رسيني الرسيني
«ويلٌ لأمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تخيط، وتشرب مما لا تعصر» قول مأثور ينسب لجبران خليل جبران. وللسلامة الأدبية البعض ينسبه لغيره، إلا أنني لم أستطع التأكد من ذلك ولا يهمني كثيرًا بقدر اهتمامي بعمق الكلمات وأثرها على الاقتصاد والمجتمع. فكيف نساوي بين مجتمع يستهلك مما أنتجه غيره، ومجتمع يستهلك مما ينتجه أبناؤه، ومجتمع آخر ينتج ويستهلك ويصدر إنتاجه للآخرين. ومن أجل ذلك أكتب بكل فخر عن المشروع النبيل «صنع في السعودية».
المشروع أو البرنامج ينطلق من محور «اقتصاد مزدهر» إحدى محاور رؤية المملكة 2030 والهادف إلى تنمية وتنويع الاقتصاد وبالأخص الصادرات غير النفطية من خلال توطين الصناعات الواعدة. حيث أُطلق البرنامج في عام 2021م كمبادرة وطنية تحت إشراف هيئة تنمية الصادرات السعودية، وإحدى مبادرات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، والذي يهدف إلى جعل السلع والخدمات السعودية الخيار المفضل محليًا وعالميًا، وذلك من خلال تشجيع المستهلكين على شراء المنتجات الوطنية، وتحفيز القطاع الخاص على التصدير خارجيًا.
يستهدف البرنامج 16 قطاعا مختلفا من القطاعات غير النفطية، منها على سبيل المثال: قطاع الكيماويات ومواد البناء والإلكترونيات والسيارات والنقل والسلع الاستهلاكية والأغذية والأدوية وغيرها. بحيث يقدم البرنامج للشركات في القطاعات المستهدفة عدة مزايا أبرزها: الترويج لاسم الشركة والتواصل مع الجهات الحكومية للاستفادة من حوافزها مثل الحصول على التمويل أو التسهيلات الائتمانية وغيرها من الحوافز. بالإضافة إلى تعزيز العلاقات التجارية وتبادل المعرفة والدخول للأسواق العالمية. ومن أجل هذا، بلغ عدد الشركات المسجلة في البرنامج إلى ما يزيد عن 2000 شركة وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن هيئة تنمية الصادرات السعودية.
ومؤخرًا، سعدنا بإعلان وزير الصناعة والثروة المعدنية بانضمام شركة لوسيد رسميًا إلى برنامج «صنع في السعودية» مما يعكس الجهود المتميزة والمبذولة في بناء منظومة متكاملة لصناعة السيارات الكهربائية، ويبرهن على قدرة السعوديين على إنتاج الصناعات المبتكرة بمعايير عالمية، بشكل يتماشى مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي تعمل على تمكين القطاعات الواعدة وجذب الاستثمارات النوعية في الصناعات المتقدمة. وذلك من خلال إيجاد بنية تحتية مناسبة، وسياسات محفزة، بالإضافة إلى الثروة الحقيقية التي تتميز بها المملكة وهي الموارد البشرية الشابة المؤهلة.
حسنًا، ثم ماذا؟
طوبى لأمة تأكل مما تزرع، وتلبس مما تخيط، وتشرب مما تعصر، وتصدر مما تنتج.