فضل بن سعد البوعينين
برغم الجهود الحكومية المعززة لتملك المواطنين منازلهم، والتي أسهمت في رفع نسبة التملك إلى 63.74 بنهاية العام 2023، إلا أن تحديات السوق العقارية ما زالت قائمة، وفي مقدمها تضخم أسعار العقارات، والإيجارات، وفوضى التسويق العقاري وسيطرة الوافدين، من جنسية عربية واحدة، على قطاع وساطة (الظل) العقارية.
تحفيز الشراء من خلال تيسير عمليات التمويل، وإجراء تعديلات تشريعية لمنظومة الإسكان، والتمويل والتطوير العقاري، ساهم في رفع نسبة تملك المواطنين مساكنهم، غير أنه تسبب أيضا بتضخم الأسعار التي باتت أكثر إرتباطا بحجم التمويل المتاح، وإستدامة الطلب المدعوم بالتمويل لا المنفعة أو القيمة العادلة للمساكن.
قدمت المصارف التجارية أكثر من 846 مليار ريال كقروض عقارية بنهاية الربع الثالث من عام 2024، في الوقت الذي قدمت فيه شركات التمويل 28 مليار ريال. أكثر من 874 مليار ريال قدمها القطاع المالي، ساهمت بشكل مباشر بتحفيز الطلب، وتضخم الأسعار في سوق تفتقر الكفاءة، و الكفاية من المعروض الذي يسهم في تحقيق التوازن الضابط للأسعار، وتفتقر أيضا الرقابة الصارمة ومتابعة المتغيرات وضبط التنمية والحد من إنعكاساتها على تضخم الأسعار، ومنع استغلالها من قبل تجار العقار لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب المواطنين.
شكل التمويل المصرفي قاعدة رئيسة لمعالجة تدني نسبة تملك المواطنين مساكنهم، وساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 غير أنه تسبب في تضخم أسعار العقارات وبالتالي الإيجارات، حتى بات المواطن غير قادر على شراء المسكن المناسب، عوضا عن تحمل تكاليف الإيجارات المرتفعة، خاصة في المدن الرئيسة وفي مقدمها مدينة الرياض. ارتفاع مقلق للأسعار، تضرر منه غالبية المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة والمتدنية، وتسبب في خلق تحديات مجتمعية غير مسبوقة، وربما تداعيات قانونية، وأزمات مالية قادمة.
بعد أن حققت وزارة البلديات والإسكان، مستهدف نسبة التملك السكني للعام 2024 بات من المهم معالجة تضخم أسعار العقار من خلال الأنظمة والتشريعات ومن خلال زيادة عرض الوحدات والأراضي السكنية، وتحويل مخزون الأراضي التي تمتلكها الوزارة إلى منح مخدومة للمواطنين لبناء مساكنهم عليها، ما يجعلهم قادرين على توفير ما يقرب من 65 % من التكلفة الكلية للمسكن، المتمثلة في قيمة الأرض، أو التوسع في بناء الوحدات السكنية من خلال شركات عالمية قادرة على الإنجاز السريع وبتكلفة منخفضة وجودة عالية. تقديم الحلول العملية المبتكرة لضبط السوق، وخفض أسعار العقارات وبما يتناسب مع الدخل، وإستنساخ التجارب العالمية التي أثبتت نجاحها في الدول الفقيرة والنامية قبل الغنية، هو ما يحتاجه المواطنون من الوزارة، والهيئة العامة للعقار.
فوضى التسويق العقاري وسيطرة الوافدين على قطاع الوساطة العقارية، ساهم في تغذية التضخم، والتلاعب في الأسعار، ونزع ثقة المستفيدين من السوق العقارية. ممارسات مخالفة للأنظمة تحتاج إلى من يردعها، ويعيد ثقة المواطنين بالسوق العقارية والوسطاء، ويسهم في كبح جماح تضخم الأسعار. تطبيقات العقار باتت مساهمة بشكل مباشر في فوضى الأسعار، وهز ثقة المستفيدين في السوق من خلال التلاعب في الإعلانات العقارية، وعرض أسعار مختلفة لعقار واحد. تحذير الهيئة العامة للعقار من التلاعب بالأسعار لم يعد كافيا، خاصة وأنها تتعامل مع السوق بردة الفعل لما يُنشر من المواطنين لا المبادرة بالرقابة والضبط، وتطبيق الأنظمة الصارمة الكفيلة بضمان الكفاءة والجودة والموثوقية.
المسكن الآمن، هو ما يبحث عنه المواطنون، ومن أهم متطلبات الحياة الزوجية، وتوفير العيش الكريم لأفراد الأسرة، والضامن لتحقيق جودة الحياة التي خصتها رؤية 2030 بأهم برامجها ما يستوجب العمل على توفيره للمواطنين بأسعار مقبولة، وعادلة، تتوافق مع مستوى دخل المواطنين.
بعد أن حققت وزارة البلديات والإسكان أهدافها ذات العلاقة بنسبة تملك المواطنين مساكنهم، بات لزاما عليها تحقيق الأهداف المجتمعية الداعمة لإستقرار الأسر، وفتح أبواب الأمل للشباب والشابات المقبلين على الزواج من خلال معالجتها أزمة تضخم أسعار العقار والإيجارات، وتوفير المساكن بأسعار مناسبة لجميع المواطنين، وفي مقدمهم ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة.