واقع الفن التشكيلي المحلي (12) إبداع المرأة التشكيلي أثرى الساحة رغم تواضع غالبيته محمد المنيف
|
جاءت كثير من التساؤلات حول الإيجاز الذي أشرنا فيه بشكل مختصر إلى الفن النسائي في إحدى الحلقات السابقة مع أن حضور المرأة في الساحة التشكيلية حضور مهم وفاعل وله صدى كبير على المستوى المحلي والدولي ونحن هنا نؤكد هذا الدور ولم نكن بعيدين عن تأثير المرأة أو عن أهمية مشاركتها بقدر ما كنا الداعمين للجيد من الأعمال والمعارض النسائية إضافة إلى ما كنا نسعى إليه من محاولة التشجيع لمعارض ومشاركات لم تكن بالمستوى المأمول في بدايتها إلا أن عشمنا كان وما زال كبيراً في زميلات ورفيقات الدرب التشكيلي في أن يظهرن تقدما وتميزا يتوازى مع المسئولية المنوطة بهن في هذا المضمار الثقافي.
ومع ذلك فإننا لم نكن قادرين على إصدار الحكم أو التطرق للنقد إلا بعد مرور فترة ليست قصيرة على هذا النشاط الذي جاءت غالبيته في فترة لاحقة في عمر المسيرة التشكيلية المحلية باستثناء من تسجل لهم ريادة البدايات حتى تشبعت واكتظت الساحة بأسماء وأعمال الغث فيها اكثر من الثمين وقبل التطرق لبعض الجوانب يجب أن نذكر ما للرئاسة العامة لرعاية الشباب وبعض القطاعات ذات العلاقة بالثقافة أو الداعمة للفن التشكيلي من فضل ودور كبير في دعم ومساندة وتشجيع من لديهن المواهب المصقولة بالدراسة ممن تخرجن من أقسام التربية الفنية بكليات التربية بالجامعات أو كليات التربية التابعة لوزارة التربية والتعليم إضافة إلى الكثير من الموهوبات أو من صاحبات الخبرة من غير المؤهلات فنيا «تربية فنية» ممن جئن في سياق الفرصة رغم افتقادهن للكثير من شروط نجاح العمل أو المعرفة بأبعاد الإبداع التشكيلي وتوقف معرفتهن عند حدود ما تلقينه من دروس لمبادئ الرسم والتشكيل ومحدودية ممارستهن لها لتحقيق درجة النجاح ليس إلا.
لهذا فالواقع العام لوجود المرأة في الساحة التشكيلية شابه الكثير من الاختلافات والتنوع في مستوى الأعمال المشاركة في المعارض وكان الاندفاع غير المنظم يقابله الأبواب المشرعة دون تقييم أو وضع شروط فرصة لإقبال غالبية من في الساحة مع أن ما يقدمنه من أعمال لا يصل إلا إلى الحد الأدنى من مواصفات ما يمكن أن يصنف عملا تشكيليا.
ومن المؤسف أن الكثيرات ممن أدرجن ضمن هذا الزخم من الأسماء لم يكن أي منهن يتابع أو أن لديهن أي معرفة بما تحقق لهذا الفن من تطور وتنقل من مراحل إلى أخرى ولهذا تأتي اعمالهن في سياق التجربة الذاتية واحيانا الفطرية.
وقد يرى البعض أننا في كثير من المواضيع أو المقالات التي نشرت في هذه الصفحة يستخدم فيها الأسلوب الحاد تجاه الفنانات والإكثار من النقد أو كشف نقاط الضعف مع أننا وبما نطرحه من وجهات نظر الهدف منها تقويم ما يمكن تقويمه خدمة للساحة بعيداً عن المجاملة عودا إلى ما آل إليه واقع المعارض والمشاركات «الرجالية» وخوفا من ان تكون الخطوة النسائية مشابهة قد ينتج عنها ما يحدث دوامة أو زوبعة يصعب على المعنيين بهذا الفن الخروج منها.
