د.عبدالعزيز الجار الله
تحولت قاعة افتتاح مؤتمر التوائم المتلاصقة إلى شهود للمنجز الإنساني الذي عملت عليه المملكة منذ عام 1990، كما تحول التوائم أنفسهم إلى شهود عندما أتوا إلى هذه الأرض وإلى هذا الشعب بأمر من القيادة وهم متلاصقون في الجسد والمشاعر والخطوات منهم من التصق بالرأس والأحشاء والقدم، في عمر الأشهر الأولى من أعمارهم ليعودوا لديارهم ومدنهم من أرض المملكة كل يمشي في حال دربه منفصلين ومتحدين بأحاسيس الحب وفيض المشاعر، ثم يأتون ثانية زيارة لنا وهم بعمر الشباب، هؤلاء التوائم هم شهود الإنجازات الإنسانية، عندما قررت قيادة هذه البلاد أن تبادر وتتبنى الاستضافة الكاملة لفصل التوائم لكل جنسيات وأقطار العالم دون تفريق بين الهوية ولون العين ولون الشعر، ولتقدم للعالم جوانب من إرث هذه الأرض وشعبها في فعل الخير المفتوح الذي لا محددات له.
كانت الصورة الجماعية التي جمعت سمو أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر مع بعض التوائم الذين كانوا ملتصقين وهم اليوم منفردين أكبر إنجاز مشاهد وشاخص للأعين والكاميرات، فهي صور تنبض بالحيوية والحياة لا تحتاج إلى إضافات إعلامية ولا مبررات أو وصف، ومزيد من التداعيات والإطالة والتعليقات.
قدم الحفل فيلما قصيرا لحالات التوائم المتلاصقة قبل العملية، وصورة أخرى نابضة بالشباب والإنجاز تخطو منفصلة على مربعات المسرح، منفردة تتبادل التهاني والتوجه لله رب العالمين بالشكر والعرفان لما تحقق لهم من الفصل بعد الالتصاق وعودتهم ثانية من أجل شكر الله لهذه البلاد ثم شكر من قدموا لهم الأيادي البيضاء من قيادة وأطباء وإداريين.
وهذا شكل من أشكال إنجازات رؤية السعودية خلال عقد من الزمن، وأيضا إلى ما ستكون عليه الرؤية عام 2030 من مظاهر الإنجازات التي تبدو شاخصة للعيان في المدن والسواحل وأعالي الجبال الغربية وجبال طويق العمود الجسدي بسلسلة فقراته وسط المملكة.
وكان قد افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، يوم الأحد 24 نوفمبر 2024 م فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة، الذي ينظمه بمدينة الرياض مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالشراكة مع الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية بمناسبة (30) سنة، بحضور المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، ود. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ووزير التعليم، ووزير الصحة، والمدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني، وعدد من الشخصيات العالمية في مجال الطب والشؤون الصحية.
تعد بداية مسيرة العطاء في هذا المجال الإنساني منذ 35 عاما وتحديدا في عام 1990م، وخلال هذه المدة تمت رعاية وتقييم 143 توأما ملتصقا من 26 دولة، وتمكن الفريق من فصل 61 حالة توأم بنجاح، ولديه 7 توائم ينتظرون قرار الفصل؛ مما جعل البرنامج واحدا من أكبر البرامج الطبية الإنسانية المتخصصة على مستوى العالم، والبرنامج الوحيد المتخصص عالميا في فصل التوائم الملتصقة».
توج برنامج التوائم بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله بتوجيه وزارة الخارجية بالعمل على استصدار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون يوم 24 نوفمبر من كل عام يوما دوليا للتوائم الملتصقة.
ولتوثيق هذه الإنجازات تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرة البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة منذ انطلاقته، كما دشن الموقع الإلكتروني للتوائم الملتصقة على شبكة الإنترنت ليكون في متناول العالم. أيضا قدم عرض مرئي لزيارة عدد من التوائم للمملكة، والتقطت الصور التذكارية لعدد من التوائم الذين سبق أن أجريت لهم عمليات فصل في المملكة خلال 30 سنة، مع ذويهم وأعضاء الفريق الطبي والجراحي. وأجرى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية توقيع 9 اتفاقيات مع عدة منظمات إنسانية وإغاثية.