مشعل الصخيبر
تباينت آراء بعض الرموز الثقافية والأسماء الكبيرة في عالم الثقافة والإنتاج والنقد الأدبي في السعودية لأسماء كبيرة ومعروفة على مستوى الخليج والوطن العربي، وفي مقدمتهما الدكتور عبدالله الغذامي أكاديمي وناقد أدبي وثقافي سعودي وأستاذ النقد والنظرية في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، بجامعة الملك سعود بالرياض ومنح جائزة شخصية العام الثقافية من جائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2022م تقديراً لجهوده المتميزة في ميدان النقد الثقافي ودراسات المرأة.
والدكتور سعد البازعي ناقد أدبي ومؤلف ومترجم رئيس جائزة الأدب الأكثر انتشارا، عضو هيئة الأدب والنشر والترجمة بوزارة الثقافة حول روايات الروائي السعودي الأستاذ أسامة المسلم بين مؤيد لإنتاج الروائي المسلم وبين منتقد.
سأعود قليلاً قبل الشروع في كتابة هذا المقال عن الشاب السعودي ابن الأحساء بلد النخيل والشعر والشعراء، حدث قبل عدة أشهر في أحد معارض الكتب، وتحديداً في المغرب تزاحم شديد وتدافع على روائي سعودي من أجل الحصول على توقيع من الكاتب والتقاط صور معه، وأدى ذلك التدافع حتى أنه تم إغلاق المعرض من شدة الزحام، فأصبح الروائي المسلم حديث الشارع الخليجي والعربي واستضافته العديد من القنوات الفضائية والصحف ووسائل الاعلام المختلفة، وأصبح حديث الناس، واتضح أنه شاب سعودي لديه 32 عملا روائياً، فأصبحت رواياته تشهداً إقبالاً حسب الذي يعملون في المكتبات.
كاتب هذا المقال له اهتمام بالجانب الثقافي؛ حيث اطّلعت على روايته «خوف» حيث سرقني الوقت وأنا أقرأها حتى تمكنت من قراءتها كاملة فكانت سهلة مستساغة، يغلب عليها طابع الأدب الفنتازي على خلاف بعض الروايات التي كانت تحاول جلب القارئ من خلال إثارة الغرائز، والذي أصبح أكثر وعياً وإثارة مؤخراً تغريدة الدكتور سعد البازعي عبر حسابه في منصة إكس قائلاً: ما يسمى «ظاهرة المسلم» لم تكشف أن وسطنا الثقافي مازال قادراً على إنتاج الفقاقيع السردية، وإنما أيضاً على إنتاج الفقاقيع النقدية، واستمر الدكتور البازعي في نقده لأعمال المسلم من خلال لقاء أجرته معه إحدى القنوات الفضائية مؤخراً، وقال: أنا الذي أريد أن يؤصل للأجيال الجديدة روائيين جادين مثل أميمة الخميس، عبده خال، بدرية البشر، هؤلاء يكتبون روايات جادة حقيقة على مستوى نجيب محفوظ أتكلم عن الرواية الحقيقية وليست رواية الفنتازية، واصفاً روايات الروائي الأستاذ أسامة المسلم بالأدب البسيط السهل الذي لا يحتاج إلى تفكير؛ لأنه كله جن وعفاريت وناس تلاحق بعضها وإثارة، وهذا طبعاً جاذب، مبيناً أنها خالية من الأفكار عباره عن أعمال سردية مثيرة فتنازيا مؤكداً أن الأدب الفنتازي أدب تسلية وإمتاع، مثل هاري بتر يقرأ أكثر من شكسبير في العالم لكن: هل هو مثل شكسبير؟ لا طبعاً. وعن قراءته لروايات أسامة المسلم، قال: نعم قرأت عدة صفحات ولم أكمل ما وجدت شيئا يستاهل أني أقرأ، وقال إن رواية المسلم خوف تناقش مطاردات إثارة دخل الكهف طلع من الكهف مؤكداً أن الأدب الحقيقي هو الادب الذي يتصل بالحياة ويقدم مستوى سرديا عاليا ويثير شهية القراءة ولا يمكن أن أحلم أن يجي أحد يتزاحم على معرض الكتاب على شأن أنا أوقع له، أنا أروح لمعارض الكتب يجي ثلاثة أو أربعة أشخاص، ويمشون لأني ما أكتب أدب أصلاً أنا أكتب أعمالا فكرية ونقدية، لكن الروائيين الجادين اللي أنا اعتبرهم روائيين جادين ما يجيهم أحد لا يتزاحم الناس على أعمالهم، اكتب شيئا بسيطا وسهلا يجونك الناس.
