عثمان بن حمد أباالخيل
عبارة في اللهجة العامية (ما شفتك أحسبك جني)، الناس لا تري الجن أما الجن يرونهم، وهذا يعود لسببين هما أن عدد الخلايا المخروطية غير كاف لإدراك لون الجن وكذا حركتهم، والثاني هو أن الجن هم من البعد الخامس، بينما نحن البشر من البعد الرابع؛ لذا يستطيع الجن أن يرانا ويتفاعل معنا، بينما نحن لا نقدر على ذلك لأننا من بعد أدنى مرتبة، خلق الله سبحانه وتعالى الجن من مارجٍ من نار وهو اللهيب الأسود الشديد الحرارة من النار، وهذا ما منح الجن طبيعتهم الفيزيائية والمادية الخفية التي تجعل من الصعب على عين الإنسان رؤيتهم أو تحديد مكان وجودهم.
جاء في القرآن عن شياطين الجن: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ * إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 27)، والحديث عن نظرية الأبعاد الكونية تحتاج إلى مقال منفصل. الجن خُلق من مادة مختلفة عن المادة التي خلق منها الإنسان، الإنسان خُلق من طين كما جاء في آيات القرآن الكريم أو الماء المهين الذي تطور بعد ذلك، وأما الجن فخلق من النار، وأما الملائكة فخلقت من نور.
الجن يتشكلون بأشكال مختلفة فيتصورون بصور الكلاب، ففي صحيح مسلم، الكلب الأسود شيطان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة، كذلك في أشكال البهائم، والحشرات، والطيور.
هناك حيوانات تستطيع رؤية الجن منها الذئب والحمار روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت مَلكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً). (صحيح البخاري، وصحيح مسلم).
هل يخاف الجن من الإنسان الجواب نعم، الاستعاذة بالله من الجن وقراءة المعوذتين وقراءة آية الكرسي وقراءة سورة البقرة وقراءة خاتمة سورة البقرة، وقول «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، وكثرة ذكر الله - عز وجل - والأذان وقراءة القرآن عموماً تعصم من الشياطين.
قصص الإنسان مع الجن كثيرة فهم يعيشون حيث نعيش، هناك تجارب كثيرة ومنها، حوادث سيارات بسبب تدخل الجن أثناء قيادة السيارة، شخصياً أعرف إنساناً تعايش مع الجن في بيته لسنوات دون أن يؤذوه وكان يراهم على شكل خيال. الجن مخاطبون بما خوطب به الإنس من الشرائع، الأصل أنهم مكلفون بما كلّف به الإنس من صلاة كما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56].، الجن فيهم الصالحون وفيهم المبتدعة، وفيهم الكفار وفيهم الفساق، كالإنس، فهم كبقية المخلوقات لهم حياتهم الخاصة بهم، ويتزوجون ويتناسلون.