أبعاد ثقافية وعقد تاريخية ووجه استعماري بغيض الفتح المبين في تصنيفات أميركا للعرب والمسلمين
|
* عبدالله السمطي:
لا يخلو التقرير اليومي للبيت الأبيض الذي يقدمه الناطق الرسمي له في مؤتمر صحفي يومي من الإشارة للعالمين العربي والإسلامي، هذه الإشارة تصحبها دائماً لقطة "الإرهاب"، فالإرهاب صناعة عربية إسلامية خالصة أما سكان القارة الجديدة، وأوروبا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية فهي شعوب نقية بريئة من هذه اللفظة وتبعاتها.
تحت هذه الكلمة، وفضائها الفضفاض وضعت الولايات المتحدة قائمة سوداء تضم دولاً، وشعوباً، وجمعيات، ومنظمات، وأفراداً، تسهم بالإرهاب، وبالتطرف وبالتشدد وهي أوصاف شائعة في الإعلام الأمريكي دائماً، وزادت بشكل شاسع بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م في صحف مثل: نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ويو.اس.ايه تودي، ومع أن صحيفة مثل نيويورك تايمز لها مصداقيتها الموضوعية إلا أنها في موضوع مثل هذا، يتعلق بالعرب والمسلمين، كريمة جداً في إضفاء الألقاب والنعوت.
إن الولايات المتحدة تستخدم هذه الكلمة المحببة للاستعمار "الإرهاب" والتي استخدمها الانجليز الذين احتلوا الهند، والعراق، ودول الخليج واليمن ومصر والسودان وعدداً كبيرا من الدول الإسلامية، واستخدمها الفرنسيون في المغرب والجزائر وتونس وسوريا ولبنان، واستخدمتها ايطاليا في ليبيا والصومال، تستخدم أمريكا هذه الكلمة لاسكات أي صوت رافض لسياساتها ضد العالمين العربي والإسلامي، وسياستها المنحازة لاسرائيل حقاً وباطلاً، اسرائيل المصنوعة بأيد استعمارية وبرعاية أمريكية غربية، اسرائيل التي اغتصبت أرض فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية معاً.
لن نستطرد كثيرا فالمسألة معروفة للجميع لكن مايعنينا هنا هو ان أمريكا، مدفوعة بحقد ثقافي تاريخي، لأنها دولة بلا تاريخ أو حضارة إنما نشأت على أنقاض الهنود الحمر أصحاب البلاد الأصليين.
ان أمريكا تصنف العرب والمسلمين بتصنيفات شتى منها: الدول المارقة، الدول الراعية للإرهاب، الدول المعتدلة، الدول المتطرفة، الدول المتشددة، الإرهابيون، الرجعيون، السلفيون، المتشددون، الجماعات الإسلامية، الجماعات الأصولية، الناشطون، جماعات العنف، جماعات الإسلام السياسي، محور الشر، أعداء الديمقراطية.
هذا غيض من فيض من تصنيفات أمريكا، وهي تصنيفات تهدف إلى إسكات أي صوت مقاوم، وهي تصنيفات تستخدمها اسرائيل أيضا في توصيف مقاومة الشعب العربي الفلسطيني.
ومؤخراً وفي العراق المحتل قبضت أمريكا على 74 شخصاً بتهمة "التعاطف" مع المقاومة، "التعاطف" أصبح تهمة لدى راعية الديمقراطية في العالم فماذا لو تعاطفنا مع الهنود الحمر الذين يطالبون بحقوقهم في أمريكا نفسها؟
إن هذه التصنيفات تهدف لبعثرة وتشتيت الشعوب العربية والإسلامية، سياسياً وفكرياً وثقافياً، ولا يصبح في الساحة سوى المؤمنين بثقافة: "الهامبورجر".
إن أمريكا تتدخل في المناهج التعليمية، وفي طرق الحكم والنظم السياسية والاقتصادية والثقافية للشعوب العربية والإسلامية، وهي اليوم تتدخل عسكرياً وتحتل بلدين مسلمين: "أفغانستان" و"العراق" وتعيد تارة أخرى زمن الاستعمار، وهي اختارت بلدين "منهارين" سياسياً واقتصادياً بفعل الحروب والحصار لتقدم "انتصاراً" مزعوماً وغير حقيقي للعالم.. فعلى من انتصرت أمريكا؟
ومن المثير للعجب ان قائمة أمريكا السوداء للإرهاب قائمة معترف بها عالمياً، وتعمل الدول لها ألف حساب حتى لا تدخل في هذه القائمة التي تنشرها أمريكا سنوياً، وتكافئ بها دولاً فترفع اسمها من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وتجازي بها دولاً أخرى فتعاقبها بوضع اسمها في القائمة، ولاندري بالضبط من أوكل لأمريكا ان تقوم بذلك، وأن تجعل من الكونجرس محكمة لمعاقبة الشعوب. إنها القوة الغاشمة، والسلطة المهيمنة.
ماذا يبقى إذن من قوة لدى الأمم المستضعفة؟
إنها الثقافة، والتاريخ.. إنها العقيدة.. عقيدتنا، وقرآننا الكريم، وثقافتنا، وتاريخنا، وحضارتنا هي آثارنا الباقية، إذا تم استثمارها بشكل حقيقي وفعال لامظهري وسطحي، ستكون لنا حظوظنا في وسط الأمم الغالبة.. ولا غالب إلا الله.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|