العمالقة
|
شدني ما خطه يراع وفكر الناقد الجهبذ حبيبنا الأستاذ عبدالعزيز عبدالله السالم بتلك الكلمات الرصينة والمضيئة التي جاءت عبر اللقاء في مجلة المعرفة وقلت في نفسي هذا مثال لجيل العباقرة الذي اختفى من عالمنا أو يكاد أنه بقايا مرحلة العقاد وطه حسين وغيرهما من عباقرة عصر النهضة العربية. هؤلاء الكبار القدوة أساتذة وتلاميذ مفخرة للأجيال الذين صرعتهم الشعارات البراقة التي تحاول أن تطيح بتراثنا الخالد.
وأديبنا الكبير عرفته منذ ثلاثين عاما عن طريق جريدة الرياض في زاويته الأسبوعية التي تحمل توقيعا باسم (مسلم المسلم) والذي جعل المتابعين لتلك الزاوية يتساءلون عمن يكون هذا الأديب المبدع فهو في معالجته الأسبوعية الفكرية يمثل قامة أدبية مضيئة تشدنا جميعا إلى معرفة ذلك اليراع الباذخ المتألق ورغم علاقتي القوية بالصحيفة حينذاك ومشاركاتي فيها فقد أخفقت في معرفة ذلك الكاتب الذي يشبهني في الميل إلى الانطواء والعزلة بينما ينفرد في إخفاء صورته عن الظهور صنواً مع مشاركته الأسبوعية ومع ذلك بقي التساؤل لعدة سنوات حتى كشف النقاب عن ذلك الأديب المتشبع بصفات جيل الثقافة الجذرية الذين نحاول أن نقتدي بهم في الانكباب والعزلة بعيدا عن الأضواء التي تصرف النظر عن العطاء الزاخر بالوعي والانقياد إلى المسؤولية الفكرية في وقت يتسابق فيه أدعياء الثقافة في الجري نحو الفضائيات لتلميع شخصياتهم وإظهار نبوغهم الزائف.
ومضت السنوات حتى أن أديبنا الكبير انصرف عن الكتابة لضغط العمل الرسمي على وقته الذي يهمه فيه أن ينكب على القراءة والتحصيل الثقافي. ورغم ذلك فإنه لا ينسى أصدقاء الحرف الذين يصعب عليه الالتقاء بهم فقد كان يعنى بمتابعة عطائهم تشجيعا ومؤازرة لهم حتى وجدت الهاتف يدق في منزلي ذات يوم وإذا بالمتحدث أديبنا الكبير الأستاذ عبدالعزيز السالم وبعد أن تفضل علي بأسئلته الحميمية طلب مني بلفتة حانية تزويده بنسخ من إصداراتي التي يرغب في تقديمها إلى إحدى الجهات لتنال التقدير الذي تستحقه وهو موقف أكبرته من هذه القامة الأدبية فيكفيني فخرا أن يتابع نتاجي أديب مثله.
شكرا لصديقنا الأستاذ إبراهيم التركي على هذه الإطلالة القصيرة لمبدعنا السالم وحتى يتيح لي أن أرد له ما يستحقه عن تلك الالتفاتة النبيلة فقد قدم الكثير لمجتمعه ومن حقه أن ينال التكريم الذي يستحقه لولا أن مشهدنا الثقافي يكاد أن يجحد مبدعيه ولا يلتفت إلى ما قدموه للوطن.
فعسى أن تنتبه وزارة الثقافة والإعلام في عهدها الجديد إلى أبنائها البررة الذي يكاد عطاؤهم أن يضيع في هذه الزحمة الإعلامية للأشخاص وليس للنتاج والإبداع.
إبراهيم بن ناصر الحميدان
ص.ب: 6324 الرمز: 11442
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|