ماذا عساي إذا كتبت أقولُ |
وأنا كفيفُ الفكر فيك جهولُ |
قيدُ البلادة حزّ رجلَ نباهتي |
حتى استحال على النهى المعقولُ |
وأتيتُ يدفعني انتفاخُ توهّمي |
فإذا أنا عند الحديث ضئيلُ |
قصرتْ حبالي عن بلوغ مطامحي |
لا بأس فهي كذاك حين تطولُ |
الشعر أنثى كنتُ قبل أعولُها |
واليوم لي بعد الفراق تعولُ |
ويروزُ ذهني فيك كلَّ سمينة |
فإذا بأبلغ ما يُقال هزيلُ |
لك يا أبي في القلب ألفُ قصيدةٍ |
أما اللسانُ فانه مغلولُ |
أتموتُ أنتَ وفي القلوب مشاعرٌ |
أتموتُ أنت وفي الرؤوس عقولُ |
سوط الفراق لسوف يجلد مهجتي |
فطريق أحزاني عليك طويلُ |
إني دفنتك ها هنا في مُهجتي |
قبل التراب فما طواك رحيلُ |
ليلُ الفجيعة ما يزال يزورني |
وطء الزيارةِ في الفؤاد ثقيلُ |
أبتي الحروف هنا سترجف خشية |
وهنا الكلام ولو يعزُّ ذليلُ |
مالي أرى دمعي إذا ألبستُه |
ثوبَ الجفون تمرُّ بي فيسيلُ |
ما بين جنبيَّ الفراقُ مؤججٌ |
لهبُ الفجيعة للقلوب أكولُ |
من نور وجهك يا حبيبُ تعلمتْ |
شهبٌ وتلمذ نفسه القنديلُ |
فقدتك مئذنةٌ فما أنا قائلٌ |
لو ساءلتني والدموع تجولُ |
يرثيك محرابٌ ودمعُ عيونه |
نهرٌ وفي القلب الجريح ذهولُ |
لغتي تعاتبني وتمقتُ صحبتي |
وكأنني عن ضعفها مسؤولُ |
كلُّ القصائد ما شفت لي غُلّةً |
كلٌّ القصائدِ يا أبي تعليلُ |
رعدُ القصائد في رثائك همسةٌ |
برقُ القصائد في رثاك كسولُ |
الصبرُ يغرقُ في مرارته فمي |
لكنه في النائبات جميلُ |
مَنْ مِنْ أبي في الناس أطولُ هامةً |
مُهر البلاغةِ دونَه مشلولُ |
أتصيّد المعنى فتخفق أسهمي |
يا والدي إن الكلام جفولُ |
ورأيتُ وجهك حين موتك مشرقاً |
وكأن وجه الموتِ منك خجولُ |
قلبي يعاقرني الهمومَ قصيدةٌ |
والقلبُ حين يقولُ فهو يُطيلُ |
كالطفل تأخذني العواطف من يدي |
لأبي ولكن ما إليه سبيلُ |
وحدي هنا أقتاتُ حنظل لوعتي |
ما كلَّ قلبُ الحزن حين يكيلُ |
يا أيها المخبوء بين جوانحي |
خيلُ الحنين لها عليك صهيلُ |
يا أصدقَ الأحباب بعدك بسمتي |
زيفٌ وإن بشاشتي تضليلُ |
أفنى جراد الحزن قمح مشاعري |
وذوت بصدري للسرور حقولُ |
يا فيء روحي والهجير يلفني |
ما عاد لي بعد الرحيل مقيلُ |
أنا ما كبرت لمن تراك تركتني |
وكثيرُ غيرك يا حبيبُ قليلُ |
خذ وجهك المحفور فوق ملامحي |
فان استطعت فمن دمي ستزولُ |
هذا رثائي لا رثاؤك يا أبي |
الحي أنتَ وإنني المقتولُ |