محمد سليمان العنقري
كثيراً ما يطرح سؤال من غالبية المستثمرين في أسواق المال حول أفضل المراكز الاستثمارية والتي يقصد بها اختيار القطاع الأفضل نمواً، وكذلك الشركات الرائدة فيه فتوظيف المدخرات بأسواق المال هو أحد أفضل الطرق لتنميتها، إذا كان الهدف استثمارا متوسط وطويل الأمد ويراعي فيها المستثمر احتياجاته من هذا الاستثمار إذا كان ببحث عن توزيعات نقدية أو مكاسب رأسمالية، وكذلك مستقبل الشركة من حيث نمو رأس مالها لتوسيع أعمالها بهدف زيادة حصصها السوقية، لكن كل ذلك يحتاج الى قراءة متأنية ومتابعة للتطورات الاقتصادية والتوجهات العامة في كل قطاع من الاقتصاد وعادة ما تمثل الخطط الحكومية للتنمية مؤشراً ارشادياً لعموم المستثمرين سواء ممن يرغبون بتأسيس منشآت أو ضخ أموالهم بأسواق المال.
إطلاق رؤية 2030 يمثل الجانب الذي أرشد المستثمرين لتوجيه استثماراتهم في القطاعات الواعدة تحديداً التي سترتفع بها معدلات النمو لسنوات طويلة بنسب كبيرة مثل التعدين والسياحة والخدمات اللوجستية والتطوير العقاري وغيرها من القطاعات الخدمية، ومن المتوقع ضخ اكثر من عشرة تريليونات دولار أمريكي كاستثمارات بمختلف الانشطة والقطاعات في العقدين الحالي والقادم، وهناك مشاريع ضخمة تم الانتهاء منها والبدء بتشغيلها في مختلف القطاعات إضافة لما سيتم انجازه بالسنوات القليلة القادمة استعداداً لاستضافة فعاليات عالمية كبرى مثل كأس العالم 2034 واكسبو الرياض 2030 وغيرها من الاهداف التي تم الاعلان عن السعي لتحقيقها، ومن خلال هذه النظرة لحجم الانفاق الاستثماري والتنمية بكافة المناطق والقطاعات فإن عدد السكان سيرتفع وكذلك الزوار وحجم الاصول سيزداد، وهو ما يستدعي الحاجة للحفاظ عليها وايضاً لتوفير مظلة حماية تأمينية للافراد والممتلكات عامةً، ويبرز قطاع التأمين للواجهة كواحد من بين أكثر القطاعات المتوقع تحقيق معدلات نمو مرتفعة فيه عطفاً على النمو الاقتصادي المستهدف.
فلا يمكن الحفاظ على هذه الثروات وأيضا توفير الحماية التامينية للمجتمع إلا من خلال قطاع تأمين قوي وهو ما عملت الدولة عليه وانشأت له هيئة مستقلة لتنظيم اعماله والرقابة عليه لرفع حجمه الذي يقارب 70 مليار ريال حالياً وهو رقم يمثل نسبة تقارب 2،2 بالمائة من حجم الناتج الاجمالي غير النفطي لكنها تعادل تقريباً 1،7 بالمائة من الناتج الاجمالي بينما تعد نسبة 5 بالمائة من حجم الناتج الاجمالي هي المعدل الطبيعي في الاقتصادات المتقدمة، وبما أن هناك هدفا للوصول لهذه النسبة في المملكة فإن حجم القطاع مؤهل لأن يتضاعف بأكثر من ثلاث مرات خلال هذا العقد وهو معدل نمو كبير جداً مما يعني التوسع في المنتجات التأمينية لتشمل مختلف الاصول، والذي سيعني زيادة بأقساط التأمين وأيضا هوامش ربح القطاع وقد شهدت أرباح الشركات المدرجة بسوق الاسهم نمواً يفوق 50 بالمائة خلال الفترة الماضية من هذا العام قياساً بالأعوام السابقة مع تحسن أداء الشركات وزيادة حجم اعمالها فالتأمين يعتبر صمام أمان للاقتصاد وللمجتمع ومنافعه كبيرة جداً وتعد شركات التأمين من أهم المستثمرين بأسواق المال أي أن لهم دورا تنمويا اضافيا وليس حماية تأمينية فقط.
لا يخلو اي استثمار من المخاطر والتأمين ليس استثناء من هذه القاعدة لكن عند البحث عن الفرص الاستثمارية بشكل عام فإن المؤشرات حول النمو المستهدف بالاقتصاد وزيادة حجم الاصول والسكان وارتفاع الحاجة لتغطية تأمينية توفر حماية للمكتسبات العامة هو ما يعتبر دليلاً يرشد الباحث عن الفرص الاستثمارية في قطاعات السوق ليضخ جزءا من مدخراته فيها، فدائماً يكون البحث عن القطاع الواعد الذي مازال في بدايات نشاطه، فالتأمين سيشهد طرح منتجات تامينية واسعة وزيادة في تأهيل الكوادر المتخصصة فيه اضافةً لاستدامة التوعية بمنافعه، وكذلك التركيز على المنافسة العادلة بين مقدمي الخدمة ومصداقيتهم التي تعد أهم عامل يزرع الثقة بنشاط التأمين وهي مسؤولية الشركات بالمقام الاول إضافةً لدور الهيئة في حفظ حقوق كل الاطراف والذي صدرت الانظمة واللوائح والرقابة الشديدة لتحقيقه بهدف الوصول لصناعة تأمينية متكاملة.