م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - للحداثة ظاهر وباطن.. الظاهر منها الانقطاع عن القديم، وعدم الالتزام بالعادات والتقاليد، والانسلاخ عن الأعراف وكسر المعتاد وتطوير السائد والنمطي، وهذا هو المظهر الخارجي للحداثة.. أما الباطن فيقوم على ثلاثة أركان وهي: العقلانية، والفرادنية، والحرية.
2 - «العقلانية» هي الركن الأساس للحداثة، وتقوم على عدم الاستسلام للمُسَلَّمات مهما كانت ومن أين أتت.. فكل شيء في الحياة قابل للنظر والتفكير والمحاكمة، فإذا لم يكن مقبولاً عقلياً ممكن التطبيق عملياً فهو حتماً ليس حداثياً.
3 - الركن الثاني هو «الحرية»، والحداثة بذلك حررت الفرد من الانقياد للعادات والتقاليد والأعراف وأطلقت لديه حرية الإرادة.. وهذا أدى إلى انفتاح المجتمع طبقياً وطائفياً وتحول المجتمع من مجتمع مغلق إلى مجتمع مدني منفتح.
4 - وأخيراً تقوم الحداثة على ركن «الفرادنية»، وهي حينما تكون الأولوية للذات وقبل كل شيء وأي شيء آخر.. أو كما قال المفكر المغربي «عبدالله العروي»: الحداثة تنطلق من الطبيعة، معتمدة على العقل في صالح الفرد لتصل إلى السعادة عن طريق الحرية.
5 - إذاً أركان الحداثة هي: العقلانية، والفردانية، والحرية.. وهي التي سمَّاها «د. طه عبدالرحمن» روح الحداثة وقسَّمها إلى: الرشد، والنقد، والشمول.. ثم وصف مبدأ (الرشد) بأنه خروج الإنسان من حالة القصور إلى حالة البلوغ أو النضج، ولا يتم ذلك للإنسان إلا بتحرره من اتباعيته وتحقيقه لابتداعيته.. ثم وصف مبدأ (النقد) بأنه الحالة التي تنقل الإنسان من الاعتقاد الخالي من الأدلة إلى الانتقاد المبني على الأدلة، وهذا المبدأ يقوم على إعمال العقل في التمييز بين الأشياء.. ثم يصف مبدأ (الشمول) بأنه الخروج عن حال الخصوص إلى حال العموم، ويستند إلى إرادة التوسع والتعدد.