العقيد م. محمد بن فراج الشهري
المخدرات داء عضال ابتليت به البشرية وأصبحت مصيبة المصائب التي لاينفع معها دواء إلا الابتعاد الكلي عن طريقها... لقد دمرت مجتمعات وتسببت في كوارث مهيبة ومخيفة، لاتعدّ ولاتحصى .. لقد يتمت أسراً، وفرقت جماعات، وتسببت في ارتكاب مجازر عائلية، ومجتمعية، وفردية، ولن أدخل في الأصناف والأشكال المهلكة، فهي كثيرة، ومتعددة ومروجوها في ازدياد، لا بارك الله فيهم ولا نجاهم من إثم ما ارتكبوه بحق المجتمعات المسلمة، والمملكة العربية السعودية تعتبر من الدول الرائدة في مكافحة هذه الآفة، وما يقوم به رجال المكافحة، والجمارك من جهود جبارة تذكر فتشكر فقد أوقفوا كثيراً من هذه المصائب وحدّوا من تفشيها، ولاشك أن المملكة مستهدفة منذ زمن من أعداء معروفين وغير معروفين، حاولوا بكل الوسائل اختراع طرق وأساليب لإيصال هذه المصائب إلى شبابنا والحرب مستمرة ومعلنة، ودون أدنى شك أن المخدرات هي دمار الأمم ودمار شبابها وهي موجودة في الغرب أكثر من الشرق ومن يشاهد الوجه الخفي مع الباب الخلفي للدول الكبرى، والمتقدمة يرى بأم عينه مناظر تقشعر لها الأبدان، ولكي نحافظ على شبابنا ومجتمعاتنا لابد أن ندرك إدراكاً تاماً بأننا مستهدفون وأن علينا جميعاً أن نقف بكل ما أوتينا من قوة لمحاربة آفة المخدرات، ومساعدة رجال المكافحة والجمارك، وتوعية الصغار والكبار بهذا الخطر المهلك..
وفي هذه الأيام تنتشر أخبار نوع مهلك من هذه الأنواع الذي يعد من أخطر أنواع المخدرات على الإطلاق ألا وهو (الشبو) فبسبب هذه المادة الملعونة سجلت الأجهزة الأمنية عدداً من الجرائم البشعة لمتعاطي مخدر (الشبو) آخرها شاب قتل أمه وأباه، وأخته، وأخاه، في محافظة القطيف حرقاً، ومصيبة أخرى مشابهة في محافظة رابغ حيث قتل (حفيد) جدته بعد جرعة من الشبو أفقدته جميع إدراكه، وحواسه، وقتل من ربتّه واهتمت بشؤونه، ولم تتوقف مصيبات (الشبو) عند هذا الحد فقد أزهق أربعيني روح صديقه حرقاً داخل سيارته دون رحمة أو خوف أو وازع لماذا؟ لأن هذه المادة تخرج متعاطيها من الحياة إلى أبواب جهنم.
ومخدر (الشبو) ليس مثل أي مخدر فهو الأسرع فتكاً والأخطر على المجتمع استدعى انتشاره إطلاق عشرات التحذيرات من ذوي الاختصاص عن هذه المادة الملعونة، والتي تسبب سرعة الإدمان وبأقصى سرعة، إذ تبين ودون أدنى شك أن هناك من يدمن عليها من أول استخدام، وتعد من أخطر أنواع المخدرات المستحدثة، والتي وجدت طريقاً بشكل مستهدف نحو الشباب، والشابات فهو الأرخص سعراً والأكثر فتكاً، وتدميراً للعقول والأجساد معاً، وحذر الخبير الأمني ومستشار الإدمان الدكتور سامي الحمود، من خطورة هذا الداء مؤكداً أنه يتسبب في قتل، وعنف وانتحار، مشيراً إلى قصص مأساوية حدثت بسبب هذه المادة الخبيثة (الشبو) وأكد علاقة ارتكاب الجرائم المفزعة بتعاطي هذه المادة كونها شديدة الفتك، والتأثير إضافة إلى عدوانية متعاطيها، كذلك أضاف أن مادة ( الشبو) تؤثر في النواقل العصبية وتخترق جهاز الاتصال العصبي وهي منطقة التحكم، والسيطرة بالجسم، وتأثيرها على هرمونات الجسم مضاعف، وتسبب نزعات انتحار على متعاطيها وقتلاً وعنفاً وخروجاً عن أي تحكم.
كما أكدت النيابة العامة أن المسؤولية الجنائية المترتبة على ارتكاب الأضرار الجسيمة للمخدرات، والمؤثرات العقلية تقع على عاتق مستخدمها وكل من شارك في الاستخدام أو تعاطيها، وقالت النيابة، إن مادة (الشبو) المحظورة والمؤثرة عقلياً تعرف باسم الميثافيتامين، وهي مدرجة في الفئة (ب) من الجدول الثاني المرفق بنظام مكافحة المخدرات، والمؤثرات العقلية المدرجة في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1971م التي تعرف بالقائمة الخضراء وتصدر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات.
وأوضحت أن مادة (الشبو) تُعرف بعدة أسماء هي (الشبو) و (الكريستال ميت) و(الايس) و(الثلج) و (جلاس) مبينة أن طرق تناولها تتمثل في الاستنشاق عن طريق الأنف، والحقن، والتدخين، والبلع، وأعراضها فقدان الوزن، والشهية، واتساع حدقة العين، وعدم النوم لفترات طويلة وحدوث حركات لا إرادية بالوجه، ونوبات غضب حادة، وتقلب المزاج، والهلوسة، وتسارع ضربات القلب وجفاف الفم، وشحوب الجلد، وارتكاب جرائم مروعة، ومفزعة.. فهل يعي شبابنا، وشاباتنا وكل من يعيش على أرض هذا الوطن خطر هذه المصيبة الوافدة؟ ويعلم كل واحد أننا إذا لم نتعاون جميعاً في التوعية، والإرشاد ن وأخذ الحيطة كل الحيطة والحذر كل الحذر من هذه المادة الخبيثة وأمثالها فسيكون الجميع أمام أمور لاتحمد عقباها، ولم يعد هنالك مصيبة اكبر من هذه المصيبة التي تفتك بمتعاطيها وتذهب به إلى الموت, لأن هذه المادة وأمثالها تعتبر هي (الدمار الشامل) فهل منا من يرمي بنفسه ومستقبله، وأهله في أتون هذا الدمار؟
لابد من الحد من خطرها وانتشارها بكل الوسائل، والتبليغ السريع عن من يروجها ويستخدمها أياً كان وإلا سيطال هذا الداء كل من يقترب منه وينهي حياته بكوارث مأساوية لاتصدقها العقول وتشمئز منها النفوس، نسأل الله أن يحمي هذا البلد وأبناءه وساكنيه من هذا الوباء وأن يبعد شره عنا وعن بلادنا وأن يجفف منابعه ويهلك مروجيه..