مها محمد الشريف
في عام 2025ستظهر تقنيات جديدة تعيد تعريف استخدام الذكاء الاصطناعي في الكثير من المجالات والقطاعات والصناعات المختلفة، وحددت جوجل استراتيجيتها الذي اعتبرته «حاسماً» بالنسبة لها، حيث تستهدف إعطاء الأولوية لتعزيز تطوير مساعدها الذكي (Gemini) لزيادة حصتها من سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي واللحاق بركب منافسيها، وفي مقدمتهم، ChatGPT التابع لشركة OpenAI. حيث أن الشركة تسعى للوصول إلى نصف مليار مستخدم لمساعدها الذكي Gemini.
وحذَّر الرئيس التنفيذي للشركة، سوندار بيتشاي، من «مخاطر عالية في 2025»، نظراً لما تواجهه جوجل من عقبات تنظيمية بشأن اتهامها باحتكار سوق البحث، إضافة إلى المنافسة الشرسة مع الشركات العملاقة الأخرى، وكذلك التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
فقد شكل عصر التكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصال انطلاقة جديدة للمجتمع الدولي بكافة تفاصيله الأساسية، لأن التغيرات الحديثة تعتمد على التحولات التي تطرأ على أدواتها، فالتكنولوجيا تصنع عالما بأكمله، وهي قادرة على تسريع نمو مجتمع ما أو تأخره، وتُوجه جميع العلوم نحو غاية واحدة وهدف واحد، لبلوغ ذلك الكمال الإنساني الأعظم الذي يوحد كل الأعمال والأفكار في اتجاه هذه الغاية.
وقيادة البشر نحو تطوير المعارف والعلوم في سياق تصور للتاريخ يقوم على نموذج التقدم، وهذا ما دعا إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بالتعاون لبناء اقتصادات المعرفة لخدمة البشرية وإلى تقليص الفجوة الرقمية بين العالمين المتقدم والنامي، ومن هذا المنطلق ستكون المملكة العربية السعودية نموذجا للذكاء الاصطناعي في العالم بحكم مكانتها الرفيعة سياسيا واقتصاديا. وقد أعلنت للعالم تفاؤلها وسعيها إلى أن تبني لمجموعة العشرين بيئة حيوية للخروج بمبادرات ومخرجات تحقق آمال شعوب العالم.
ويقتضي بلوغ هذه الغاية إجابة الدعوة التي دعا لها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتكاتف الجميع والعمل بروح التعاون لرسم مستقبل الذكاء الاصطناعي بما يخدم المجتمعات كافة، فالإنسان يملك جوهراً قادراً وماهية تجعله يشترك فيها مع الجميع، فكلما كبرت الأهداف احتاجت إلى عوامل الربط، والذكاء الاصطناعي يهدف إلى ابتكار الأشياء الصناعية التي باتت تنخرط بشكل توافقي في حركة العالم اليوم.
وفي تحقيق ذلك، انطلقت من الرياض العاصمة السعودية العديد من القمم ومنها قمة عالمية للذكاء الاصطناعي شعارها « لخير البشرية»، ناقشت القمة أربعة محاور رئيسية تغطي اهتمامات قادة الذكاء الاصطناعي عالميا، وهو ما يقود إلى رسم عصر جديد، للذكاء الاصطناعي والقيادة، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، ومستقبل الذكاء الاصطناعي، وكيف سيستخدم في جميع القطاعات، وكيف يغدو كل شيء بالنسبة إليه، فإن الإنسان قد تمكن من تكييف الطبيعة، ومن ثم عمل على تكييف الأدوات.
ومع هذا الواقع الطبيعي أجمع عليه الكثير بأن التقنية سابقة تاريخيا عن العلم، والنجاح هنا يُقاس بالمعرفة العملية لكل العلوم لمواكبتها حتى تقترب نتائجها من الاكتمال.
بما أن العالم أصبح يتجه للذكاء الاصطناعي والحقائق والأرقام وشؤون التكنولوجيا رهن إشارته أصبح أمرا موغلا في التفاؤل، غير أنه تبين أن هذا التطور والتقدم التكنولوجي سيفقد 85 مليون وظيفة تقليدية بحلول 2025 وسيحل الذكاء مكانها وبالمقابل ستتولد وظائف جديدة تعمل على تشغيل الروبوتات والآلات الحديثة، ويسير ذلك باتجاه العقود القليلة القادمة لأن تكون آلات الذكاء الاصطناعي تدير الأعمال مناصفة مع العنصر البشري.
الأمر الذي يدعو المتعلم على فهم مضامين تطور العصر وتحليل مكوناته واكتشاف مقاصده والقدرة على إدراك انعكاسات تطور التقنية على مصير الإنسان الوظيفي، ويؤمن بذلك التحول، كما هو حال الواقع الافتراضي اليوم الناتج عن تطورات التقنيات الحديثة التي جعلت العالم يزداد ترابطاً ويلتقون في أماكن معروفة لدى الجميع ومهد الطرق لإيجاد أنماطا من العلاقات على كافة مستويات التبادل ودلالاته كممارسة اقتصادية ورمزية ورابطة اجتماعية متمثلة في ثورة وسائل الاتصال الحديثة والتي ارتبطت بالأقمار الصناعية والألياف البصرية واندمجت معها.
وكذا الشأن بالنسبة للاتحاد الدولي للاتصالات، فهناك ترابط وثيق بين مكونات التقنية وهو ما ينعكس على الحياة الاجتماعية إذ إن كل شرائحه تصبح ملزمة بمعرفتها، فقد أعلنت مجموعة stc ، التحول الرقمي، عن تسجيل واحدة من أعلى نسب استخدام شبكة الجيل الخامس على مستوى العالم بالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية المتقدمة، حيث إن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح مهما لمواجهة التحديات الأكثر تفاقما في العالم.
ولا سيما أن إحدى مبادرات المملكة الرامية إلى تطوير إمكانات الذكاء الاصطناعي المحلية، ستوفر فرص تدريبٍ متقدمٍ لطلاب الجامعات السعودية والباحثين والمطورين، لتمكينهم من الإلمام بتقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، نظرا لتسلحه بالمعطيات العلمية الحديثة، ويهدف هذا البرنامج المستدام إلى توفير كوادر مؤهلة لتلبية الطلب المتزايد في هذا المجال من قبل مؤسسات القطاعين العام والخاص، باعتباره مصدرا لتطوير التقنية وتمدينها، لذلك تسارع المملكة لدخول عصر الذكاء الاصطناعي لتكون من المستفيدين منه بتنافسيتها اقتصاديا وتعظيم المنافع وفق رؤية 2030، وأن يكون لدينا شركات متخصصة؛ أي نكون منتجين للتقنية وليس مستهلكين لها.