |
| أَفْرَطْتِ فِي الإِبْعَادِ عَنْ دَرْبِ التُّقَى |
| وَدَلَجْتِ لَاهِيَةً بِكِلِّ.. مُعَابِ |
| لَيْتَ الَّليَالِي أَنْ تُعِيدَ لَكِ الْحِجَى |
| فَيُضِيءَ نُورُ اللهِ.. فِي أَهْدَابِي |
| حَتَى أُذِيقَ النَّفْسَ لَذَةَ.. صَحْوَةٍ |
| يَصْفُو لَهَا قَلْبِي.. صَفَاءَ سَحَابِ |
| فَالْعَوْدُ حَوْلَ الْبَيْتِ غَايَةُ مُنْيَتِي |
| مُسْتَمْسِكًا بِسِتَارِهِ وَالْبَابِ |
| تِلْكُمْ لَعَمْرِي أُمْنِيَاتٌ عِشْتُهَا |
| فِي خَافِقٍ يَسْمُو عَنِ الْإِعْرَابِ |
| عَلَّ الَّذِي قَدْ كَانَ مِنْ سَقْطِ الْهَوَى |
| وَتَجَاوَزٍ لَمْ يُفْضِ عَنْ إِعْجَابِي؟! |
| إِنِّي وَأَدْتُ الْيَوْمَ كَلَّ مَظَنَّةٍ |
| تُصْغِي إِلَى الإِذْعَانِ.. لَلأَتْرَابِ |
| لَا تُسْرِفِي يَا نَفْسُ فِي دَرْبِ الْغَوَى |
| إِنَّ الَّذِي أَخَشَاهُ قُرْبَ.. إِيَابِي |
| كُلٌّ سَيَأْتِي رَبَهُ مُتَجَرِدًا |
| مَاذَا يُفِيدُ الْمَالُ.. يَوْمَ حِسَابِ؟! |
| هَلْ يَنْفَعُ الْأَهْلُونَ فِي قَاعِ الثَّرَى |
| أَوْ يَشْفَعُ الأَصْحَابُ.. لِلأَصْحَابِ؟ |
| حَتَّى إِذَا وُورِيتُ قَبْرِي لَمْ يُفِدْ |
| مَنْ يُحْسِنُ التَّلْقِينَ فَوْقَ تُرَابِي |
| الأَهْلُ وَالْخِِلَّانُ كُلٌّ وَدَّعُوا |
| لَمْ يَتْرُكُوا عِنْدِي سِوَى.. النِّعَابِ |
| لا تَقْنَطِي يَا نَفْسُ إِنِّي مُؤْمِنٌ |
| مَا سُدَّ بَابُ العفوِ.. لِلتَّوَّابِ |
| فَاللهُ يَفْرَحُ حِينَ نَطْرُقُ بَابَهُ |
| وَنَجِيئَهُ رَاجِينَ فَتحَْ الْبَابِ |
| يَوْمٌ يَرَى كُلٌّ نَتَائِجَ فِعْلِهِ |
| فِي صَفْحَةٍ مَقْرُوءَةٍ.. وَكِتَابِ |
| لا يُظْلَمَنَّ الْمَرْءُ فِيهَا حَبَّةً |
| مِنْ خَرْدَلٍ أَوْ أَنْمُلٍ.. لِذُبَابِ! |
| لا تَسْأَلَنَّ عَنِ الْجَحِيمِ فَلَفْحُهَا |
| نَارٌ وَقُودُ حِجَارةٍ.. وَرِقَابِ |
| يُسْقَوْنَ مِنْ غِسْلِينَ فَيهَا جُرْعَةً |
| تَصْلَى بِحُرْقَتَِهَا حَشَا.. الْمُرْتَابِ |
| بَلْ تُلْهِبُ الأَمْعَاءَ عِنْدَ حَسَائِهَا |
| كَتَمَزُّقِ الأَحْشَاءِ.. مِنْ تِيزَابِ |
| أَمَا إِذَا جَاعُوا فَإِنَّ طَعَامَهُمُ |
| نَبْتٌ مِنَ الزَّقُومِ.. وَالأَخْشَابِ |
| ذُوقُوا الَّذِي كَذَّبْتُمُو فِي غَيِّكْمْ |
| فَلَكْمْ لَدَيْنَا الْيَوْمَ سُوءُ.. عِقَابِ |
| أَمَّا الَّذِينَ سَمَتْ بِهِمْ أَخْلاقُهُمْ |
| فَتُرَاهُمُو.. فِي جَنَّةِ الأَعْنَابِ |
| فِيهَا مِنَ الْعَسَلِ الْمُصَفَّى أَنْهُرٌ |
| أَشْهَى مِنَ الأَنْسَامِ لَلأَحْبَابِ |
| وَالْحُورُ فِيهَا قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ مِنْ |
| حُورِ الجِّنَانِ كَوَاشِحَ.. وَكِعَابِ |
| يَطُوفُ الْوِلْدَانُ حَوَلَ جِنَانِهِمْ |
| بِكُؤُوسِ خَمْرٍ.. لَذَةِ الشُّرَّابِ |
| لا غَوْلَ فِيهَا إِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ |
| يَهْنَى بَِهَا الصَّادُونَ فِي اسْتِحْبَابِ |
| حُلُّو أَسَاوِرَ فِضَةً مَصْقُوَلَةً |
| وَكُسُوا حَرِيرًا زَاهِي الأَثْوَابِ |
| لا يَسْمَعُونَ الَّلغْوَ فِي أَرْجَائِهَا |
| نزقاً ولا هزءاً من الكذابِ |
