غياب النقد الأدبي عن الحركة الثقافية الحديثة عبدالله حمد الحقيل
|
للناقد رسالة جليلة إذ النقد ملكة وموهبة فنية أصيلة يمتاز صاحبها بسلامة الذوق ودقة الحس وعمق النظرة والثقافة الواعية الشاملة، والناقد كما يقال حجر المسن فإن لم يقطع فإنه يشحذ الحديد، ولعل مما يؤسف له أن النقد ليس موضوعيا في بلادنا فحسب، وإنما في العالم العربي وغيره يظل النقد بين الموضوعية وبين العاطفة ونظرة عجلى إلى ما يكتب في عالم النقد الأدبي تجد بعض الأقلام تشيد وتطري إنتاج أناس وتشيد بمواهبهم وتخلق لهم مزايا وسمات لا يراها الناقد الحصيف المنصف. في ذلك الإنتاج عندما يمعن النظر ويدقق في حقيقة الموضوع. إن هذا الضرب من النقد ينبعث من منطلقات شتى كما نلاحظ البعض يحكم على بعض الكتب وإنتاج أصحابها بضروب شتى من اتهام بالجهل وعدم المعرفة فيرميهم بالتجريح فبدلا من التوجيه والبناء يسعى إلى الهدم ويقف موقف الحاسد وأعتقد أن هذا الأسلوب مبتذل ورخيص لأنه يقوم على غايات دنيئة.. صحيح أن هناك تفاوتا بين الأدباء في إنتاجهم وعطائهم، ويوجد التمايز والنوعية ولذا يجب دراسة الأثر الأدبي دراسة تحليلية وإبراز مواطن الجمال والجودة وجلاء مواطن الضعف وبوادر النقص ولكن ليست وظيفة النقد أن يهدم وإنما يبني وينبه فالنقد علم له قواعد ومعايير ونظريات تستند إلى الفكر والفعل لا إلى العاطفة والهوى، والناقد الحصيف هو الذي يمتاز بالنظرة السليمة ويملك الرؤية العميقة ويتصف بالموضوعية والفكر السديد والرأي الصائب وببسط الحقيقة وسلامة الذوق ودقة الإحساس وسعة الاطلاع والتجرد ويساعد القارئ ويتيح له فرصة الفهم والتمييز والتذوق والسمو به في عطائه الفني، إذ الناقد هو الرائد الذي ينأى بقلمه عن الحقد ورواسبه.. بل يرتفع بالقارئ إلى المستوى الأمثل فترتفع قيمته ويبرز تفوقه لأنه صاحب رسالة وهدف واضح يشعر أنه مسؤول عن تحقيقه وأدائه، والأدب لا ينمو ويزدهر ويترعرع وينتعش إلا في ظل النقد الأدبي الموضوعي الذي ينهض به ويتقدم، وكلما كان الناقد موضوعيا كلما استقبله القراء بالرضا والارتياح والقبول والتجاوب ومن يتتبع تاريخ النقد في تلك العصور التي مرت به وفي تلك الأزمنة التي تعاقبت عليه يدرك أنه لم ينتعش ويزدهر إلا في الأزمنة التي تزدهر فيها الثقافة والمعرفة؛ لأنها من أسباب نموه ورقيه وازدهاره وتقدمه، وهكذا نجد أن الحديث عن النقد والنقاد كثير الجوانب متشعب النواحي وبخاصة في عصور ازدهار الأدب والشعر.
وحينما نجد الأدب الجيد يكون الناقد الجيد كما يقال فالنقد عامل مهم في ازدهار الأدب ومؤازرته، والأخذ بأسباب التحليل والتوصيف والنقد.
نحن في حاجة إلى الناقد الذي ينعش ما ذوى من الأمل في ندرة النقاد وعدم موضوعيتهم وتهيئة النفوس للإيمان برسالة الناقد ودوره في بناء صرح الأدب فيمتع القراء بالدراسات المفيدة والعطاء العميق والإنتاج الجيد، وحينئذ سيكون لدينا أدب وأدباء ونقاد لا يقلون في ضروب الثقافة والفكر عن أمثالهم في البلدان المتقدمة الأخرى، ويضيفون للمشهد النقدي أسسا نقدية.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|