عايض بن خالد المطيري
للمرة السادسة على التوالي، تستضيف المملكة العربية السعودية رالي داكار، أحد أصعب سباقات التحمل في العالم، بتنظيم من الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية وبإشراف وزارة الرياضة. هذا السباق الذي انطلق من بيشة وينتهي في الشُبيطة بالربع الخالي، يمتد على مسافة تقارب 8,000 كيلومتر، منها أكثر من 5,000 كيلومتر مراحل. إنه ليس مجرد سباق عادي؛ إنه اختبار مستمر للمتسابقين، يضع مهاراتهم وقدراتهم تحت مجهر التحدي.
لكن ما يظهر على شاشات التلفزيون ليس سوى القمة الظاهرة لجبل جليد من الجهود الجبارة. خلف الكواليس وبحسب التقارير المؤكدة تُدار آلة لوجستية ضخمة تشمل 3,500 شخص، ست طائرات، 11 مروحية، 100 شاحنة، و70 حافلة، تتحرك كمدينة متنقلة تخترق الصحراء الشاسعة من مرحلة إلى أخرى. معسكر البداية في بيشة كان نموذجًا حيًا لهذه الجهود، حيث أُقيم على سهل رملي تحت إجراءات أمنية مشددة، وضم مولدات كهربائية وهياكل ضخمة ومرافق شاملة تغطي كل الاحتياجات اللوجستية.
لك أن تتخيل مدينة متنقلة تضم مطاعم بمساحة 1,600 متر مربع، قاعات ألعاب، ملاعب رياضية، متاجر، ومنصات عرض. هذه المدينة تُنقل بين 12 موقعًا مختلفًا، ويستلزم إعداد كل موقع حوالي عشرة أيام من العمل المكثف. هذا يتطلب تنسيقًا محكمًا بين فرق اللوجستيات، التي تتعامل مع كل شيء، بدءًا من تسوية الأرضيات وحتى تجهيز البنية التحتية للطاقة والمياه.
أما التحديات، فلا تتوقف عند حدود المعسكرات. فرق التلفزيون والإنتاج تعمل ليلًا لنقل معداتها إلى الموقع التالي، بينما يتم نقل أكثر من 500 شخص عبر طائرات مستأجرة كل صباح إلى نقطة النهاية. هذه الجهود الهائلة تشمل جيشًا من العاملين، حيث ينتمي 800 إلى 900 شخص إلى فرق التنظيم والخدمات، بينما يركز الباقون على تقديم الدعم الفني واللوجستي للمنافسين.
لكن مع كل هذا العمل الضخم، لا تزال هناك أصوات إعلامية تسلط الضوء بشكل مفرط على مشاهد فردية، مثل مساعدة أحد المواطنين لمتسابق. رغم أن هذه المساعدات تعد جزءًا من الواجب الوطني وروح الضيافة السعودية، إلا أن تضخيم هذه المشاهد قد يعطي انطباعًا خاطئًا وكأن البطولة تعتمد على جهود ذاتية فقط. لذلك، تقع مسؤولية كبيرة على وسائل الإعلام المحلية في تسليط الضوء على الجهود الجماعية والتنظيم الضخم الذي يجعل رالي داكار حدثًا عالميًا يليق بالسعودية.
رالي داكار السعودية 2025 ليس مجرد سباق، بل هو ملحمة متكاملة تُظهر كيف يمكن تحويل الصحراء إلى منصة عالمية للتحدي والتعاون والإبداع. إنها قصة تُكتب بحروف من إرادة، وجهود تستحق التقدير.