أحمد بني قيس الشهري
يُعتبر الاختلاف جزءاً أساسياً من الحياة الإنسانية حيث يتجلى في الآراء والأفكار والثقافات والتوجهات ورغم أن هذا الاختلاف يمكن أن يكون مصدرًا للإبداع والتنوع إلا أن سوء التعامل معه يمكن أن يؤدي إلى تداعيات سلبية تؤثر على الأفراد والمجتمعات.
دعونا بدايةً نتعرّف على تعريف الاختلاف، كما تنص عليه الويكيبيديا التي تقول أنه عبارة عن حالة طبيعية تعكس تنوع البشر، يمكن أن يكون الاختلاف في العوامل الثقافية والدينية والسياسية، أو حتى في الآراء الشخصية، هذا التنوع يُعزز الفهم والتفاعل ويُتيح للأفراد التعلم من بعضهم البعض، ومع ذلك فإن سوء التعامل مع هذا الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى صراعات ونزاعات.
ومن علامات سوء التعامل مع الاختلاف التمييز الذي يظهر في تفضيل مجموعة معينة على حساب أخرى؛ مما يؤدي إلى انتشار الشعور بالظلم وعدم المساواة. وثاني علامات سوء التعامل مع الاختلاف العنف والذي يلجأ له البعض نتيجة تغلغل الرغبة في حل النزاعات بالقوة.
أما ثالث هذه العلامات فيكمن في انتشار الشعور بكره الآخرين ورفضهم فقط لأنهم يختلفون معهم أو عنهم مما يُضعف الروابط الاجتماعية بينهم، وآخر علامة من علامات سوء التعامل مع الاختلاف رفض الأفراد الاستماع إلى آراء الآخرين أو التعلم منهم بل وصل الحال لدرجة التعريض بهم والتحريض عليهم مما عطّل النمو الشخصي والمجتمعي.
لذا، فإن من الطبيعي أن تُوجد تداعيات نتيجة لذلك أهمها تفكك المجتمع عندما تتعمّق داخله عوامل الشقاق والانقسام ويصبح لها اليد الطولى ومن التداعيات أيضاً تجاهل آراء وأفكار الأفراد المنتمين لثقافات ومجتمعات مختلفة ما يسبب بالتالي فقد تلك المجتمعات لفرص الابتكار والتقدم والتعايش.
بعد هذا السرد السلبي آن لنا معرفة أبرز الاستراتيجيات المتاحة والقادرة على ضبط التعامل مع الاختلاف بشكل موضوعي وإيجابي؟.
أول هذه الاستراتيجيات تعزيز الحوار بين الفرقاء من خلال فتح قنواته بينهم أياً كانت خلفياتهم الثقافية والاجتماعية، حتى نجعلهم قادرين على المساهمة في بناء آلية يتفقون عليها للوصول إلى قاسم مشترك بينهم يساعدهم على تقبل اختلافاتهم.
وثاني هذه الاستراتيجيات التثقيف الذي يُجسّده نشر الوعي حول أهمية قبول الاختلاف والعمل على تكريس قيم التسامح والاحترام لاحتواء أي خلل يُسببه وجوده وآخر هذه الاستراتيجيات العمل على تعزيز ثقافة تقبل التنوع كقيمة أساسية تُساهم في بناء مجتمع أكثر تكاملًا وتقبلاً للمختلف.
ختاماً، إن الاختلاف جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية ويجب أن يُنظر إليه كفرصة للنمو والتطور وللتحذير من خطر سوء التعامل معه الذي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل كبيرة لا يمكننا تحييدها إلا بتعزيز ونشر ثقافة الحوار وأهمية عدم الخوف من الاختلاف حتى نستطيع خلق بيئة أكثر سلاماً وتعاوناً تساعدنا على المساهمة في تحسين جودة حياة الجميع.