| في جلسةٍ فوقَ الأرائكِ تجتلى |
| للناعمينَ بضجعةِ الأجنابِ |
| في جنةٍ عرضِ السماواتِ العلى |
| ومساحةِ الأرضينَ والأقطابِ |
| والعرشُ يبلغُ في المساحة مثلها |
| لا تعجبوا من حسبتي وحسابي! |
| إن السما والأرضَ عبرَ فضائها |
| كفراشةٍ.. ضلتْ بتيهِ الغابِ |
| فالله قدْ خلقَ الفضاءَ بعلمهِ |
| يستوعبُ الأشياءَ في استرحاب |
| لا تنكروا بالعقلِ أمراً كائناً |
| فالعقلُ لا يرقى إلى استيعابِ |
| فالأولونَ السابقونَ تواثبوا |
| في همةٍ شلتُ قوى الإرهابِ |
| خاضوا الحروبَ مع النبي وصحبهِ |
| وسلاحهمْ في الحقِّ بضعُ حرابِ |
| الدينُ وحدهمْ وجمعَ شملهمْ |
| بعدَ الذي عانوهُ.. من أثلابِ |
| أحلاسُ ليلٍ لا يهابونَ الوغى |
| في موكب للنور.. والآدابِ |
| واحسرتا يا نفسُ إنْ عز اللقا |
| وحملتُ أشلائي وخزيَ مآبي |
| حسبي من الأيامِ ذكرى عشتها |
| حفلتْ بكلِّ خطيةٍ.. وغلابِ |
| فلتهجري الأمسَ الشقي بخافقٍ |
| يسمو عن الإكبابِ في الأوصابِ |
| يا نفسُ كفي عن غوائك وارعوي |
| وتنزهي عن سلوتي.. وغيابي |
| رباهُ إني حائرٌ متعثرٌ |
| قد جئتُ والأدرانُ ملءُ ثيابي! |
| أرجو لديكَ متوبةً مقبولةً |
| إني عقلتُ مطيتي.. وركابي |
| حول المطافِ علقتها في صحوةٍ |
| خلصتْ منَ الأرجاسِ والأوشابِ |
| فأمننْ عليَّ بتوبةٍ تجلُ بها |
| ما كان في دنياي منْ أنصابِ |
| واستقبل اللهمَّ عبداً آيباً |
| أفضتْ سريرتهُ عنِ الأسبابِ |
| وأختمْ بإيمانٍ حياتي رحمةً |
| من جودكَ الفياضِ للأوابِ |
| ثم الصلاةُ على النبي محمدٍ |
| ما أشرقتْ شمسُ الدنا بهضابِ |
| واصفحْ عنِ الصحبِ الكرامِ جميعهم |
| وتولهم يا رب بالترحابِ |
| الخاشعينِ لربهم في ذلةٍ |
| وتنزه عنْ كثرةِ الأربابِ |
| فاللهُ ربٌّ وحدهُ في ملكهِ |
| جلتْ لهُ الأسماءُ عنْ ألقابِ |
| إنْ قال كن: كان الذي في علمهِ |
| ما بينَ خفقِ الطرفِ والأهدابِ |
| أعظمُ به منْ خالقٍ لا يرتضي |
| غيرَ الجميل لكل أمرٍ.. خابي |
| رباهُ.. بلغني الشفاعةَ إنني |
| كلفٌ بحبِّ المصطفى.. المنجابِ |
| (طه) الذي ملكَ الشغافَ محبةً |
| ذي المعجزات الكثر.. للمرتابِ |
| جاءَ الورى بالهدي عبرَ محجبةٍ |
| فاضتْ بنورِ الحق في إعجابِ |
| كف المثالبَ عن نفوس أحجمتْ |
| في غيها.. عن نوره المنسابِ |
| فاستأصل الأصنامِ عنْ عينِ القذى |
| فانداحَ صوتُ الشركِ والأحزابِ |
| وافترَّ نورَ الدينِ فوقَ شفاههمْ |
| من أرضِ (مكةَ) موئلِ الأنسابِ |
| فاستبشرت أرضُ الخليقةِ كلها |
| إذْ جلَّ نورُ.. اللهِ في المحرابِ |
| ثم الصلاةُ على النبي فإنهُ |
| خيرُ البريةِ طاهرُ الأصلابِ |
| الشافعُ المشفوعَ سيد قومه |
| فلكمْ سما بالخلقِ والآدابِ! |
| غفراك للأهل الكرامِ فإنهمْ |
| فيضُ الخلود لذروة الإنجابِ |
| واشملهمو بالعفوِ يا من عندهُ |
| أمرُ السما والأرضِ في استتبابِ |
| وأكرمْ إلهي نزلنا في محشر |
| نغشاهُ في خوفٍ من الأعقابِ |
| وأنزلُ علينا رحمةً مرجوةً |
| تمح بها ما كان.. من أوصابِ |
| إني أحسُّ الشوقَ بينَ جوانحي |
| للكوثرِ المورودِ للأحبابِ! |