لهذا فالحديث عن الحضور التشكيلي النسائي وكما تطرقنا له سابقا وانطلاقا من أهميته واعتباره النصف أو الجزء المكمل مع إبداع الرجل لتشكيل المسيرة التشكيلية المساهمة في بناء جسد الثقافة ما يدفعنا للمطالبة بإعادة النظر وفق شروط تضمن سلامة السبل التي تحقق الهدف. فالفن التشكيلي حاليا وبعد هذه المرحلة التي قطعها وحقق فيها تميزا ونجاحا في الكثير من المحافل الدولية بما يقدمه النخبة من المتميزين والباحثين في مجالهم فكرا وتقنية من الفنانين باعتبارهم الأكثر حضوراً وفاعلية ومن بعض الفنانات اللاتي وضعن بصمتهن بجدارة وثقة واصبح لهن اثر واضح المعالم ما يدفعنا لعدم العودة للكيفية أو الطريقة المرتجلة التي دخل بها الكثير منهن بما يحملنه من تدن في أعمالهن شكلا ومضامين، فالقضية لم تعد تشجيع أو مجاملة أو تحصيل حاصل وخصوصاً ان هذا الفن الآن أمام مرحلة جديدة بعد انضمام الثقافة إلى وزارة الثقافة والإعلام وما تحمله الأيام من آمال تحقق الأحلام وتتوج المسيرة السابقة وتضع لها الأطر المناسبة مما يعني الحاجة إلى إيجاد مسارين متوازيين أحدهما يأخذ فيه الاعتبار للأعمال والمستويات البارزة والمتوافقة مع ما ينبغي ان تظهر عليه إبداعات الفنانات ومسار آخر يتاح فيه المجال لاكتشاف المواهب أو القدرات المستحقة لأن تكون ضمن من اصبحن في الواجهة.
لن نتحدث بالتفصيل أو نستعرض أسماء فالمتميزات أو البارزات لا يشكلن إلا نسبة ضئيلة في الساحة مقابل الغالبية التي تحمل الثقة المتناهية فيما يقدمنه من أعمال بأنه لا يقل بأي حال عن مستوى الأخريات ممن لهن حضور مؤثِّر وفاعل وصاحبات تجربة متمكنة وناضجة وهو إحساس يعد من اكبر العيوب التي تكشف عدم قدرتهن على المقارنة وحينما نستعرض ولو بشكل موجز في حال البحث عن أسباب وجود هذا الكم من الأسماء فان الدور الأكبر يقع على الجهات المنظمة للمعارض وفتحها المجال دون شروط أو تقييم صارم لمستوى الأعمال المشاركة وإضفاء صفة الفنانة لكل من يشارك من تلك الأسماء ضمن الكتيبات أو الإصدارات التي ترافق المعارض. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى إشراك الكثير من تلك الأسماء والأعمال في المعارض الدولية وهي جناية حقيقية تجاه هذا الفن وفناناته وفنانيه، ولنا أن نعرج قليلا على تلك المعارض وتلك الأعمال لنجد انها اما تكرار وتقليد أعمال فنانين عالميين ومن البطاقات البريدية أو مجلات الموضة والازياء واما ما يمكن ان تكون أعمال ذات خصوصية، فالفكرة فيها ضعيفة اقرب الى تفسير احلام أو تعبير عن حالات إنسانية أسرية أو محاولات في تسجيل الواقع بسذاجة متناهية يتبعها تدن في مستوى التنفيذ ألواناً وخطوطاً مع سوء في بناء اللوحة، حاول بعضهن الخروج منها بصرعات وتجارب عفوية باستخدام بعض التأثيرات أو اضافة بعض الخامات دون وعي بما يقمن به فنجد من اللوحات ما اضيف له قطع خيش أو أجزاء من مخلفات البلاستيك أو الخيوط والحبال مع ما لحق بأغلب اللوحات في مرحلة من مراحل تجاربهن من ابتذال للمعاجين لإحداث تأثيرات على اللوحة بشكل لم يحقق أو ينتج عنه ما يلفت النظر.
وإذا كنا نعذر الجميع في عدم وجود ما يمكنهن من تلقي الخبرات والتجارب على أسسها الصحيحة فعلى من يعنيه الأمر من الجهات المنظمة للمعارض تحمل مسؤولية ما يمكن أن ينتهي إليه مثل هذا التساهل وغض الطرف عن الاعمال أو المستويات الضعيفة.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|