كيفَ نلُمّ شملَ الثقافة؟ محمد المنيف
|
رغم أن صفة الثقافة تطلق على كل وسائل التعبير الإنسانية من شعر وقصة وفنون تشكيلية ومسرحية مع ما يلحق بها من الفنون السبعة كالإذاعة والتلفزيون والسينما إلا أن من منحوا تلك القدرات لم يعوا المسؤولية المناطة بهم كلٌ في تخصصه تجاه العلاقات بينهم كأفراد يشتركون في الهاجس الواحد مهما اختلفت وسائل التعبير متناسين ما تعنيه تلك الوسائل وما يمكن أن تحققه في حال انصهارها في بعضها البعض وتقديمها في قالب متكامل إذ أصبح كل مبدع يعيش في عالم منعزل يدور حول نفسه تتقاذفه الرغبات والمنافسة غير الشريفة في كثير من الأحيان أو عكسها في أحيان قليلة وصولاً إلى الخلافات والانشقاق داخل الإطار الواحد.
وقد يكون واقعنا الثقافي المحلي الأكثر تباعداً من بين مثيلاته في الدول العربية التي تتقارب وتتزاوج فيها الافكار وتتلاقح الإبداعات نتج عنها مشهد ثقافي مشترك بنكهات واحدة لا يمكن الفصل بينهم وهذا لم يكن ليتحقق إلا بوجود علاقات متواصلة ومتصلة تشكل منها نهر اسمه الثقافة تصب فيه قنوات تنهل من الينابيع الإبداعية، فمن تلك الأمور التي تكشف حجم التباعد وعدم القدرة على التلاحم افتقادنا لآلية تفعيل الملتقيات أو المناسبات التي تجمع أولئك المبدعين من شعراء وقاصين، كتاب، روائيين، ومسرحيين في محيط واحد كأفراد وليس إنتاجا لتعميق المشاركات الوجدانية، ومن المؤسف أن يعيش أفرادها بشكل منغلق دون أدنى تحرك من أحدهم نحو الآخر.
ففي قرب العلاقات بين أولئك المبدعين ما يثري عطاءهم بالحوارات المباشرة والنقد والتحليل وتقريب مسافات التواصل ونعني هنا وجود منتدى رسمي يتشكل أعضاؤه من مختلف المبدعين ويتم الحوار فيه بشكل أسرى بعيداً عن البروتوكولات المعتادة المحاطة بالتكلف أو التنظير الأكاديمي وألا يكون هناك تقنين أو تحديد لفئة دون أخرى كما كنا نسمع ونشاهد من إعلانات عن خيمة الشعر وأخرى للمسرح إلى آخر المنظومة وليكن الإعلان شاملاً يسهم ويحضر فيه اقطاب الثقافة والمبدعون فيها على اختلاف مشاربهم ليوجد به حلاً لمشكلة جهل التشكيليين بالشعراء أو تجاهل الشعراء بأمسيات الأدباء وبعد العلاقة عن الفن التشكيلي إلا ما يمرون به مرور الكرام من خبر عابر أو لصلة قرابة مع أحد المنتمين لهذا المجال أو بما يملي عليهم من معلومات قاصرة عند بحثه عن منفذ لحديث حول هذا الفن وفنانيه كما نجد في التشكيليين من يجهل اسم شاعر أو أنه قرأ مقالة أدبية أو تفضل بحضور مسرحية والأمثلة كثيرة لا يمكن تصورها أو قبولها مع قناعة كل منهم بأهمية قربه من الآخر وبإمكانية الخروج بمنجز واحد فالجميع يقفون في خندق مشترك يمكن في حال وجود سبل الالتفاف أن يشكلوا خطا دفاعيا إبداعيا لكل الظروف والمواقف واهمها المواقف الداعمة للوطن لهذا فنحن بحاجة لتكون الثقافة في إطارها الصحيح عبر ما يؤمل فيه من قادم الأيام وبما تسعى إليه وزارة الثقافة والإعلام من رسم مستقبل أكثر فهماً ووعيا بما نحن في حاجة إليه وفي مقدمتها تقارب أصحاب الإبداع وانصهاره في قالبه المنظم والمتلاحم وأن يجد المبدعون ما يتيح لهم في عطاءات بعضهم البعض والسير بشكل منظم في طريقهم المشترك.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|