علي الخزيم
- تطربني لغتنا العربية الفصحى قراءةً واستماعاً؛ وأتلذذ بالاستشهاد بالنصوص والأشعار من مأثور بلاغة العرب، إذ لم تشهد الأمم عَبر التاريخ البشري من هو أفصح منهم بلغتهم النَّقية المُتفردة؛ وزادها شرفاً نزول القرآن الكريم بها كلغة خالدة، وقد يكون هذا جواباً على تساؤل بعض الفضلاء حول تكريسي لهذا المفهوم حول لغتنا حرسها الله سبحانه.
- لو حذفنا حرف (الواو) من العنوان أعلاه؛ لكان لسبق بدأه الدكتور علي بن عبد العزيز الخضيري ابن محافظة البكيرية بالقصيم - حفظه الله - ببرنامجه الإذاعي (قالت العرب)؛ وهو أحد رواد الإعلام والثقافة بالمملكة؛ تشهد له إنجازاته بالإذاعة والتلفزيون وتأسيسه لإذاعة القرآن الكريم، وما قدمه لوطنه من أعمال محل الثناء حين تَسنُّمه مناصب مختلفة بحياته العملية، تضاف إلى مؤلفاته ومساهماته الأدبية الثقافية وغيرها.
- أعود للقول: نعم؛ فأنا أتذوق بلاغة اللغة العربية واستمتع باشتقاقاتها وتفرعاتها البلاغية، وأنا بهذا الشأن كمن يستمتع بمتابعة فنون ومهارات كرة القدم - كمثال - وهو لا يحفظ جُلّ قوانينها وأنظمتها، ولا أجد حرجاً بهذا: فلا يُمكِنني أن أكون تكراراً أو نسخة من سَحبان أو سُهيل بن عمرو أو الأصمعي؛ ويكفيني - وهو أقل الواجب - أن أثابر على تعلمها والبحث عن اللمسات البيانية بالقرآن الكريم وأشهر قصائد العرب وأشعارهم وسِيَر أعلام العرب والمسلمين، قال شوقي مؤكداً أنها من أوثق الروابط بين العرب:
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد
بيان غير مختلف ونطق
- لا أميل للاستشهاد بأقوال وحكم فلاسفة الغرب ولست مأخوذاً بها؛ ولا أعُدّ هذا تحيّزاً أو - كما يقال - من قبيل الانتصار للعرق والقومية، فمبدأ الكراهية والتفرقة أمر آمنت بتجاوزه منذ الصّغر، ولا يعني أني لم ولا أقرأ لهم وعنهم؛ فقد قرأت بطفولتي المبكرة الكثير من أشهر الروايات والقَصص والمؤلفات المترجمة، واختزنت منها معلومات جَمَّة غير أني أكتفي وأفتخر بموروثنا الثقافي والعلمي العربي والإسلامي ففيه ما يُغني ويُثري، وللشاعر السوري الشماس قوله:
أنا لن أخاطب بالرطانة يعربا
أو أستعير مترجمًا لبياني
- هي وجهة نظر آمنت بها ولا أعترض على من يُخالفها، فليس هذا من حقي أو شأني، ولكن بأكثر من مجلس كان التساؤل مطروحاً؟ فكان الجواب هو آنف الذكر دون جدال أو مماراة، وبلا مناقشة تطول وتتشعب وتثير الشحناء والتنافر، فالمسألة ببساطة: إنَّني امرؤ أعشق لغة قومي ولغة أعظم تنزيل من ربّ العالمين سبحانه، ولم أُقلّل من شأن أحد أو انتقصه، ولا ملامة بهذا التوجه.
- ومما يُثير الدهشة أن يَنبري أحدهم ليستشهد بأقوال منقولة عن كُتَّاب ومثقفين غربيين يُشيدون خلالها بلغتنا العربية أجمل وأفصح لغات الكون؛ حتى وإن كان الأمر جيداً فلا يعني أننا نستجدي شهاداتهم وثناءهم على لغتنا، ولا يجب أن نقف مبهورين جداً بهذا التعبير وكأننا مُتعطشون لكلمة مُجامَلة حول جماليات لغة العرب، فإن كان قولهم بسبيلٍ بَحثيّ استقصائي مُنصِف عقلاني فلا بأس به، أما غير هذا فنحن أعرف بلغة الضَّاد الخالدة!