وبينهما كتابه (2-2)
|
ملخص ما سبق نشره: لو لم يكتبوا هم، لما كتبنا نحن
ذكر ابن عبدربه في المجنبة الثانية قصة «وافية» آثرت منها الاختصار فما وجدت الى ذلك سبيلا لما فيها من شرف القراءة والكتابة،
* * *
أما الذي تزوجت أمه فتكتب إليه: أما بعد، فإن أحكام الله تجري بغير محابّ المخلوقين، والله يختار للعباد، فخار الله لك في قبضها إليه، فان القبر أكرم لها، والسلام.
وأما القراح «الأرض التي لا ماء فيها ولا شجر»، فتضرب واحداً في مساحة العطوف فمن ثم بابه.
وأما أحمد وأحمد، فتكتب حلية المقطوع الشفة العليا: أحمد الأعلم ومقطوع الشفة السفلى: أحمد الأشرم.
وأما المرأتان، فيوزن لبن هذه ولبن هذه، فأيهما كان لبنها أخفّ فهي صاحبة البنت.
وأما الشجّة، فإن الموضحة «التي تبدي وضح العظام، وهي التي تقشر الجلدة بين اللحم والعظم» خمس من الإبل، وفي المأمومة «التي تصيب أم الرأس وهي الجلدة التي تجمع الدماغ» ثلاث وثلاثون وثلث، فيرد صاحب المأمومة ثمانية وعشرون وثلث من الإبل.
قلت «عمرو بن مسعده»: أصلحك الله، فما نزع بك الى هنا؟
قال: ابن عم لي كان عاملاً على ناحية، فخرجت إليه فألفيته معزولاً، فقُطع بي، فأنا خارج أضطرب في المعاش، قلت: ألست ذكرت أنك حائك .
قال: أنا أحوك الكلام، ولست بحائك للثياب.
قال: فدعوت المزين فأخذ من شعره، وأدخل الحمام فطرحت عليه شيئاً من ثيابي، فلما صرت الى الأهواز، كلمت الرخجي «عامل الولاية» فأعطاه خمسة آلاف درهم ورجع معي، فلما صرت الى أمير المؤمنين «المعتصم» قال: ما كان من خبرك في طريقك؟ فأخبرته خبري، حتى حدثته حديث الرجل، فقال لي: هذا لا يُستغنى عنه، فلأي شيء يصلح؟.
قلت: هذا أعلم الناس بالمساحة والهندسة.
فولاّه أمير المؤمنين البناء والمرمّة «أي الترميم» فكنت والله ألقاه في الموكب النبيل، فينحط عن دابته، فأحلف عليه فيقول:
سبحان الله أما هذه نعمتك وبك أفدْتُها.
«لو لم يكتبوا هم، فما قرأنا نحن».. فالكتابة قراءة كما ان القراءة كتابة، أتذكر قوله تعالى: {پَّذٌي عّلَّمّ بٌالًقّلّمٌ . عّلَّمّ الإنسّانّ مّا لّمً يّعًلّمً} ماذا لو لم يصل إلينا ذلك مكتوباً، أكنا قرأناه!
«كتبَ، يكتبُ، كتاباً...»
يبدأ الله سبحانه وتعالى بعد الأحرف الشريفة فواتح سوره بذكر «الكتاب» أربع وعشرين مرة:
{ذّلٌكّ پًكٌتّابٍ لا رّيًبّ فٌيهٌ هٍدْى لٌَلًمٍتَّقٌينّ} [البقرة: 2]. {نّزَّلّ عّلّيًكّ الكتاب بٌالًحّقٌَ} [آل عمران: 3] .
{كٌتّابِ أٍنزٌلّ إلّيًكّ} [الأعراف: 2].
{تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب پًحّكٌيمٌ} [يونس: 1] .
{كٌتّابِ أٍحًكٌمّتً آيّاتٍهٍ} [هود: 1]،
{تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب المبين} [يوسف: 1] ، {تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب} [الرعد: 1] ، {كٌتّابِ أّنزّلًنّاهٍ إلّيًكّ} [إبراهيم: 1] ، {تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب} [الحجر: 1] ، {وّآتّيًنّا مٍوسّى الكتاب} [الإسراء: 2] ،
{الًحّمًدٍ لله الذي أّنزّلّ عّلّى" عّبًدٌهٌ الكتاب} [الكهف: 1] ، {تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب المبين} [الشعراء: 2، {تٌلًكّ آيّاتٍ القرأن وّكٌتّابُ مٍَبٌينُ} [النمل: 1] ، {تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب المبين} [القصص: 2] ،
{تٌلًكّ آيّاتٍ الكتاب الحكيم } [لقمان: 2] ، {تّنزٌيلٍ الكتاب لا رّيًبّ فٌيهٌ} [السجدة: 2] ، {تّنزٌيلٍ الكتاب مٌنّ الله العزيز الحكيم} [الزمر: 1]،
{تّنزٌيلٍ الكتاب مٌنّ الله العزيز العليم} [غافر: 2] ،
{تّنزٌيلِ من الرحمان الرحيم . كٌتّابِ فٍصٌَلّتً آيّاتٍهٍ} [فصلت: 2 3]، {وّالًكٌتّابٌ المبين} [الدخان: 2] ،
{تّنزٌيلٍ الكتاب مٌنّ الله العزيز الحكيم} [الجاثية: 2] ،
{تّنزٌيلٍ الكتاب مٌنّ الله العزيز الحكيم} [الأحقاف: 2] ، {وّكٌتّابُ مَّسًطٍورُ } [الطور: 2].
وفي ذلك «استنطاق» وتذكير بالمعنى الذي يجعل من الكتابة قراءة والقراءة كتابة. القراءة ـ كما أزعم ـ هي «الاستقرار» للنص المكتوب بما لا يقف عند إشكالية معينة، فإذا ما وقفت عندها، تجاوزتها الى فرضية أكثر استيعاباً ووصولاً الى المعنى الذي يتم استنطاقه ليدل على المعنى فيصبح دليلاً {ذّلٌكّ پًكٌتّابٍ لا رّيًبّ فٌيهٌ هٍدْى لٌَلًمٍتَّقٌينّ} [البقرة: 2] . وقد قال سبحانه: {$ّذّكٌَرً فّإنَّ پذٌَكًرّى" تّنفّعٍ پًمٍؤًمٌنٌينّ} [الذاريات: 55].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الى أصحابه وأمراء جنوده:
من محمد رسول الله الى «فلان»، وكذلك كانوا يكتبون إليه: يبدأون بأنفسهم فمن كتب إليه وبدأ بنفسه: أبوبكر، والعلاء بن الحضرمي، وغيرهما كما ذكره ابن عبدربه في استفتاح الكتب، أما ختم الكتاب وعنوانه فان الكتب لم تزل مشهورة غير مُعَنْونة ولا مختومة حتى كتبت صحيفة المتلمّس، فلما قرأها ختمت الكتب وعنونت، وكان يؤتى بالكتاب فيقال: مَن عُني به؟ فسمي عنواناً.
رأيتكَ تكتبُ ما قد قرأتَ
تعيد كتابة ما قد تقادمَ من ذكريات
سمتعكَ تقرأ ما قد كتبتَ
تعيدُ صياغة ما قد تناثر من ذبذبات
وها قد كتبت الذي قد قرأتَ
وها قد قرأتَ الذي قد كتبتَ
فأيّهُمْ أنت ؟
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|