عبدالعزيز صالح الصالح
تعتبر المساواة بين البشر ركيزة من الركائز الاجتماعيَّة الأصيلة في المنهج الإسلاميِّ يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه: {يا أيها النَّاس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء} سُورة النساء آية «11». ومنذ الأصل والنشأة، كانت المساواة أصيلة في المنهج الإسلاميِّ، ويمثل ذلك الأمر نبي الأمة مُحَّمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه أقوى وأوَّل تطبيق حيّ لهذه الركيزة في الإسلام. كان عليه الصَّلاة والسَّلام يمشي في طرق المدينة المنوَّرة، وبين أسواقها، ومع أهاليها صغاراً وشبابا وكباراً، أغنياء، وفقراء كان بسيطاً في ملبسه ومأكله، لا يمتاز على أحد من البشر بشيء، فهو يأكل ما تيسر له من الطعام المباح إذا وجد، ويكتفي بحبات من التمر إذا لم يجد غيرها.
يجوع كما يجوع الآخرون، ويشبع إذا شبعوا... يعيش وسط النَّاس كافَّة كواحد، يتحدث الى كل من يريد أن يستفسره في أمر من الأمور، ويتحدث معهم ويداعب أطفالهم بكلام يناسبهم. وأخذ كل المسلمين - يقتدون بسيرة سيِّد الأمَّة عليه الصَّلاة والسَّلام - لم يمارسوا المساواة شعاراً نظرياً فقط، ولم يتاجروا به كما يتاجر الماديون وإنما مارسوها حقيقة معايشة ممتدة إلى داخل أنفسهم، تتجرد منها نواحي الأثرة الأنفة، والشعور الجاهلي بالتعالي والفوقية الطبقية. وكان الصحابة ينتظرون شيئاً بعد أن سمعوا من رسولهم قوله: {سَلْمَان مِّنَّا أهل البيت} أجل سَلْمَان من أهل البيت لأنَّه عمل صَالح... وكل عمل صَالح هو من دوحة النبوة. فقد ظل سَلْمَان - يتنقل من رق إلى رق قبل أن يبعث النَّبيِّ، فلما أسلم انتقل هذا العبد - بالإسلام إلى حاكم لعاصمة الامبراطورية الفارسيَّة التي كان بالأمس أحد رعاياها. فإن جيش المسلمين الذي يتحلى بالمساواة والعدالة في ذلك الحقبة الزمنية تم فتح مصر على أيديهم وانتصروا على المقوقس وعلى الرومان جميعاً!!!. والله الموفِّقُ والمعين.