أورنيلا سكر
في الاجتماع الوزاري الخليجي الاستثنائي الـ46 الذي عُقد في الكويت في 26 ديسمبر 2024، أكدت دول الخليج موقفها الثابت في دعم الشعب السوري وتحقيق استقراره. يأتي هذا الموقف امتدادًا لجهود المملكة منذ بداية الأزمة السورية في 2011، والتي ساهمت في المبادرات العربية الداعية إلى حل سياسي يضمن وحدة سوريا وسيادتها.
منذ بداية الأزمة السورية، كانت المملكة العربية السعودية في طليعة الجهود السياسية والإنسانية، من خلال دعم المبادرات العربية والأممية لحل الأزمة. فقد دعمت السعودية المبادرة العربية في 2011، التي طالبت بوقف العنف وسحب القوات من المدن السورية، كما دعمت خطة كوفي عنان والقرارات الأممية مثل اتفاقات جنيف، من أجل تحقيق انتقال سلمي للسلطة في سوريا وضمان استقرارها.
ومع تعنت النظام السوري السابق، استمرت المملكة في تقديم الدعم الإنساني لسوريا، حيث إنها استضافت عددا من اللاجئين السوريين. وعززت هذا الدعم بمشاركة فعالة في المبادرة الأردنية «الخطوة مقابل الخطوة»، التي ركزت على المساعدات الإنسانية، عودة اللاجئين، ووقف تهريب المخدرات، وهو ما يعكس دور السعودية الرائد في التعامل مع الأزمة السورية.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل موقف المملكة العربية السعودية التاريخي والحازم في مواجهة تنظيم القاعدة. فقد كانت المملكة من أوائل الدول التي تصدت لتهديدات التنظيم المتطرف، الذي كان يشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي. منذ تأسيس القاعدة بقيادة أسامة بن لادن في أواخر الثمانينات، وكان لوجود بن لادن في المملكة دور في تصعيد التوترات، إلا أن السعودية اتخذت إجراءات حاسمة وسحبت الجنسية من أسامة بن لادن بعد محاولات عديدة لتحييد تهديداته. وقد كانت السعودية أول من أطلق حملة واسعة ضد القاعدة على أراضيها، حيث جندت إمكاناتها العسكرية والأمنية لتعقب عناصر التنظيم، وهو ما جعلها هدفًا رئيسًا لهم في محاولات استهدافها بأعمال إرهابية. إلا أن المملكة تمكنت من التعامل مع هذه التهديدات بفعالية، وأثبتت قدرتها على حماية أمنها الداخلي والإقليمي.
ولا تزال السعودية تضع مكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله على رأس أولوياتها. هذا الموقف الثابت يعكس التزام المملكة بالحفاظ على الأمن الإقليمي والعالمي، ويترجم إلى دور حاسم في دعم استقرار سوريا من خلال تأكيد ضرورة احترام سيادتها وضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، مع ضمان عدم استخدام الأراضي السورية لتهديد الأمن الدولي.
وفيما يتعلق بسوريا، أكدت دول الخليج، في بيان اجتماع الكويت الأخير أنها ستواصل دعم استقرار سوريا السياسي والأمني. كما تركز المملكة على تعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا لدعم إصلاح الاقتصاد السوري ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى دعم عودة اللاجئين السوريين في ظروف طواعية وآمنة.
المملكة العربية السعودية تظل ركيزة أساسية في الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتستمر في تنسيقها مع الشركاء الدوليين لدعم سوريا في تجاوز أزمتها واستعادة مكانتها كدولة مستقلة وآمنة.
** **
- صحافية لبنانية متخصصة في العلاقات الدولية