يحمل روح وطنهم ورائحته التشكيليون السودانيون ينقلون خضرة النيل وصحراءه في معرضهم الجماعي
|
* الثقافية محمد المنيف:
شهدت الساحة التشكيلية في موسمها المنصرم العديد من المعارض منها المحلي فردياً كان أو جماعياً ومنها المعارض الجماعية والفردية إضافة الى فنانين عرب من مختلف الدول العربية توزعت بين مدن المملكة وفي مقدمتها مدينتا جدة والرياض وكان من ضمن المعارض الجماعية التي أقيمت في الرياض معرض لمجموعة فنانين تشكليين من السودان الشقيق جمعتهم الغربة ووحدتهم الهموم والشجون والتقى في وجدانهم الكثير من معاني الحنين نحو الوطن فكانت اللوحات بما حملته من مضامين وملامح التراث السوداني بشكل خاص والأفريقي بشكل عام هي السمات البارزة في المعرض أبدعها مجموعة من الأسماء منها من له سابق تجربة ويعد من الرواد ممن لهم أساليب معترف بها على الساحة التشكيلية السودانية ولهم تواجد عربي وعالمي إضافة إلى أسماء لا تقل بأي حال عن السابقين ويحملون هاجساً مشتركاً في ايصال هذا الإبداع إلى أعين الآخرين.
والواقع أن السودان الشقيق يحفل بالكثير من الإبداعات الأدبية والثقافية التي يتردد صداها عالمياً وإذا كانت الرواية السودانية قد حققت الانتشار فللفنون الأخرى دورها أيضاً ومنها الفنون التشكيلية التي برز فيها العديد من الفنانين وضعوا لهم مواقع ومكاناً ومكانة في أوساط التشكيل العالمي إضافة إلى انتشار الأسلوب السوداني في مختلف بلدان العالم خصوصاً ما يطلق عليه مدرسة الخرطوم التي تبعها عدد من الاتجاهات الفنية ومدارس أخرى مثل مدرسة الواحد وغيرها من الأساليب، فأصبحت بها الفنون التشكيلية السودانية متميزة لقيام المنتمين إليها باستلهام الموروث الشعبي من زخرفة ورموز تعود إلى أصول أفريقية وعربية اضافة إلى توظيف الحرف العربي كل ذلك بتقنيات حديثة معاصرة تسابق وتنافس دون أن تتخلى عن جذورها.
والواقع أن الفنان السودان محظوظ كثيراً بوجود مرجعية تراثية بصرية استطاع استخلاص عناصره نتيجة تعدد الأجواء ومظاهر الطبيعة وأشكال الحياة واللغات والثقافات من عادات وتقاليد وأنماط معيشة ومن تنوع جغرافي مما قوى من مصادر تنوعه الطبيعي أو بما أورثته له الحضارات التي قامت هناك وما مكنه من الحصول عليه من الآثار في الكهوف الغنية بالرسوم والنقوش الممتزجة في أنماطها بين العربية والأفريقية ما جعل الفنون التشكيلية السودانية تنوع في ثقافتها عوداً إلى أصولها التي قامت على ضفاف النيل وتمازجت فيه تلك الحضارات الإسلامية فتشكل منها الشكل والمضمون والفكرة والتقنية التي لا يمكن أن تجدها إلا في العمل التشكيلي السوداني وقد ساعد إنشاء كلية الفنون الجميلة منذ أكثر من ستين عاماً وقيامها بتدريس الفن على أصوله الحقيقية أو ما تبعها من اهتمام بالفنانين وابتعاثهم إلى مختلف دول العالم لدراسة الفنون إلى انجلترا شأنها شأن مختلف الدول العربية التي حرصت على هذا الإبداع وأولته اهتمامها فكان لمثل هذه الكوادر دور كبير في نشر هذا الفن وتعليمه محلياً وعربياً. ويقول الفنان الأستاذ الدكتور محمد عبدالمجيد فضل أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية تربية فنية جامعة الملك سعود سابقاً ومدير التعليم في مؤسسة الفن النقي حالياً أن الكثير من الأعمال الفنية منذ الستينيات قد وجدت طريقها إلى المتاحف العالمية لزوار فكتوريا والبرت ومتحف مانشيستر ومتحف الان فالوري ومتحف هوفن ومتحف ايبرسون ومتحف نيوريوك للفن الحديث يمكن أن يشاهدوا الابداع السوداني إضافة إلى صالات العرض المختلفة والمجموعات الخاصة لكثير من عشاق الأعمال الفنية ويضيف الدكتور فضل أنه قدتبع الحركة التشكيلية السودانية تنظير كثير وفكر واعٍ وثاقب ودراسات وبحوث وتنظيم في الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين الذي تأسس عام 1951م واستمر إلى الثمانينات وعاد للحياة مرة أخرى في التسعينيات. انتهى.
