د.عبدالعزيز الجار الله
عملت المملكة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية 24 فبراير 2022 على وقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات لأن حربا مثل هذه هي مقدمة لحرب عالمية ثالثة ستكون ويلاتها شديدة على العالم، ولا أحد يعلم مدى حجم تدميرها إذا استمرت الأوضاع كما هي، فقد حركت الحرب معها ملفات عدة: ملف امدادات الطاقة، ملف الأمن الغذائي، ملف الاقتصاد العالمي.
فانطلقت المملكة من اعتبارات عدة لوقف الحرب وتعزيز الأمن والسلام العالمي، واستمرار تدفق النفط بأسعار مرضية للسوق العالمية، وعدم الإخلال في شحنات القمح ووضع الدول داخل ضغط الأمن الغذائي، وطرحت المملكة التنمية وازدهار الاقتصاد كبديل للحروب والمنازعات.
ونتيجة لتحركات المملكة السياسية والدبلوماسية التي قادها ودعا لها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد - حفظه الله، في دعوة أطراف نزاع الحرب الروسية والأوكرانية، وأمريكا كطرف ثالث في الأزمة للحوار، استضافت المملكة، في جدة 11 مارس 2025م، المحادثات بين أمريكا وأوكرانيا، بحضور الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ومثل الجانب الأمريكي في جلسة المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، ومثل الجانب الأوكراني مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، وزير الخارجية أندري سيبها، وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف. حيث حققت المباحثات الأمريكية الأوكرانية - جدة 11 مارس 2025 - نجاحًا ملموسًا، بفضل الوساطة الفعالة من السعودية، جمع اللقاء الطرفين في حوار مباشر استمر نحو تسع ساعات، تم خلالها التوصل إلى توافقات عدة بشأن الحلول السلمية للأزمة الأوكرانية. وكان قد أكد بيان أمريكي أوكراني قبول أوكرانيا للمقترح الأميركي لتنفيذ وقف إطلاق النار.
وقبل لقاء جدة كان قد انطلقت المباحثات بالرياض بين وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في الرياض 18 فبراير 2025 بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي ماركو روبيو. بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اللقاء يأتي في إطار مساعي المملكة لتعزيز الأمن والسلام. و المباحثات تهدف إلى إعطاء دفع للعلاقات بين موسكو وواشنطن، ووضع الأساس رسميا لمفاوضات حول أوكرانيا، تمهيدا لقمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب في السعودية لاحقا.