عبده الأسمري
تسلق «معارج» الفلسفة وانتقى «مباهج» المعرفة.. مولياً قبلة «اهتمامه» شطر «الأدب» وموجهاً بوصلة «همته» نحو «الفكر»..
أخرج «نزعات» التحليل من عمق الشعور ليطفئ «نزغات» التأويل في أفق «التساؤل» مبحراً في محيطات «التفكر» على «متن» ذاته التي كانت تأنس بالشعر وتستأنس بالمشاعر..
اتخذ من «عزلته» الانتقائية «بيئة» نقية ليخرج إلى «مشارف» الآراء بأفكار بدأت بالانتقاد وانتهت بالسداد بشهادة «نبلاء» كانوا في صفوف «المؤيدين» واستشهاد «حكماء» ظلوا في وصوف «الشاهدين»..
أحب «التمثيل» وعشق «المسرح» واتجه للإخراج وأقام في متون «الثقافة» وامتطى «صهوة» المعارف ولوح بسيف «الشواهد» وانتصر بهيمنة «الدلائل» فكان «الشخصية» المتوجة في قلوب «المتابعين» التي نالت «الرضا» وحظيت بالقبول رغماً عن «تعقيدات» المسائل المطروحة و«ردات» الأفعال المفتوحة.
عاش ممهوراً بإنسانية «بذخة» ومشهوراً بمهنية «فخمة» ورحل مشفوعاً بوداعية «مؤلمة» ومسجوعاً برثائية «عميقة»..
إنه الأديب والمفكر والفيلسوف المخرج الراحل علي الهويريني رحمه الله أحد أبرز الأسماء الأدبية والفكرية في السعودية والخليج..
بوجه حنطي ذي ملامح «مألوفة» تتوارد وسطها علامات «المشيب» وسمات «الطيب» وتقاسيم «نجدية» تعكس «الأصول» وتبرز «النشأة» مع عينين تسطعان بالذكاء وتبعان بالدهاء وأناقة تعتمر «الزي» الوطني المستديم مع كاريزما تتقاطر «أدباً» وتتسطر «تهذيباً» وتعابير «رمزية» تتباهي من إيماءات بصرية وإيحاءات لفظية وصوت جهوري مكتظ بلغة «فكرية» مهيبة تنبع من «مخزون» ثقافي مذهل تتقاطع فيها «نظريات» البحث و«مناظرات» النقاش وعبارات «منفردة» ومقولات «فريدة» تتسامى في «سماء» القول كألحان «أدبية» تكاد ترى بالبصر وفصل خطاب قويم يعتمد على «البرهان» ويتعامد على «الإنسان» قضى الهويريني من عمره عقوداً وهو يرسم «مشاهد» النصح ويجهض «مكائد» الخطأ وينمي «بصائر» التدبر ويؤكد «مصائر» التقصي في مسيرة توشحت بالفن وتكاملت بالأدب واكتملت بالتوجيه في منظومة شخص كان بمثابة مجموعة من «المؤلفين» وبمهابة جمع من «المستشارين» ممثلاً ومسرحياً ومخرجاً وشاعراً وأديباً وباحثاً وفيلسوفاً.
في «البدائع» جوهرة القصيم و»درة» نجد ولد عام 1945 وسط أسرة «وجيهة» وبين عائلة «نبيلة» حيث عاش في كنف أب كريم وأم عطوفة علماه «ماهية» الأخلاق سراً وعلانية.. وتفتحت عيناه على مكارم «الطيبين» في أنحاء قريته وغنائم «الكادحين» في أرجاء محافظته وأنصت إلى «حديث» الاقتداء في مرابع عشيرته وارتهن إلى «وميض» الاحتذاء في أعماق سريرته فتربى على «النبل» صغيراً ليجني «الفضل» كبيراً ثم انتقل مع أسرته إلى «الرياض» التي وصفها بمعشوقته حيث ركض فيها مع أقرانه منتشياً نهارات الشتاء ومعتقاً بمساءات الصيف.