وقال إن روايات أسامة المسلم لا يعتبرها روايات، الغريب من الدكتور البازعي وهنا لا أقف موقف المدافع عن الروائي المسلم قوله إنه لم يقرأ إلا عدة صفحات وأغلق الرواية كيف يتم نقد رواية وأعمال بلغت 32 رواية وهو لم يطلع عليه أنا من وجّهت نظري كمحب للثقافة وقارئ للكثير من الكتب والروايات، إن الدكتور البازعي مع احترامي لتاريخه الطويل ومكانته الثقافية في الوطن العربي قسا في نقده للروائي المسلم، وليس من المعقول 32 رواية لا تعد عملاً روائياً حتى الروائيين العالميين قد يكون لهم رواية لا ترتقي لأسمائهم الكبيرة، فلو نظرنا لرواية الروائي الروسي دوستوفيسكي «الليالي البيضاء» ببساطتها وسهولة قراءتها وقلة صفحاتها لو كتبها روائي شاب للقي هجوماً ووصف عمله بأنه ليس عملاً روائياً، ولكنها لا تقلل من أعمال وروايات الروائي الكبير الراحل دوستوفيسكي، ولنعد إلى تباين وجهات النظر عن إنتاج المسلم الروائي حيث كتب الدكتور عبدالله الغذامي مقالاً قال فيه (وأخذتني الرواية. يقصد رواية خوف حتى آخرها، وصدقا لقد وجدت فيها متعة ولمست فيها ظاهرة ثقافية تشير إلى ذائقة جيل شاب عبر عنها الجيل بالتزاحم والإغماءات، وبذل الوقت والمال معا من أجلها، وهذا انتصار للكتابة في زمن ظننا أن الكتابة والكتاب والنص المبدع تتعرض للتهديد القدري، ولكن الكتابة تنتصر لنفسها كما انتصرت ألف ليلة وليلة لنفسها ضد تسلط المؤسسة عليها وتحررت من القمع والتحقير، وانتصار هذا النوع من الكتابة هو صيغة من صيغ تحقق مصطلح (الفصحى المحكية).
في النهاية، فالحدث يكشف عن شهادة الجيل على لغته التي تعبر عنه وتمثل ذائقته وهي ثورة احتجاج على النص النخبوي الذي تسبب في عزوف الجيل عن القراءة حتى لتوهمنا أننا أمام موت الكتاب والكتابة. وكل ما نحتاجه الآن هو ألا نستعيد خطيئة أسلافنا حين قتلوا ألف ليلة وليلة، وعلينا أن نعترف أن الكتابة تنتصر على قامعيها وتعرف كيف تعلن عن نفسها بأصدق صور التعبير وأكثرها تلقائية، كما حدث لتزاحم الناس وإغماءاتهم حيث تتقطع الأنفاس لتكتب لغتها الخاصة وتدشن نصها المختلف، أتمنى كغيري من المهتمين بالأدب والثقافة والرواية من الجنسين أن لا ينتابنا القلق والخوف أن نتعرض لهجوم عندما يكون لدينا عمل روائي، فنخبوي نقاد الأندية الأدبية كسر حاجزها انتشار المقاهي والصوالين الثقافية التي تكتظ بعشاق الثقافة ومحبي القراءة من الجنسين، وهذه النقلة النوعية قادها سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود والشركاء الأدبيون من ملاك وأصحاب الكافيهات المنتشرة في السعودية.