على ضفاف الواقع جاء الفراق بديهياً.. كدمعة غادة عبدالله الخضير
|
(1)
الفراق من الوريد للوريد ل غادة السمان:
أن أكون معك..
وتكون معي..
هذا هو الفراق.....
(2)
مباركة تلك القدرة..
على الرحيل..
على الغياب..
على فض الاشتباك بين قلب وقلب.. ومزحة..
مبارك أن النوم الذي كان لا يأتي صار يأتي..
وأن الحلم الذي يفزع صار يفرح..
وأن الصيف الذي كان..
اقتحمه الربيع فتوالد مطراً وزهوراً..
إذن جاء هذا الفراق تافهاً سطحياً مغرقاً في الاعتيادية..
وما كنتُ أريده.. ساكناً كصفحة ماء في ليلة سافرت عنها النسائم..
ما كنتُ أريده عابراً..
ساذجاً..
بديهياً كشمس نهار..
أُفكِّر..
كيف جعلنا الفراق تافهاً هكذا..
أما كان يجب أن نبكي..
أن نتألم..
أن نشعر باختناق الحياة..
بعودة مستحيلة
أما كان لنا مثلاً أن نصلي..
أن ندعو..
أن يكون هذا الفراق..
مزحة..
كذبة..
حلماً..
إغفاءة..
أن يكون أي شيء إلا الحقيقة..
أما كان يجب..
أن أحطِّم كل ما حولي..
أن أهرب من تفاصيل اليوم إلى تفاصيل العمر والذاكرة والحنين والزمن عندما كان للبدايات حياة..
أن نكتب مشهداً ختامياً لمسرحية ساذجة غادرتها الفطنة فجاءت مختصرة معتصرة لحلم وليد.
فلربما منحنا هذا الفراق جائزة ذات يوم لمشهد مضحك بشهادة دمعة وأنين ثالثهما الحسرة..
ربما قلَّدناه وسام شرف رفيعاً..
إنه جاء كرقصة دخان.. راحلة..
إنه جاء كقفزة سمكة صغيرة لامس الهواء رقة جسدها فعادت إلى الماء تحكي رعب الخارج وبرودته..
إذن انتهينا..!!
بسطاء نحن يا أنت..
افترقنا دون ضجيج.. بهدوء مَن يغلق الباب على نائم مرهق متعب.. ويغلق الأضواء قبلاً.. افترقنا في تلك اللحظة التي كان يجب أن نقول فيها جملاً عادية حياتية ربما تساؤولات...!!
صباخ الخير..
صباح النور..
كيف كان يومك..؟
ألا زالت الطرق مزدحمة.. والوصول عملاً إضافياً بحد ذاته؟
لماذا أصبحت فيروز مشاعة وعادية.. وتفسد نكهة القهوة؟
لماذا أصبحت طقساً مشاعاً في أي بداية.. وذكرى صباحية لكل النهايات؟
ولماذا أصبح صوتها (أمس) يفتح للغد مساحات شجن؟
لماذا الليل مسكون بالضجيج.. ومنازل القمر تمر بسرعة كخانة؟
ولماذا النهار مرهق بالعمل فلم نعد ننظر لملامح مَن حولنا ونبتسم؟
لماذا لم نعد نشعر بالوقت الزمن.. بالوقت العمر.. بالوقت الحياة؟
لماذا لم يعد الإنسان يكتب رسائل ود أو رسائل حب أو رسائل عتب واكتفينا بالصمت..؟
لماذا جفَّ ذلك ذلك الحبر النهر وتكسرت أقلام الرصاص كلها لتصبح وقوداً للشتاء؟
لمذا تشاجرنا مع بياض الورق.. وأسرفنا في جعل البوح سراً؟
لمذا لم نعد نجد المعنى الذي يصفنا ويرسمنا ويجعل اللغة نافذة تطل على أحلامنا؟
لماذا ألقمنا الكلمة حجراً صلباً فأفقدناها توازنها.. وألبسناها ثوباً غير ثوبها ربما ليستر تلك التشوهات التي علت الوجه والقلب منها؟
و......
أسئلة كثيرة كانت تدور كرحى بين جوع وجوع تمارسه النفس من حين لآخر
وقلتُ لك: تصبح على خير (عبارة بديهية)
وقلتَ لي: تصبحين على خير (عبارة بديهية)
وجاء الصباح عادياً..
تماماً كما هو الفراق جاء بديهياً كسؤال..
كعلامة استفهام..
كدمعة..
كصمت..
ghadakhodair@hotmail.com
الرياض 11447 ص ب 28688
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|