لاحظ «المقربون» من الهويريني أن لديه «طفولة» مثلى اقترنت ببطولة «أولى» كان يجني «غنائمها» بالثناء في مجالس عائلته التي رأت فيه « نبوغ» المهارة و» سطوع» الموهبة وظل يتأبط كشكوله « الملون» في كل أوقاته ليكتب فيه تمتمات «الصغر» ويوقع وسطه «أمنيات» الكبر مبقياً في أوراقة الأخيرة «محاولات» النظم موقعاً على غلافه «الأول» هوية المستقبل..
ظل الهويريني طفلاً يزاحم «كبار» المجالس بقصيدة محفوظة أو حكمة مأثورة مبدداً سكون الليل باستماع «مستوعب» لبرامج إذاعية وثقافية من مذياع أسرته «العتيق» كان يدونها بإتقان ويفهمها بإذعان ليملأ بها ذاكرته «الغضة».
درس تعليمه العام في الرياض والتحق بالمعهد الصناعي وكان في بداية شبابه ملهماً بالمسرح ومولعاً بالسينما ومغرماً بالدراما حيث أرضى «غروراً» انفجر من داخله بالقراءة المستفيضة عن الفنون والاستقراء العميق حول «التاريخ» والانتهال الأعمق بشأن «المجتمع» ثم تسربت في «شرايين» دوافعه أحلام «التفوق» وتنامت في «ميادين» مساعيه آمال «التميز» موجهاً نظراته اللامعة إلى اتجاهات أربعة وأدت «العوائق» وناشدت «الحقائق» حينها قرر السفر للخارج لاستكمال دراسته وطار إلى أمريكا تاركاً بين أحبابه «دموع» الفراق ومبقياً وسط أضلعه «شجون» الاشتياق.. وكان من أوائل المغتربين في الغرب والتحق بكلية كولومبيا حيث درس الإخراج السينمائي ليكون أول سعودي ينال الشهادة من هوليوود ثم عاد إلى السعودية وعمل خلال فترات مختلفة في أعمال منوعة منها الهندسة الإذاعية والإخراجية وشارك بأدوار مختلفة في مسرحيات ومسلسلات كان فيها صاحب «أداء» احترافي وخرج من المجال الفني عام 2009 بعد أن أبقى «سمعة» بيضاء ألبست صفحات «الفن» بواقع الصفاء ووقع النقاء حيث ظل محبوباً من الجميع ومقرباً من الكل..
وجه الهويريني في فترة من «الزمن» النقد المقترن بالجد نحو «الأعمال الدرامية» السعودية وطواقم «العمل» مبدياً قسوة «موضوعية» انطلقت من «وطنية «واجبة» نابعة من «تشجيع» للشباب و«تمكين» للمحترفين و«توطين» للمهن.
خطب الهويريني ود «الفلسفة» فدفع مهرها مقدماً بعفوية الذات وبراءة الهدف وهوية المعنى فنال «احترام» المحايدين وحصد «تقدير» المخلصين .. وظل يطارد بعد نظره في «سباق» نحو «الابتكار» حيث كشف من خلال مجهر «الجرأة» تفاصيل مخفية لعناوين جهرية ومضى يشبع «الفراغات» الجدباء بصيب «الصواب» وفق لغة «الواثق» ومنهج «الموثق».
انتقل الهويريني إلى رحمة الله يوم الخميس 13 يناير 2022 م عن عمر ناهز 76 عاماً وامتلأت منصات «الأخبار» ومواقع «الأنباء» بالنبأ المحزن الذي أبرز «قامته» وأوضح «مقامه» في رثاء أصدقائه ونعي أحبابه وتشييع معارفه وعزاء الخاصة وحزن العامة.. حيث اختصر المشهد في عناوين عريضة من «الثناء والدعاء»..
علي الهويريني الأديب البارع والفيلسوف المبدع والفنان الإنسان الذي حفر اسمه في قوائم «الخبراء» وأبقى إرثه في مقامات «الفضلاء».