ملتقى تشكيلي سوداني للمبدعين
الواقع أن الغربة والبحث عن لقمة العيش لم تحول دون التقاء التشكيليين السودانيين وتأسيسهم لجمعية أو ما يمكن أن نطلق عليه ملتقى تشكيلي يضم الكثير من الأسماء المبدعة في هذا المجال منهم الرواد وأصحاب التجارب الطويلة ومنهم الأسماء الجديدة المتخصصة والممتلكة لجرأة المنافسة والمعطاءة في الفنون التشكيلية استطاع الجميع أن يلملموا هواجسهم وأن يوحدوا عشقهم للوطن وملهماته التراثية والتعريف بها إلى العالم ومنها أبناء المملكة الذين سعدوا بمثل هذا المعرض اضافة إلى سعادتهم بالفنانين السودانيين والفنانين من الدول العربية الشقيقة الذين ساهموا في دعم الفن التشكيلي السعودي عبر المشاركات في المعارض أو من خلال تعليمهم للفن في مدارس المملكة وجامعاتها.
نخبة متميزة وإبداع متألق
شارك في المعرض الجماعي السوداني الأول نخبة رائعة من الفنانين التشكيليين السودانيين قدموا عدداً كبيراً من الأعمال تنوعت فيها الأساليب والموضوعات وتلاحقت فيه السمات الأفروعربية وبرزت فيها الشخصية السودانية المعروفة بعناصرها ورموزها وايحاءاتها معبرة عن ابعاد تاريخية وتراثية نهلها المشاركون من إرثهم العظيم أنماط وأشكال وأسلوب حياة.
فقد كان الواقع العام في السودان بكل ما يحيط بالإنسان هناك من أنماط بناء شعبية وجمال بيئة الغابة أو الصحراء أو الحياة الاجتماعية في القرية والريف هي السمات البارزة في غالبية الأعمال اضافة إلى توظيف الرموز والنقوش الشعبية بشكل لافت للنظر، أما الجانب الذي لا يمكن أن يغفله المشاهد فهو الشخصية السودانية أو لنقل الروح العامة التي أصبحت القاسم المشترك بين كل الأعمال التشكيلية السودانية تحقق منها الوجود العالمي فأرغمت المتذوقين والنقاد والمسؤولين عن المتاحف لاقتنائها، فلدى الفنان السوداني قدرة نادرة بين غالبية التشكيليين على اقتناص زوايا الجمال دون إقحام أو إيجاد زخم من العناصر إضافة إلى أنه هناك علاقة كبيرة بين أشكال وعناصر العمل الفني لديهم وبين مفردات الرواية والقصة والقصيدة السودانية كما أن الفنان السوداني يتمتع بألوان خاصة استقاها من واقع البيئة المتمازجة بين الخضرة أو الغابة وبين الصحراء ودرجات اللون فيها عوداً إلى تنوع المشارب وينابيع الإبداع في تنوع البيئة الجغرافية بين الشمال والجنوب والوسط فأصبحت بالتة أو ملون الفنان هناك ذو صبغة متفردة نجدها في مختلف اللوحات مهما اختلفت طرق التنفيذ.
المشاركون في المعرض
الفنانون د. محمد عبدالمجيد فضل، أحمد طه الباشا، محمد صالح أحمد محمد، عثمان عزالعرب، حامد يحيى الباشا، محمد إدريس يوسف، صلاح الدين وديدي، مصطفى عصام الدين، حسن عبدالكريم، حمزة نميري، عبدالله عبدالكريم الماجد، علي السماني، سليمان عبدالتواب الزين، هشام محجوب، الصادق عجينة، عصام الدين الهادي الياس، الجزولي محجوب محمد، محمد الأشرف أبو سمره، كمال مصطفى، عثمان جاه الله، هشام محمد عباس، سليمان أحمد جوه، عبدالقادر الكدرو، طارق أحمد عبدالله، وصال سعد الأمين.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|