لِمَ لا تتحدث المرأة عن نفسها؟!
|
المكرم الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية وفقه الله فهذه مداخلة على ما قاله الأخ خالد عمر مرعي في ملحق (المجلة الثقافية) ليوم الاثنين 121425هـ تحت عنوان (إبداع المرأة وسطوة الرجل) آمل أن تحظى بالقبول والرضا:
أولاً: لا شك في أن المرأة قد قطعت شوطاً كبيراً في سبيل الوصول إلى الصفوف المتقدمة في كل المجالات، وما ذاك إلا لجهدها وكفاحها وتوفيق الله لها أولاً وآخراً ، ولو لم يكن منها تلك المبادرة وذلك الاجتهاد لما وصلت بإذن الله إلى ما وصلت إليه وغير أنه يبقى لنا إشكالية دائماً مع كثيرٍ من الكاتبات وكثيرٍ من الكتّاب وشريحة لا بأس بها من القراء وهي أنهم ينسبون كل نجاح للمرأة ما هو إلا نتيجة لقهرها للرجل وصراخها في وجهه مطالبة بحقها ولو لم تفعل ذلك لكان مصيرها التهميش والإقصاء، وأي اخفاق للمرأة ينسبونه إلى ظلم الرجل وإلى استبداده وخوفه من نجاح المرأة خشية أن تنافسه في ميادين المعرفة والإبداع، إذن كل هؤلاء يقفون على طرفي نقيض، فإما مبالغ في نرجسيته وإما متشائم، وليس هناك من وقف موقفاً وسطاً، وهنا تضيع الحقيقة التي من شأنها تنصف الرجل وتدفع عن عوادي الأقلام والألسن الحداد التي ما تزال تفري لحمه وتبري عظمه.
ثانياً: كنت أتمنى أن يقول تلك الكلمات وتلك العبارات المرأة نفسها لا أن تكون صادرة من رجل في حق أخيه الرجل وليس في كلامي ما يوحي بانحيازي له ولكني أردت أن يكون الدفاع من المرأة ذاتها حتى تكون العبارة صادقة ونابعة من قناعة، لكن كيف لي أن أناقش رجلاً رمى بكل أسلحته في وجه الرجل ونفض يده من كل علاقة تربطه بأخيه الرجل، وانحاز كلية إلى صف المرأة، فمثل هذا كيف لك أن تقنعه بكلامك؟
ثالثاً: قد لا ألوم الأخ خالد مرعي على تلك الموشحات التي ساقها انتصاراً للمرأة دون وعي أو إدراك، فاختياره الجمل الرنانة والعبارات الطنانة دليل على أنه يحاول التقرب بها إلى الجنس الناعم ليسمع بعد ذلك عبارات الثناء وعبارات التمجيد.. وأنا أبشره من الآن بأنه قد دخل إلى أبواب الشهرة من أوسع أبوابها لأن الحديث عن المرأة مدحاً أو ذماً هو السبيل السريع إلى هذا، وسوف نرى ذلك وما عليك إلا الانتظار.
رابعاً: لقد ملأ أخونا خالد مرعي مقاله بألفاظ كلها شتم وتقريع وتبكيت في حق الرجل.. وفي المقابل أغرق وبسخاء فاق سخاء حاتم الطائي في مدح المرأة وأفرغ عليها من العبارات ما يجعلنا نضع علامات استفهام بحجم الكرة الأرضية (لماذا كل هذا يا هذا؟؟) وهل المرأة الآن مقطوعة اللسان حتى تنبيك متحدثاً عنها؟ أين هذه المرأة التي تتحدث عنها؟ لماذا لا تتكلم هي عن نفسها؟ فوالله لو تكلمت لما جاءت بربع أو نصف ماجئت به، لكن الذي يتقرب إلى الآخرين دائماً ما يتملقهم بعبارات الثناء والتبجيل، فما بالك إذا كان هذا المتقرب منه امرأة؟ لا شك أن الموسوسين وضعيفي الإرادة والمنكفئين على ذواتهم يرون أن سطراً أو سطرين لا يكفيان لتحقيق الغرض، فهم كلما قالوا كلاماً رأوا أن غيره أقوى وأبلغ وهكذا حتى يمتلئ مقالهم بالمدح والثناء دونما وعي أو إدراك وإنما هي جعجعة نسمعها ولا نرى لها طحناً ولا عجناً ولا خبزاً.. مسكين أنت يا خالد كيف أجهدت نفسك في البحث عن كل تلك الألفاظ وتلك الجمل في قواميس اللغة إن كان ما ذكرته مكتوباً في قاموس إلى درجة يصلح مقالك ليكون مرجعاً للسخرية من الرجل والتهكم به، فهنيئاً لك كل هذا، وهنيئاً للمرأة أن وجد في الساحة الأدبية والثقافية مثل الأخ خالد مرعي يدافع عنها بكل هذا الاندفاع وهذه الحرارة فلتنم قريرة العين ولتعلم أن هناك عيوناً تسهر للذب عنها ولتلقي الطعنات نيابة عنها.. هل أزيد؟؟ لعل هذا يكفي.
عبده محمد علي جمَّاح الحمدي المدينة المنورة
abdomh@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|