غموض في الطرح أم قصور في المتلقي!! محمد الخربوش
|
كثيرة هي معارض الفن التشكيلي، زحمة معارض هنا وهناك مؤشر جميل لازدهار الحركة التشكيلية وتناميها محاولات جادة من الفنان التشكيلي للوصول إلى المتلقي العادي والمثقف إلى كل الأطياف من الناس.. يقدم الفنان التشكيلي أياً كان على فتح نوافذه للناس للاطلاع على تجربته متضمنة أعماقه ومشاعره وأحاسيسه ومدركاته وثقافته مساهماته منجزاته من خلال طرح أعماله الفنية وتقديمها للكل ليقوم الملتقي بدوره بالاطلاع والاستقراء والحوار والاستمتاع وإدراك الجمال وإدراك المضامين ووصول الرسالة، ولا تتم هذه المنظومة إلا من خلال وجود أجواء ومناخات تساعد على التفاعل ما بين المتلقي وما يقدم من منجزات فنية وعطاءات يتم عرضها وتقديمها للمتلقي الذي يحدوه الأمل عندما يدفع بقدميه لزيارة معرض ما. جاء بحثاً عن أشياء وقيم ومدركات يعتقد أنها غائبة قد يجد بعضها أو جزءاً منها في فضاء معرض ما.. ومن هنا فإنه جاء بدافع ذاتي جاء ليستمتع، جاء ليحاور، ليناقش، جاء ليكون جاء ليجد نفسه وقد غاب لحظات يتلمس مكامن الجمال في ردهات المعرض.. البعض من المتلقين يكون لديه القدرة على التفاعل على الحوار من خلال ما يملكه هو من ثقافات متعددة تساعده على أن يكون أكثر إدراكاً وعمقاً وتفهماً وتعاملاً أي أنه لديه الأرضية الخصبة للإبحار مع النصوص البصرية المتاحة والتفاعل معها وسبر أغوارها لتكون المحصلة النهائية سياحة جمالية بكل أبعادها الفنية والتقنية والثقافية والفكرية، البعض من المتلقين لديه الرغبة ولديه الحماس في الإطلالة على دور العرض التشكيلي يأتي مدفوعاً بهذه الرغبة ويبدأ مشوار الرحلة مع ما تم عرضه من مشاهد بصرية يحاول ويحاول يجتهد أن يكون لكنه قد يصطدم بغموض في الطرح لا يدركه هو رغم محاولات البحث والاستقراء لا شيء، طلاسم، مساحات ولو أنها غير مدروسة وعشوائية ضربات فرشاه غير واثقة وكأنها عبث طفولي، خطوط مرتبكة، عمل بدون بناء صخب فوضى ألوان طرح لا يغري الوقوف أمامه يتسلل المتلقي إلى كل الجهات بحثاً عن الضوء، بحثاً عن الجمال، يلف القاعة بعجل لم يشده مشهد معين كل الطرح غير مغرٍ بالبقاء، تتراكم الأسئلة في مخيلته.. أين الجمال أين المدركات البصرية والجمالية التي جئت بحثاً عنها؟! أين الأفكار؟ أين الإيحاءات أين المضامين التي جئت لاستخلصها من قاعة العرض؟؟ تحاصره الأسئلة الخلل موجود!! لكن منْ مَنْ يا ترى؟ هل للفنان نفسه دور في ذلك من خلال غموض الطرح وعشوائية التكنيك أم من خلال المتلقي نفسه أيضاً؟ والذي قد لاتزال ثقافة الفنية غائبة.
عموماً لايزال الجدل قائماً ما بين المتلقي وما بين المشاهد التشكيلية.. المشوار طويل والجدل مثير لكن الأيام حبلى باللحظات الجميلة وكفيلة هي الأخرى بإدراك الوضع وتصحيحه من خلال معادلة ثقافية مشتركة قوامها الفنان المنتج الواعي بما يقول والمتلقي المثقف الباحث عن الجمال ولا غيره.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|