أ.د.عثمان بن صالح العامر
سبق إعلان ميلاد جامعة حائل عام 2005م وجود أربع كليات (المعلمين، البنات، التقنية، والمجتمع) كل واحدة من هذه المؤسسات الأكاديمية كانت في وقتها بمثابة جامعة، والصديق العزيز الشيخ الدكتور: بدر بن عبد الله العردان كان المشرف العام على فرع كليات البنات في ذلك الوقت.
- ومع يقني بأن أبا فارس ليس ممن يهوى المديح، ويعشق الثناء، ويطرب للإطراء، إلا إنني أسجل هنا شهادتي لتاريخ (الرجل - الإنسان)، صاحب الهمة العالية، والعطاء الجزل، والإدارة المتميزة، والشخصية القيادية الفذة، فهو بحق كان من الأعمدة التنفيذية الأساس، والركائز الميدانية المهمة التي قام عليها التعليم العالي (فوق الثانوي) في المنطقة.
- لقد نذر الدكتور بدر نفسه، وأفنى جهده، وأمضى وقته، وبذل ماله، وأرهق ذهنه، وأتعب جسده حتى أمرضه، وقدم جاهه ووجاهته - مع بقية باقية من رفقاء الدرب وزملاء المهنة - من أجل تعليم حائل الجامعي، حين كان باستطاعته فعل شيء.
- كان الناس بعد انتهاء نتائج القبول، يتوافدون على مكتبه من جهات حائل الأربع فيستقبلهم استقبال الكرام، يستقبلهم بالابتسامة التي لا تفارق محياه، والكلمات الطيبة، والوعود الصادقة ومن بعد (القهوة والتمر والشاي والعود) ثم يكلف مكتبه تسجيل من لم يحالفهن الحظ في القبول هذا العام وأخذ صور من وثائقهن، وكذا تدوين الراغبات بالتحويل في قائمة ثانية مستقلة، وقائمة ثالثة لراغبات العودة لمقاعد الكليات، وقائمة رابعة للتوظيف وخامسة وسادسة، وهكذا، ومتى اكتملت القوائم سافر للرياض وجاهد وكابد حتى يحقق رغبات من أوكلوه بالأمر وأنزلوا حاجاتهم بين يديه، يحاول المرة تلو الأخرى، يسلك جميع السبل النظامية من أجل أن يدخل الفرحة داخل البيوت المنزوية المتوارية عن أعين صناع القرار رغبة منه في فعل الخير وجلب السعادة للغير. وكم كانت شفاعاته تجد أذنًا صاغية من قبل أصحاب المعالي والسعادة في العاصمة الرياض لما يعرفه عنه الجميع من تجرد عن الذاتية، وحرص شديد على تحقيق المصلحة العامة في حدود المكان الذي تخدمه منطقته الأكاديمية.
- كان رعاه الله يكلف لسنوات عدة من قبل صاحب المعالي شخصياً للمشاركة في التعاقد الخارجي مع أعضاء هيئة التدريس لجميع كليات البنات في المملكة، وعرف عنه في مهمته الوطنية هذه -مع بقية أعضاء الفريق العلمي والإداري- الحرص الشديد على اختيار الأكفاء المتميزين (علمياً وأخلاقياً وفكرياً) للنهوض والرقي بالشأن الأكاديمي في هذه الموسسات التعليمية المهمة، فكان بحق ممن أسهم في تطوير ونهضة التعليم العالي (فوق الثانوي) ليس في حائل فحسب، بل في جميع مناطق المملكة.
- فضلاً عن اهتمام الدكتور العردان بالشأن الأكاديمي كان حريصاً على إنشاء وتشيد المباني التعليمية لكليات البنات على أحدث طراز وفي أحسن صورة، فكان متابعاً لترسية مشاريع الكليات (الأدبية والعلمية) حتى اكتمل (الحرم الجامعي) الذي فيه اليوم عدد من كليات جامعة حائل والواقع على طريق محافظة بقعاء.
- لقد استطاع هذا الشهم الكريم ابن الكرام أن يضبط بوصلة (العلاقة بين الشخصي والوظيفي) الصعبة، ويصل بطرفي المعادلة الى نقطة التوازن التي معها حقق النجاح الوظيفي والتميز الاجتماعي معاً، فكان وما زال وجيهاً بامتياز، له بصمته في مناسبة المنطقة الرسمية والمجتمعية، كريم الخصال، دمث الخلق، ساعياً في سبل الخير من فك للرقاب، وإصلاح بين الناس، وإعانة على نوائب الدهر. ومن أخص خصاله التي أعرفها عن قرب بره بأمه رحمها الله، وتواضعه للصغير والكبير، واحترامه للجميع، وتقديره الكبير للعاملين تحت إدارته، والكرم والجود والسخاء، وفزعته التي تشهد عليها المواقف، وتبرهن لها المجالس والملتقيات.
لذا ولغيره كثير كان يوم تقاعده نهاية الشهر الهجري المنصرم مناسبة لسرد تاريخه العطر، وفرصة للثناء والشكر، والدعاء والفخر، أقيمت له حفلات التوديع، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بذكر محاسنه وإيراد طرف من منجزاته، وهكذا وإن ترك الإنسان موقعه الوظيفي فذكره الطيب، وسيرته الحسنة، تبقى حديث الركب، وعنوان التميز.
نعم إن سيرة الدكتور بدر بن عبدالله العردان قصة تروى للأجيال، وحكاية يعتز بها كل مواطن مخلص قدم ما يبريء به ذمته عند ربه، ويشرفه لدى قيادته التي تحتفي بكل وطني مخلص في عمله، صادق في ولائه، حريص على أداء الأمانة التي وكلت له وعلقت برقبته، ومقدر الثقة التي منحها إياه ولي الأمر. وصدق من قال (وفيت وكفيت يا أبا فارس) واختم هنا، بالدعاء (للرجل - الإنسان) الصديق العزيز (بدر العردان) بأن يسعده الله في الدارين، ويطيل عمره على الطاعة، ويمتعه بالصحة والسلامة، ويرزقه الأنس والسعادة، وتقبلوا جميعا صادق الود وفائق التحايا، وإلى لقاء والسلام.